لا يمتلك الحكمة إلا المستنيرين بنور الله، من زكت نفوسهم ومداركهم

لا يمتلك الحكمة إلا المستنيرين بنور الله، من زكت نفوسهم ومداركهم

الذي يزيد الإنسان وعيًا فيستفيد من كل شيء حتى يصبح لديه قدرة على أن يعرف عواقب الأمور، ويعرف الشخصيات ماذا يمكن أن تعمل، وكيف يمكن أن يكون عملها، هم المؤمنون، هم من يستنيرون بنور الله، هم من تزكوا نفوسهم، وتزكوا مداركهم، هم من يمتلكون الحكمة، لا يحصل هذا إلا ممن يسيرون على نهج الحق، والحق أو الهدي الإلهي قدم للناس بالشكل الذي يمكن أن يعطيهم بصيرة فيفهمون الأشياء قبل أن تحيط بهم آثارها السيئة، وإلا فكثير في الدنيا من الناس عقلاء حتى وإن لم يكونوا مؤمنين، لكن متى؛ متى ظهر لديهم وعي؟ بعد الضرب، الضربة بعد الضربة حتى صحوا، وحتى فهموا، أما المؤمنون فإن الله أراد لهم من خلال نوره، ألم يقل عن كتابه أنه نور، نور يضيء لك الطريق قبل أن تسقط في الهوة، في حفرة، قبل أن تطأ قدمك الشوك، نور ينير لك الطريق في هذه الحياة، الذي بيده نور وهو يمشي في الليل وإن كان الظلام شديدًا هل يمكن أن يطأ شوكة أو يمكن أن يسقط في حفرة؟ لكن من لا يمتلك نور يمكن أن يسقط في حفرة، ويمكن أن يدعس شوكة ثم في الليلة الأخرى يكون قد حصل لديه وعي أنه إذا سار في هذه الطريق وليس لديه نور أنه سيحصل له هذه المشاكل التي حصلت بالأمس، ألم يحدث له وعي لكن بعد أن سار في طريق شائك وناله ما ناله، فنجد البلدان، بلدان الغرب في أوروبا وأمريكا وغيرها تجد الناس هناك لديهم وعي، وعي من خلال تجارب، هم ناس وهم بشر يعقلون، يفهمون، لكن تجارب، حاول أن تعرف شيئًا من التاريخ عن تلك البلدان تجد أنهم ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بعد أحداث دامية، وأحداث رهيبة داستهم وأحرقتهم وأنهكتهم.

لكن الإسلام، لكن الحق، لكن نور الله، هو من لا يريد لعباده المؤمنين أن يكونوا على هذا النحو، لا يبصرون إلا بعد أن يقعوا في الحفر، وتطأ أقدامهم الشوك، وبعد أن يتلقوا الضربة بعد الضربة، يقدم لهم النور، ألم يقل عن رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه بعثه للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وقال عن كتابه الكريم أنه نور، هو نور ينير لك الدروب فتعرف الأشياء قبل أن تقع عليك نتائجها السيئة، ألم يوبخ في القرآن الكريم من يحملون هذه المشاعر الذين لا يبصرون إلا بعد أن يسقطوا على وجوههم؟ فقال في القرآن الكريم عن كثير من أولئك سواء في الدنيا أو في الآخرة من قال عنهم أنهم يقولون بين يدي الله: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (السجدة: من الآية12).

ولاحظوا هذه قاعدة في هدي الله سبحانه وتعالى - كما نفهم - أنه إذا كان هناك شيء الله يوبخ الناس عليه، أو يعتبره خصلة سيئة في وعيهم، هو من عمل الكثير داخل كتابه على أن يكون عباده المؤمنين بعيدين عن أن يقعوا في مثله، أي هو من أعطاهم وعيًا وبصيرة؛ حتى لا يحصل لديهم ما حصل لدى الآخرين، حتى لا يكونوا كأولئك الذين يتحسرون بعد فوات الأوان،

قلنا خلال درس من الدروس: نحن طائفة لديها عقائد، والبعض منا كطلاب علم يعرف الأشياء عبارة عن عقائد مكتوبة في كتاب قرأها هو من كتب أهل البيت ومسلِّم معهم، وماشي معهم، ومصدق معهم، وقد لا يكون وصل في إيمانه بتلك العقيدة إلى درجة عالية، فتراه إذا ما تعرض لشبهة من جانب آخرين يهتز بل قد يتحول، ألم نشاهد كهذا؟ ألم نشاهد أن هناك الكثير من الزيدية منهم من تحول إلى وهابي، ومنهم من تحول إلى علماني متنكر لدينه، ومنهم من تحول إلى اثنا عشري، أو إلى أي مذهب آخر، ما الذي ينقصه؟ ينقصه أنه لم يعمل على أن يبصر ما حوله من الشواهد.

وقلنا: إن هذه الشواهد هذه الأحداث في هذه الدنيا هي تعطيك بصيرة تعرف من خلالها صحة عقائدك، تعرف من خلالها أن تلك العقيدة التي قرأتها واعتقدتها أنها حق لا شك فيه، تلمس الشواهد عليها قائمة، وكثيرة جدًا، شواهد كثيرة جدًا، جدًا، لكن من يتأمل، ولمن يستطيع أن يعرف كيف يربط هذا الحدث بهذا الشيء، كيف يعرف العبر في الأحداث، فهي أي هذه الأحداث تأملاتك لها تفيدك حتى في الجانب الاعتقادي فتزيدك بصيرة فيما أنت عليه أنه حق،

وهذه قضية مهمة جدًا؛ لأنني قد أقرأ في كتاب فأرى عقيدة معينة، وقد يكون الكتاب مختصرًا فلم يشرح لي الكثير من الشواهد على صحتها فيصادف أن أجلس في مجلس وفيه شخص من فئة أخرى لكنه ممن يحرص على أن يغير عقيدتي فيتحدث، وعادة عندما يتحدث أي شخص معك من الطوائف الأخرى هو من يحاول أن ينمق كلامه، وأن يقدم لك أشياء بشكل أدلة هي ما يسمى بالشبهة؛ لأنه عادة لا يرقى شيء إلى درجة أن يسمى دليل في مواجهة الحق أبدًا.

 

 [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

ولن ترضى عن اليهود ولا النصارى

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 10/2/2002م

اليمن - صعدة