لقد تحدث الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين(رضوان الله عليه) عن أحداث ستأتي في المستقبل وفعلا أتت تلك الأحداث كما وصفها الشهيد القائد بذلك الوصف الدقيق حتى كأنه لا زال معايشا لها ولم يكن هذا التوافق من باب الصدفة بل كان الشهيد القائد رضوان الله عليه على درجة عالية جدا من الثقة في التأكيد على حدوثها، واعيا بما يتكلم عنه، معتمدا في ذلك كله على النظرة العميقة التي اكتسبها من خلال تأمله للقرآن الكريم الله، وربطه بالواقع، وسنتحدث عن بعضٍ من تلك التوقعات التي تحدث عنها بكل ثقة في سياق محاضراته ودروسه ومنها:
أولاً: العدو لن يتورع عن فعل أي شيء ممكن من الجرائم حتى في حق عملائه
لقد أثبت الواقع بالفعل وعلى مر الأحداث منذ الحرب الأول وإلى اليوم حقيقة ما تكلم عنه الشهيد القائد رضوان الله عليه حول هذا الموضوع من أن العدو لن يتورع عن فعل أي شيء من شأنه أن يلحق الضرر بك وبمجتمعك وأمتك سواء من حيث القتل والتدمير أو من حيث هدم القيم والمبادئ وخلخلة الأفكار والثقافات وزعزعة الثقة في كل الأسس الراسخة التي من شأنها أن تحافظ على وجودك وكيانك ومقوماتك الحياتية المادية والمعنوية.
وقد قال (إن أعداء الله هم يتفاوتون في الشر وفي الخبث فناس أشر من ناس وناس أكفر من ناس وناس أخبث من ناس، ألم يقل عنهم{فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ}(البقرة من الآية90) وقال في آية أخرى{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}(النساء من الآية151) وهكذا تجد أن كفرهم مركز، الغضب عليهم الشر عندهم كلها مركزة تركيز، أعني هي مضاعفة قمة الشر قمة الخبث قمة العداوة) وهو بهذا القول يريد اليهود ومن يواليهم.
وما نشاهده ويشاهده العالم من أفعال قبيحة وجرائم نكراء وتصرفات همجية بحق أبناء شعبنا وأمتنا تعد شاهدا كبيرا على حقيقة ما حكاه الشهيد القائد رضوان الله عليه من أن هذا النوع من المجرمين لن يتورعوا عن فعل أي شيء مهما بلغ في الإثم والخبث والإجرام ومهما تمادى في الظلم والقهر والاستبداد فكل شيء مباح وكل عمل إجرامي مسموح به وكل تصرف سيء بحق الآخرين محبذ ومرحب به وما يفعله العدوان الأمريكي الإماراتي السعودي في بلدنا من قتل جماعي لأبناء شعبنا رجالا ونساء أطفالا وشيوخا وتدمير كلي لبنانى التحتية وما يقوم به عملاؤه في الداخل والخارج من أعمال تخريبية قذرة سواء على مستوى التجسس أو الحرب الناعمة .. إلخ كل ذلك يشهد بمصداقية ذلك الرجل العظيم وما بلغ إليه من ثقافة راقية وإيمان واعي وما كان عليه من بعد الرؤية وعمق النظرة وهذه الحقيقة اثبتها الواقع وشهدت على مصداقية تحققها ووقوعها الأحداث والتغيرات.
ومما يشهد على هذا أيضا هو ما يجري في المناطق اليمنية التابعة للاحتلال الإماراتي والسعودي من استهداف للشخصيات وهتك للحرمات واغتصابات وسياسة التهميش والاقصاء وسفك لدماء الأبرياء من الأطفال والنساء وما خفي في المناطق الجنوبية أشد قبحا وأعظم جرما
ثانيا: التنصل عن المسؤولية عمل المغفلين
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه (قد تحب أن لا تتحرك، أن لا تعمل، أن لا تنطلق تقاتل في سبيل الله ويكون في الأخير موقفك هذا شر عليك).
يرى البعض أن الانكفاء على الذات هو الحل وهو الرأي الحكيم الذي سيجنون من ورائه النتائج والثمار الطيبة لكن ما إن تتقدم الأحداث حتى يتغير الواقع وتتبدل القناعات ويصبح ذلك القرار السابق يمثل نكسة حقيقية وكبيرة على صاحبه بل قد يكون بوابة شر ودمار كما قال الشهيد القائد سابقا والذي استشهد بحال العراقيين الذين فضلوا الاستسلام للغزو الأمريكي خوفا من الموت وحبا في الحياة كيف كان هذا القرار شرا ونارا عليهم فلم يسلموا من القتل بل قتلوا بكل وحشية وبصورة جماعية وبدون حتى مقابل لا في دنياهم ولا آخرتهم .
ومثلهم اليوم هم اليمنيون في المحافظات الجنوبية الذين رحبوا بالغزاة وانطلقوا يقاتلون في صفهم تحت مسميات واهية وبكل خداع.
هل كان قرارهم ذلك حكيما ؟ وهل كان فرحهم بذلك العدوان صائبا؟ هل تحقق لهم شيء مما يصبون إليه ومما وعدوهم به؟ أم أن الواقع يحكي غير ذلك فقد صادر المحتلون ممتلكات الكثير منهم وعرضوا ما تبقى للنهب كما فتحوا سجون سرية ملؤها بشباب وشابات من أبناء تلك المحافظات المحتلة ارتكبوا بحقهم أبشع الجرائم من قتل وتجويع وترويع وتعذيب واغتصاب وغير ذلك مما جاء على ألسنة الكثير ممن أفرج عنهم
أليس هذا شراً ؟ أليس من الأسهل للإنسان أن يقتل؟ ولا أن يصل به الأمر إلى الحالة هذه، أليس هنا، أحب الحالة هذه؟ وإذا بها في الأخير شر له، يأتي العدو يركل بقدمه باب بيته، فيقلعه، نحن نشاهدهم بالطريقة هذه.
من لا يحملون السلاح هم من يسهل بلعهم وهذا ما أكده الواقع في كل ما يجري من تفجيرات واغتيالات ومداهمات وغير ذلك من أشكال الذلة والقهر التي نراها ونسمع بها باستمرار في كل المحافظات الخاضعة للاحتلال الأمريكي والسعودي والإماراتي ،وعلى مر العصور يبقى واقع المتخلفين والمتنصلين عن المسؤولية، المليء بالمآسي والنكبات، عبرة لكل معتبر، ونذيرا لكل متنصل عن حماية عرضه وأرضه، فكما يقول الإمام علي عليه السلام (والله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا) وعندما يقع ذلك المتنصل والمتهرب عن مسؤوليته في الشراك فلن يسمع من الأخرين إلا كما سمع السابق من أمثاله… يستاهل (على نفسها جنت براقش)
ثالثا: العملاء هم الخاسرون
دائما تثبت الأحداث ويشهد الواقع على تحقق هذه المقولة والشهيد القائد رضوان الله عليه وعلى آله عندما تحدث عن هذه المقولة أكد على أن كل من يثير الحروب لن تكون نتائجها لصالحه ولن يحقق من خلالها النتائج التي يريدها حيث يقول رضوان الله عليه((هل تعتقد بأن كل شيء يخططون له، وكل شيء يفكرون فيه، أنه سينفذ إلى أن يحقق ما يريدون {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ} بل سيجعلهم الله وقودها، ويجعل آخرين ممن يتولونهم، ويتخاذلون أمامهم أيضاً ممن يضربون فيها، ولن يحققوا الغاية المرادة من وراء إشعال الحروب، وهذه فعلا تبين أن عندهم الفكرة هذه، وملموس في سياستهم على طول العصر هذا الذي نعرف عنه، محاولة إثارة حروب، إثارة مشاكل، قضية لديهم أساسية، يعتقدون بأنه لا يمكن أن يسيطروا على العالم إلا بهذه الطريقة، يضربون هذا البلد بهذا البلد، ويثيرون الحروب بين هذا البلد، وهذا البلد وهكذا، إضافة إلى أنهم أيضاً يستفيدون اقتصادياً؛ لأن عندهم شركات كبيرة من التي تصنع مختلف الآليات، آليات الحرب سواء سلاح، أو أشياء تقنية أخرى))
وهذه هي دائما نهاية الأحداث والحروب التي تشعلها أمريكا وعملاؤها في كل أقطار الدنيا وهو حال مرتزقتها في كل بلد والمعروف كيف كانت نهاية مرتزقتها وعملائها سواء في الفيتنام أو كوبا أو أفغانستان وكذلك ستكون نهاية مرتزقتها في اليمن وهذا ما يلوح بارقه في الأفق وقد بدأت تتخلى رويدا رويدا حيث أقصي بعض الشخصيات وبعض الأنظمة.
ثم إن كل ما يحدث من عملية تصفير للأرصدة الخليجية وخاصة السعودية والإماراتية سواء ما يحدث تحت مبرر صفقات التسليح أو أجور الحماية أو غيرها من المسميات لهو خير دليل على صحة ما تحدث به الشهيد القائد رضوان الله عليه قبل سنوات فهذا دليل على عظمة هذا الرجل وشاهد على تأييد الله لهذا الرجل.
رابعا: العدو سيضرب على أيدي المستضعفين حتى وإن كان يرى نفسه أقوى منهم
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه ((إن المستضعفين هم محط تأييد الله ونصره إذا ما وعوا، إذا ما كانوا من ذلك النوع الذي يعرف واقعه، ذلك النوع الذي أمر الآخرين أن يجاهدوا عنهم عندما قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ}(النساء75) .
هم يفهمون واقعهم، يفهمون وضعيتهم، يرجعون إلى الله، يبحثون عن ولي من أولياء الله يعملون تحت لوائه، { يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً} .
هذا النوع من المستضعفين لا يضيعهم الله أبداً، وعلى أيديهم تقوم الرسالات، وعلى أيديهم يتم تغيير الدنيا، هل جاء في واقع الرسالات أن تغير الدنيا نحو الأفضل على أيدي المستكبرين والجبابرة، أم على يد المستضعفين؟ لكن أما إذا كان المستضعفون من ذلك النوع الآخر: { قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ}(النساء97 )، هذا النوع من المستضعفين يقال لهم {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} ألم يقل: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}؟ وهم مستضعفون؟))
وهذا بالفعل ما تحقق في واقع الحياة على أيدي المجاهدين الصادقين من أبناء الشعب اليمني المستضعف الذين نكلوا بالعدو وعملائه في كل الجبهات وكذلك من خلال الضربات الجوية الموفقة والمسددة من الله سواء ما كانت بالطيران المسير والصواريخ البالستية سواء كانت تلك الضربات في البر أو في البحر أو ما كانت بالمواجهة المسلحة حيث تم التنكيل بهؤلاء الغزاة المعتدين وتحقق لأبناء شعبنا في المحافظات المحررة الأمن والأمان وصارت هذه المحافظات ملجأ أمان يأوي إليه الكثير من أبناء المحافظات المحتلة.
خامسا: ضرب الآثار وتدميرها
لقد تنبأ الشهيد القائد رضوان الله عليه بما سيقدم عليه العدو من ضرب للأثار وتدميرها رغم أن القانون الدولي ينص على تحييدها في حالة الحروب عن أي استهداف وهم من وضعوا بنود ذلك القانون وتبنوا تلك الفكرة لكن ما إن نشبت تلك الحروب الذين هم قادتها ومصدروها إلا والأثار تقبع في هرم بنك الأهداف لطيران ذلك العدو فكانت تلك الأثار هي الهدف الأولي والأهم في قائمة المستهدف لديهم.
فكثير من الأثار في اليمن دمرت تدميرا شبه كلي فلم يكد يسلم أي معلم أثري من قصفهم واستهدافهم حيث قصفوا المساجد والقلاع والمعالم الأثرية حتى المقابر القديمة قصفت وهذا يدل على نيتهم في اجتثاث الإنسان اليمني وكذلك العربي من على هذه الأرض فلا يبقى له أي صلة تربطه بأرضه لأنهم يفهمون ماذا تعني تلك الأثار من تجذير وترسيخ علاقة هذا الإنسان بأرضه ووطنه.