لماذا ضرب الله التيه على بني إسرائيل؟ وما هي الشواهد على تيه المسلمين اليوم؟

لماذا ضرب الله التيه على بني إسرائيل؟ وما هي الشواهد على تيه المسلمين اليوم؟

{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24) {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}(المائدة: من الآية26) بعد هذا جاء بالعقوبة عليهم في الدنيا:{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (المائدة:26).

 

أليس هذا وعيداً في الدنيا حصل لبني إسرائيل؟ تاهوا أربعين سنة في صحراء [سينا] لا يبنون مساكن ولا يزرعون.. بالآلاف تائهين مثلما نحن، نحن الآن في حالة تيه، لكن تيهنا تيه فكري، تيه ثقافي نرى المشاكل، ونرى المصائب من كل جهة ولا ندري ماذا نصنع، ويصل الحال بنا في حالة تيهنا أنه متى ما أحد قال لنا: هذا حل أو قولوا هكذا.. سخرنا منه، ماذا سيجدي هذا؟!. لا.. دعنا هكذا. دعنا نتيه. ألسنا في حالة تيه؟.
حتى تتأكد أننا في حالة تيه ـ كلنا نحن المسلمين ـ انظر إلى وسائل الإعلام في التلفزيون تتحدث عما يعمل الأمريكان وعما يعمل اليهود في كل منطقة وعما يعمل النصارى، ثم انظر هل هناك حديث عن حل، أو حديث عن موقف إسلامي أو موقف عربي؟ لا.. تائهين، فقط يهمنا أن نسمع، أن يقال حتى كلمة واحدة قولوها قد ربما تزعج أولئك قد تزعجهم أو تقلقهم قليلا، يكون موقفا لا بأس لا بأس أقل قليل [ماذا يعمل هذا؟.. لا. دعنا هكذا نتلذذ بالتيه. دعنا هكذا رضينا بهذه الحالة.. ملطام هنا وملطام هنا. وإذا أحد انطلق قلنا له: اسكت. وإذا أحد يريد أن ينبهنا على أن يكون لنا موقف أو أن يقول شيئا أن نصرخ في وجه هؤلاء الأعداء لنزعجهم لنقلقهم. قالوا: لا.. اسكت.. دعنا].
هكذا التيه، بنو إسرائيل تاهوا أربعين سنة؛ لأنهم امتنعوا عن أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم في ذلك الزمان، بل قالوا تلك العبارة القليلة الأدب:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}. 
ولاحظوا.. كيف أنه لم يكن هناك إلا رجلين إضافة إلى نبي الله موسى وهارون دفعوا بهم إلى أن يشجعونهم لدخول هذه الأرض التي كتب الله لهم، رجلين فقط، الأغلبية كلهم ليسوا حول هذا الموضوع، لكن ألم يكن كلام أولئك الرجلين كلاما كان مهمًّا عند الله سبحانه وتعالى فسطره في كتابه وخلد ذكره. رجلين, وحتى رجل واحد ألم يسطر كلام رجل واحد مؤمن آل فرعون؟ ويأتي بصفحة كاملة لمؤمن آل فرعون في [سورة غافر] لأنه لا عبرة بالمجاميع التي لا تقول شيئاً مهما كانت ثقافتهم مهما كانت مكانتهم، مهما كانت قدراتهم، وأن رجلاً واحداً ينطلق ليرشد الأمة له قيمته العظيمة عند الله، وهو حجة على الأمة.

لسنا بحاجة إلى أن ننتظر إجماعاً كما قد يقول البعض ينتظر العلماء كلهم أن يقولوا، والعلماء كلهم أن يقفوا والعلماء كلهم أن يتحركوا. أليس هذا هو ما يدور عند البعض؟ المهم هو: أن يكون هناك من يقول ولو رجل واحد، كمؤمن آل فرعون أن يكون هناك من يقول ولو رجلان فقط كما حصل لقوم موسى هنا: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} يخافون الله ويخافون عقوبته، عقوبة عدم الاستجابة والتفريط في الاستجابة لنبي الله.{أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا} أنعم عليهما بالإيمان، بالوعي، بالفهم، بالتقوى، بالاهتداء.
وضعوا لهم خطة: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} لأنه كما في الأثر (ما غزي قوم في عقر دورهم إلا ذلوا) اهجموا عليهم الباب فإذا دخلتموه فهم سينهزمون نفسياً وسيضعفون ويتفرقون وستغلبونهم. أليسوا هنا وجهوا لخطة حكيمة؟
نبي الله موسى أمرهم بأن يدخلوا هذه الأرض، وهذان الرجلان تحدثا عن خطة عندما وجدوهم يتهربون من الدخول {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} توكلوا على الله وادخلوا وستغلبون.. ألم يذكر الله كلام الرجلين كما ذكر كلام موسى، ألم يسطر كلام الرجلين هنا مع كلام موسى، وكلام مؤمن آل فرعون مع كلام موسى في المقام الآخر أيضاً؟ لأن الكلمة لها أهميتها، الكلمة التي توجه، الكلمة التي ترشد، الكلمة التي تضع خططا عملية، للحفاظ على الأمة ولبناء الأمة، ولتكون الأمة ملتزمة بدينها لها أهميتها.
ألم يضرب الله مثلا للكلمة الطيبة {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}(إبراهيم: من الآية25)؟ وإن لم تكن إلا من رجل واحد لا تنتظر الجميع أن يقولوا، لا تنتظر الكل أن يقولوا من العلماء، أو من المثقفين، لا تنتظر للحكام للزعماء جميعاً أن يقفوا. انظر إلى من يتحرك، انظر إلى من يقف فتحرك معه وقف معه، ألم يسطر كلام الرجلين على أساس أنه كلام مطلوب من بني إسرائيل أن يتجهوا على أساسه وأن يعملوا به؟ لو كانت خطة خاطئة لما سطرت ولما دونت، {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} هذه خطة عملية عسكرية {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
هذه خطة صحيحة سطرت؛ لأنه أصبح مطلوباً من بني إسرائيل أن يسيروا عليها؛ فكانت لها قيمتها وإن لم تصدر من أعيان ونقباء بني إسرائيل جميعاً، وإنما أتت من رجلين. وقد يكونا رجلين من أوسط الناس من أطرف الناس، لم يذكر أنهما كانا من الملأ, كما يقول عن الملأ من كبار الناس، أو من أعيان الناس أو من نقباء بني إسرائيل رجلين لكن رجلين فاهمين، أنعم الله عليهما بالإيمان أنعم عليهما بالهدى.
الله كأنه يقول لنا: لو أنهم نفذوا كلام هذين الرجلين لما تاهوا أربعين سنة. ألم يتيهوا أربعين سنة عندما امتنعوا عن تنفيذ طلب نبي الله موسى أن يدخلوا وعن الدخول بعد وضع الخطة من قبل الرجلين، فتاهوا أربعين سنة؟ وكأن هذا يقول للكثير من الناس الذين يقولون: [سننتظر للعلماء جميعاً أن يقولوا أو ننتظر زعماء العرب جميعا حتى يتحركوا، أو المشايخ جميعاً حتى يقولوا] انظر إلى أي رجل أو رجلين يقولا كلاماً صحيحاً يؤدي إلى موقف صحيح وتأكد بأنه مطلب من الله كما كان هنا كلام الرجلين مطلب لله من بني إسرائيل أن يسيروا عليه وإلا لما سطره في كتابه مع كلام نبيه موسى.
وهذه قضية مهمة؛ لأن الكثير قد يدخل في نفسه ريب وشك نحن هنا نقول: [الموت لأمريكا والموت لإسرائيل لكن هناك مدينة علمية هناك مجاميع من العلماء لا يتكلمون بها. هل كان هذان الرجلان ـ اللذان حكى الله عنهما من بني إسرائيل ـ هل كانا قمة بني إسرائيل؟ أو أن هناك الباقي الكثير ممن هم رافضون وممن هم ساكتون ألم يكن في بني إسرائيل علماء؟ على أقل تقدير ممن يسمعون موسى وهو يتكلم وهو يرشد وهو يوجه فيعلمون ما يقول.. ألم يكن فيهم علماء ووجهاء؟ لكنهم كانوا ساكتين أو كان موقفهم كموقف الآخرين {لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا}.
هل كان مقامهم بالشكل الذي لم يلحظه الله؟ فيقول: [ما دام قد جلس أعيان بني إسرائيل وسكتوا أو كان هذا هو رأيهم فما قيمة كلام الرجلين, لا شيء]. لا.. اعتدَّ بكلام الرجلين وجعل له قيمته، وجعله كلاماً عظيماً، وجعل أولئك لا شيء، الذين قعدوا من علمائهم من وجهائهم، من عبادهم، رجلين فقط والباقي ماذا؟ إما أن يكونوا ساكتين أو يكونوا ممن يقولون: {لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}؛ لنعرف أنه في كل زمان هل سيكون الله مع أولئك الذين يسكتون من علماء وعباد ووجهاء وزعماء؟ أو أنه سيكون مع رجل أو رجلين من هنا، أو هناك ينطلقون ليضعوا خططاً عملية للأمة تسير عليها، وخططاً لتوعية الأمة ولإرشاد الأمة.


دروس_من_هدي_القرآن_الكريم 
#معرفة_الله_الدرس_الرابع_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 6/2/2002م 
اليمن - صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام