الولي الحق هو الذي إذا توليته تكون بتوليك له منسجما مع القرآن الكريم لا معارضا له ولا مخالف

الولي الحق هو الذي إذا توليته تكون بتوليك له منسجما مع القرآن الكريم لا معارضا له ولا مخالف

ألم يغب الإمام علي (عليه السلام) عن الساحة حوالي خمس وعشرين سنة من بعد موت الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)؟ وعلي مع القرآن والقرآن مع علي! ودائماً هذا التقارن، متى ما غاب أهل البيت اعتبر أيضاً القرآن غائباً في واقعه عن الأمة، وإذا ما غاب القرآن عن الأمـة أيضاً فاعرف أن أهل البيت أيضاً غائبون؛ لأنهم مقترنون مع بعض، فإن كان لأهل البيت وجود فستلمس القرآن موجوداً، وحيَّاً.

فعلي الذي قال فيه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): ((علي مع القرآن والقرآن مع علي)) يوم غُيِّب دور علي عرفنا وتأكدنا أن القرآن أيضاً غُيِّب دوره؛ لأن هذا هو ما تقتضيه المقارنة يوم قال: ((علي مع الحق والحق مع علي)).

عندما غُيِّب دور علي فعلاً قطعنا بأن الحق غاب في حياة الإمام علي هذه، في الصدر الأول، في تلك المرحلة التي يقولون عنها إنها خير القرون، وفي ظل خلافة الثلاثة أبي بكر وعُمَر وعثمان! ألم يغب دور علي؟

هل بإمكانك أن تقول: إنما غاب شخص علي، وأن القرآن ما زال حياً، وأن الحق ما زال قائماً؟ إن الرسول سيكذبني لو قلت هكذا؛ لأنه قارَن ((علي مع القرآن والقرآن مع علي))، ((علي مع الحق والحق مع علي)) فأنا رأيت بأم عيني، ورأت الأمة كلها أن علياً غُيِّب دوره خلال ما يقارب من الخمسة والعشرين عاماً، في ظل خلافة الخلفاء الثلاثة الأولين!

وعندما يغيب القرآن في الخطوة الأولى سترى كيف سيغيب في بقية المراحل، انزلْ إلى تحت، معاوية هل كان امتداداً لعلي، أم كان امتداداً لعثمان وعُمَر وأبي بكر؟ مَن كان امتداداً لـه؟ معاوية سيقول لك من هو امتداد له، هل كان معاوية يشيد بذكر علي أم يلعنه؟ كان يلعنه، لكنه كان يشيد بذكر أبي بكر وعُمَر وعثمان، ويدفع بالآخرين إلى أن يثنوا عليهم، وأن يختلقوا الفضائل لهم.

إذاً هو امتداد لأولئك، أليس كذلك؟ ثم يزيد من بعده امتداد لمن؟ لمعاوية، ثم خلفاء الدولـة الأموية، ثم خلفاء الدولـة العباسية، ثم إلى الآن، إلى الآن؛ إذاً أليس أولئك الذين غيَّبوا القرآن وعلياً، فكان وراء غياب القرآن، والثقل الآخر: أهل البيت على طول مراحل تاريخ الأمة أليسوا أول من جنى جناية رهيبة على الأمة؟

 

ثم ليست المسألة فقط مجرد أشخاص، أن تقول: (أبو بكر وعُمَر) تَحدثنا أكثر من مرة أن مجرد توليهما يجعلك تقف ضد القرآن، في نقاط مهمة داخل القرآن هي ما تحتاجها الأمة إلى أن تقف على قدميها في مواجهة أعدائها، وتحظى بنصر الله، هي تلك النقاط؛ لأنك حينئذٍ لا تقبل أن تتولى أبا بكر وعُمَر، وتتولاهم فعلاً إلا وتسيِّر القرآن على النحو الذي لا يمسهم بسوء، ولا يتنافى مع مشاعرك نحوهم، أليس كذلك؟

أوَليس هذا ملموساً في التراث داخـل هذه الأمة عند الآخرين؟ ملموس هذا، وهذا من الأشياء التي تشهد لنا نحن، عندمـا تجد أحاديث عظيمة جداً ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) أليس هذا حديثاً عظيماً وكبيراً؟ تراهم كيف يجعلونه كلامـاً عادياً، لا يعني شيئاً!

من أجـل مَن عملوا هذا؟ مِن أجل أبي بكر وعُمَر، ماذا يعني هذا؟ يعني: أن توليك لهم غير منسجم مع ما يصدر من الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ومع ما داخل القرآن الكريم في قضايا كثيرة جداً، وأنت تشهد أيضاً، وأنت تحاول أن تجعل ذلك الكلام باهتاً من قِبَل الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) مثل حديـث: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) أليس هذا حديثاً كبيراً أيضاً؟ وهي كلها أحاديث صحيحة ومشهورة في أوساط الأمة.

لكن تعال إلى أولياء أبي بكر وعُمَر كيف سيجعلونها باهتة، ثم ارجع إلى القرآن تجد أيضاً أشياء كثيرة يجعلونها باهتة، حتى ما تراه أنت من كلام يكشف لك واقع ذلك المجتمع الذي كان الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يعيش فيه، وكيف كان تحرُّكهم معه، وكيف كانت نظرتهم إليه، تجد أيضاً منطق هؤلاء بالشكل الذي يجعلون كل ذلك، كل تلك الحقائق مجرد عتاب لطيف رقيق لا يعني شيئاً، ولا يراد من ورائه كشف شيء. ألم يعطلوا دور القرآن ككتاب هداية؟ وعطلوا دور الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) كنبي يهدي بهدي القرآن الكريم. إذاً فالسُّني نفسه يجب عليه أن ينظر، أن يرجع إلى نفسه أنه هل الدِّين على هذا النحو: (يُلزمني بتولي شخص، فإذا ما توليته أراني متعارضاً مع القرآن الكريم، ومتعارضاً مع نصوص للرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم))؟ أليس هذا اختلافاً وتناقضاً؟

 

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

الوحدة الإيمانية

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

اليمن - صعدة