إذًا فالقرآن هذا نفسه لينذر بأسًا شديدًا من لدن الله ألم يقل هكذا: {لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ}؛ لأن الكثير من الناس أمام العمل في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله، دائمًا يخافون بأس الآخرين، أليس هكذا؟ يخاف أن يسجنوه، يخاف أن يلحقه شيء، يخاف أنه يقتل، يخاف، يخاف، الخ.
يقول له: أن الشيء الذي يجب أن يخافه الناس هو البأس الشديد من لدنه، من الله، وليس مما لدن الآخرين. {لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ} وبأس في الدنيا، وبأس في الآخرة أشد من بأس أي طرف آخر، أو أشد من أي بأس من لدن الآخرين، الذين نخاف منهم فنقعد عن التحرك لنصر الله، وإعلاء كلمته، ومواجهة أعدائه.
ما هذه وحدها عالجت إشكالية ثانية لدينا؟ ما يقعد الناس عن التحرك في سبيل الله إلا مفاهيم معوجة، ونظرة أن الحياة هذه معوجة من عند الله! هذه واحدة أبعدها {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا}.
ما يقعد الناس أيضًا عن التحرك في سبيل الله إلا الخوف من بأس الآخرين، البأس الذي يأتي من لدن الآخرين، من لدن الأمريكيين، من لدن دولة، من لدن إسرائيل، من لدن أي شخص كان، أو أي جهة كانت، أليس هذا هو الذي يقعد الناس؟ قل وهذه واحدة.
نجد أن الله يذكِّرنا بأنه لا، وأن البأس الشديد الذي يجب أن نخافه هو البأس الشديد الذي من لدنه هو، أما ما كان من لدن الآخرين لا يمثل شيئًا، وهذا شيء معلوم، حتى تعرف البأس الشديد من لدنه في هذه الدنيا أنظر إلى ما توعد به من أعرضوا عن ذكره، ما توعد به من أصبحوا أولياء لأعدائه، ما توعد به المفرطين في مسئوليتهم، في إعلاء كلمته، خزي شديد في الدنيا، ذلة، قهر، إهانة، معيشة ضنكا في الدنيا، وفي الآخرة سوء الحساب، وجهنم.
أليس هذا بأس شديد؟ يوم واحد في جهنم أشد من مائة سنة عذاب في الدنيا هذه، في زنزانة، أو في سجن كيفما كان، أن يوم واحد في جهنم أشد {لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ}، وفي نفس الوقت: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} (الكهف2) من انطلقوا يخافون البأس الشديد من لدن الله فيما إذا فرطوا، وقصروا، هل جلسوا يتخوفون من الآخرين، ويرون الآخرين أكبر من الله؟
هؤلاء انطلقوا فكان عملهم عمل هام، وما أعد الله لهم من الثواب العظيم في الدنيا، وفي الآخرة، بالشكل الذي يقول فيه: {وَيُبَشِّرَ} والبشارة لا تأتي إلا بالشيء العظيم بالنسبة لك، {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ}، ينطلق في العمل الصالح؛ ولأنه عمل صالح يرضي الله، ولأنه عمل صالح في سبيل إعلاء كلمة الله، ينطلق فيه، لا يحاول أن يذهب أولًا يسأل سيدي فلان، أو سيدنا فلان [هو قد وجب علينا نرفع شعار؟ الشعار هذا واجب؟] لا، المؤمنون الذين ينطلقون لمجرد أن يعرف أن هذا عمل صالح يرضي الله يتحرك فيه.
أما الآخرون فما يعبروا فعلًا عن صلاحهم، إنما يعبر عن أنه ماذا؟ لا علاقة له بالله، إلا علاقة إذا يعني أنه يحاول إذا قد الشيء لم يعد منه مجال، قد هو خائف أن الباري سيضربه، فلا بأس سيتحرك فيه.
ولكن أنه أحيانًا قد يكون الزمن بالشكل الذي لم تعد الإشكالية عند من ينطلق يسأل، بل عند المسئول نفسه، من تسأله، قد هناك إشكالية عنده، يقول لك: لا، ما قد وجب، بعضهم؛ لأن قد هناك خلل، خلل في ثقافتنا، خلل في معلوماتنا، بحيث لم يعد يتذكر أن هذا الشيء قد يمكن أن يكون واجبًا وهامًا، من الواجبات الهامة.
إذًا هذا فيما يتعلق بالقرآن، فيما يتعلق بإزاحة بعض الأشياء التي تعتبر عائقًا أمام العمل بالقرآن؛ لإعلاء كلمته.
ننتقل إلى آية أخرى، وهي قول الله تعالى لنبيه (صلوات الله عليه وعلى آله): {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} ماذا يعني: البخع؟ هو أن تقد بطنك بسلاح، هذا معنى البخع، يعني من شدة أساه، وأسفه، أن قومه ما [رضيوا] يهتدوا بهذا القرآن، ولا يستمعوا له، ولا يسيروا على هديه، من شدة أسفه.
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
#آيات_من_سورة_الكهف
بتاريخ: الجمعة 29/8/2003م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام