عُمَّال اليمن في يومهم يبتسمون في وجه الطائرات
يحتفل عمال العالم في الأول من مايو بعيدهم السنوي، بينما يحتفل عمال اليمن بصمودهم الأسطوري منذ 5 سنوات، في وجه الحصار الخانق الذي يحاول تحالف الحرب -من خلاله- تثبيط عزائمهم وكسر شوكتهم وليّ أذرعهم والنيل من كرامتهم، ولكن دون جدوى.
لقد علّمتهم هذه الأرض كيف يصبرون على جراحهم، ويبتسمون رغم الألم والحزن الساكن في قلوبهم وعيونهم، ويهدهدون آمالهم وأحلام أطفالهم في العيش الكريم، رغم الفاقة والفقر والجوع والتعب.
ما أصعبها الظروف التي يمر بها العمال في اليمن، وما أشدَّ مراسهم، وأقوى شكائمهم، وأعجب قدرتهم على التحدي، فلم يترك تحالف الحرب –بقيادة السعودية- طريقة لشن الحرب عليهم إلا نفذها، ولم يغادر صغيرة ولا كبيرة من سبل عيشهم إلا أحصاها، فاستهدف القطاعات الاقتصادية والزراعية والصحية، ليجد آلاف اليمنيين أنفسهم على رصيف البطالة، وتصبح آلاف الأسر في مواجهة مباشرة مع الفقر والجوع والمرض، وإمعاناً في صلفه وحربه وحصاره عَمِدَ إلى إيقاف الرواتب ليضاعف المأساة، ويضع الملايين من الموظفين وأسرهم وجهاً لوجه مع معاناة لا تنتهي.
تلوح -مع هذا اليوم العالمي للعمال- مأساة استشهاد أكثر من 15 ألف عامل وعاملة في مختلف القطاعات، وفقد أكثر من 8 ملايين موظف في القطاعين الحكومي والخاص مصادر أرزاقهم، لتكون وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، وذكرى سيئة لجرائم هتكت كل الأعراف الإنسانية وتعدّت كل القوانين الدولية وخالفت كل الشرائع والأديان سيخلّدها التاريخ، ولن تمحى من ذاكرة الأجيال.
وفيما يكافح عمال اليمن ويتحدون في مواجهة هذا الحصار الجائر والاستهداف والاستنزاف لكل الموارد الاقتصادية والتدمير الممنهج للمنشآت التي تؤوي أرزاق الملايين منهم من قبل تحالف العدوان على اليمن، وتحت غطاء مؤسسات ومنظمات دولية تدّعي أنها وجدت لتحافظ على حقوق الإنسان؛ تثبت صنعاء –عبر رؤيتها الوطنية لبناء الدولة الحديثة، وبرامج الإنعاش الاقتصادي- انحيازها الكامل لهذه الفئة المكافحة الصابرة العاملة بجهد وبصمت “العمال” الذين تدرك أن بأيديهم ستُبنى الدولة الحديثة، وسيعلو هدير المصانع على زعيق الطائرات و”فحيح” أربابها.
تعمل الدولة كاملة حالياً ضمن برامج الإنعاش والتعافي الاقتصادي، ووفق الرؤية الوطنية جاهدة -وحسب الإمكانات المتاحة- على معالجة ما تسبب به العدوان من تعطيل لعجلة الاقتصاد في البلد، ورفع وتيرة الإنتاج عبر عدد من البرامج والأنشطة منها إعفاء الأسر المنتجة والمنشآت الصغيرة من الضرائب، وتسليم نصف راتب للموظفين كل شهرين، وسعيها لتبني استراتيجية وطنية لتنمية الموارد البشرية وتأهيلها بما يلبي احتياجات السوق المحلية، كما عملت على إعادة تشغيل مصنع الغزل والنسيج ومحلج القطن في الحديدة، ودعم العاملين في القطاع الزراعي بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وخلق فرص للأيدي العاملة المنتجة وتشجيعها، وبما يخفف من أعباء الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن منذ خمس سنوات.
*رئيس اللجنة الاقتصادية العليا
محافظ البنك المركزي