الشهيد الرئيس الصماد.. عنوان وطن وتضحيات شعب

الشهيد الرئيس الصماد.. عنوان وطن وتضحيات شعب

من أيّ أبواب الرثاء سندخل.. وبأي أبيات القصيد سنعبر عن قائد صنع التغيرات.. وحصل في عهده التطورات.. فكان سحابة معطاءة أينما ثقلت هطل غيثها.. تروي الأرض وتخضر الأشجار وينبثق الأمل وتتجدد الحياة.. كان ينصح قبل حدوث الأشياء ويمنح بلا انتظار.. ويغفر دون اعتذار وقف إلى جانب شعبه في الحل والترحال في الكرب والشدة.. فبادله الشعب الوفاء بالوفاء..

 

هنا يقف قلمي حائرا ولساني عاجزا غير قادر على النطق والتعبير.. فماذا عساي ان أقول عن العظماء فهم من يحق للهامات أن تنحني لهم إجلالاً واحتراما وتعظيما.. خصوصا للذين أفنوا حياتهم في الجهاد والعمل الدؤب بحثا عن الكرامة والحريّة والعزة والاستقلال وحفظ السيادة وصون الاوطان.. ولأنه أحد أولئك العُظماء الذين كرسوا جُل حياتهم من أجل الله والوطن وصولاً لنيل الحرية وطرد المحتلين.. هو ذاك رجل المبادئ والقيم والمواقف والساطع بالحق الذي أفعاله سابقة لأقواله.. أحبه الشعب واستطاع بفضل ذلك الحب والإخلاص أن يتبوأ المناصب الرفيعة فكان النجاح حليفاً له أينما كان.. يحترمه الجميع ويهابه الكل ويعتز به ويفتخر كل من وقعت عليه عيناه أو سمعت به آذناه.. وما عرفه إنسان قط إلا وقد أحبه لكل شيء فيه.. نعم يُحبه الجميع لأنه كان عنوانا للصمود والعنفوان والشموخ اليماني.. كان رئيسا للشعب كل الشعب جسد العدالة والإصلاح وبناء دولة القانون.. فكان شعاره يد تنبني ويد تحمي فاغتيل من أجل ذلك.. كان بحق رجل دولة حمل الهموم وتحرك بمسؤولية وجسد معادلة أن الدين دولة.. لم تقيده الظروف الأمنية ولم تعقه التحديات من القيام بمسؤولياته.. فتجده عسكريا في الميادين يخوض غمرات الموت فكان بحق قائدا بحجم وطن وتضحيات شعب.. فهو السياسي البارع الذي يجيد لغة التفاوض ويعرف دهاليز السياسة وأروقتها.. اتسم بالمرونة وسعة الصدر كان عالما لا يضاهى يحفظ القرآن الكريم وهاضما للثقافة القرآنية.. وليس هذا وحسب بل خطيبا مصقعا له جولات وجولات في مضمار السياسة والحرب..

فلوا سألنا عن هذا القائد في السهول والجبال والرمال والصحراء فإن حبات الحصى والرمل ستخبرنا أنها قد اشتاقت إليه ليدوسها بقدميه الطاهرتين.. فهي كما نحن قد اشتاقت حُباً لذلك القائد العظيم الذي تعـفّر وجهه بغبارها وتلحف بترابها وهو محارب فيها نازل في كل ميدان.. وهنا حتما ستتحدث جميعها لا محالة عن امجاد وتاريخ هذا القائد الحافل بالمنجزات والانتصارات..

ولأنه كان دوماً عاشقا لليمن وثراها وشعبها فقد عاش وكرّس حياته للدفاع عن ذلك الحق منذ نعومة أضفاره وريعان شبابه.. ولذلك فقد تلألأ نجمه عالياً في السماء وازداد ذاك النجم تألقاً وسطوعا في زمن تخافتت فيه الأصوات .. وبرز في الساحة اليمنية مشروع المسيرة القرآنية.. الذي تحرك فيه منذ البداية مجاهدا مخلصا صادقا حاملا على عاتقه مسؤولية التحرك والتبليغ واعلاء كلمة الله.. فانطلق في ميادين الجهاد باذلا النفس والمال من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله.. فكان في أوساط المجاهدين متواضعا يتصف بالحلم والعلم والحكمة والشجاعة والكرم والأخلاق العالية والأحسان.. فكانت نظرته ثاقبة ووعيه كبيرا حمل هم الامة العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين.. وجه بوصلة العداء لأمريكا وإسرائيل وهذا من صميم الثقافة التي نهل منها ومن المرتكزات الاساسية للمسيرة القرآنية الذي تحرك فيها تحت لواء قائدها الشهيد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه.. ومن بعده تحت لواء قائد الثورة الشعبية سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله وأبقاه ذخرا لهذه الامة..

علماً بأنه مهما كتبت الأقلام وسال مدادها فإنها لن تستطيع ان توفيه بعضا من حقه.. وستظل عاجزة خجولة اسيرة مكبلة لا تستطيع ان تخط بريشها لتكتب عن هذا القائد العظيم.. ولأننا نعيش ذكرى استشهاده أحببت أن أبوح بما لدي امتنانا وتخليدا لروح الشهيد الطاهرة.. فهذه الأسطر المتواضعة التي اكتبها هي تعبير للوفاء له.. ولما كان لي من صحبة معه في الجهاد والعمل.. فالعهد باق والمشوار طويل ونحن في الركب لن نحيد أو نميل.. وأننا ماضون في هذا الدرب لن نتزحزح قيد أنملة في إكمال المسير حتى يتحقق النصر..

ولأنه عاش حياته كذلك وارتقى إلى العُلا على ذلك المنوال مُدافعاً عن اليمن وعن شعبها المظلوم.. فجسد اروع أمثلة التضحية واثبت عدالة القضية.. فالقول كل القول لك أيها القائد منا ومن شعبنا أننا لن ننساكم أبد الدهر فذكراكم باقية وقد سجلت بأحرف من نور في سجل الخالدين..

أخيراً أيها القائد السـلامٌ منا ومن شعبنا لك وعليك وعلى روحك الطاهرة في كل وقت وحين والسلام لك يوم استشهدت ويوم تُبعث حيا.