ما الذي يمنعنا اليوم من التوحد في العالم الإسلامي؟

ما الذي يمنعنا اليوم من التوحد في العالم الإسلامي؟

قضية الوحدة، وحدة المسلمين، وحدة المؤمنين هي مبدأ من مبادئ دين الله المهمة، وإذا كان هناك أيُّ مبدأ من مبادئ دين الله، أو أيُّ تشريع من تشريعاته فهو الذي يرسم طريقة أدائه، أليس كذلك؟ هذا هو التشريع، هو الذي يرسم طريقة أدائه، وكيف يمكن أن يتم، وكيف نؤديه نحن. لم يقل لنا توحدوا هكذا! بل رسم الطريقة التي على أساسها يكون توحدنا،

 

وهي طريقة تختلف اختلافًا كبيرًا عن مسألة أن بالإمكان أن تبقى هذه المذاهب على ما هي عليه، ويجتمعوا جميعًا، وكل واحد على ما هو عليه، وكل واحد على مذهبه ضد أعداء الإسلام! الواقع شهد بأن وحدة من هذا النوع غير ممكنة، وإذا كانت ممكنة أليس في هذه الأحداث ما يجعلها واقعة لو كانت ممكنة؟ أو قلنا ممكنة فمتى يمكن أن يتوحدوا؟
الوحدة المطلوبة من عباد الله هي وحدة إيمانية تقوم على منهج واحد، وخط واحد، وقيادة واحدة، الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}.
عملوا (منظمة المؤتمر الإسلامي) وفشلت أيضًا، وعملوا جامعة الدول العربية، ولم يكن لها أيُّ دور يُذكر، ولا أن نقول: ما دام أننا قد صرنا مذاهب متعددة فكل واحد على أصله، وننطلق جميعًا نتوحد! أليست هذه أيضًا فكرة مزاج؟ نفس الشيء، لا يمكن أن يتحقق.
الوحدة، الله رسم طريقها باعتبارها مبدءًا مهمًا من مبادئ دينه، هو الذي حدد كيف تكون، وتحت قيادة من، وعلى أساس ماذا، على أيِّ أساس تقوم، هو الذي رسم رسمًا كاملًا لِمَا يؤدي بالمؤمنين إلى الوحدة.
ولاحِظوا أن الوحدة الإيمانية المطلوبة من قِبل الله سبحانه وتعالى من عباده هي نفسها المنسجمة مع فطرة كل واحد من المسلمين في الواقع، أن كل واحد في الواقع يعترف بأن أرقى توحد يكون له تأثير فعلًا هو أن يكون الناس على منهج واحد، وكل واحد يعرف أنها مسألة مجاملة أو مسألة تلفيق أن نقول: (يتوحدون هم على ما هم عليه، وكل واحد يبقى على ما هو عليه) كل واحد يعترف أنها قضية تلفيق. وأنها أيضًا لا تحظى أمة على هذا النحو متفرقة، لا تحظى بنصر إلهي أبدًا، أبدًا، لماذا؟ لأن المسلمين أساسًا عندما يُطلَب منهم أن يتوحدوا هو ليحملوا رسالة واحدة، يتوحدون لينشروا دين الله، ليعلوا كلمة الله، ينشرون هذا الدِّين في أوساط الأمم الأخرى، ودينه واحد.
عندما يتحرك أبناء هذه الأمة وهم عدة طوائف متفرقة، مذاهب متعددة، مختلفة في عقائدها، مختلفة في أحكامها الفقهية، في تشريعاتها، مختلفة في مواقفها، مختلفة في أعلامها، أليسوا هم من سيوصلون الدِّين إلى أيِّ بقعة أخرى بشكل مفرَّق؟

تصور أن جيشًا مكونًا من مائة ألف، أو حتى خمسمائة ألف، وباعتباره جيشًا إسلاميًا، فيه الزيدي، والجعفري، والشافعي، والمالكي، والحنبلي، كل هذه المذاهب، عادة يكون بين الجيوش علماء ومثقفون ومتعلمون، أليس كذلك؟ عندما يفتحون منطقة - هذا فرض - يفتحون منطقة من المناطق في العالم أليس كل واحد سيتحرك ليعلم الآخرين بمذهبه؟ مِن منطلق أنه يريد أن يعلمهم دين الله، ويعلمهم الحق! إذًا سيُوصِل الناسُ دينَ الله مفرَّقًا إلى الآخرين فيوسعون الفُرقة، فلا يمكن لهم أبدًا أن يحظوا بنصر الله؛ لأنهم هم فيهم خلل كبير.
إذا كانت الوحدة على النحو هذا الذي رسمه الله لعباده المؤمنين في القرآن الكريم هي ضائعة في أوساطهم أليس هذا خللا كبيرًا جدًا؟ أي: أنهم سيحملون الدِّين إلى مناطق أخرى فينشرون العقائد الباطلة، وينشرون الأقوال الباطلة، والنظرات الباطلة، والمواقف الباطلة، إلى تلك الشعوب الأخرى. هل سينصر الله أمة من هذا النوع؟ وهذا فيما أعتقد هو سر قعود الإمام علي (عليه السلام) عن المشاركة فيما يسمونها بالفتوحات الإسلامية، الإمام علي يعرف أن أيَّ تحرك من جانب أمة قد أصبح الخلل فيها كبيرًا هي لن توصِل دين الله إلى الآخرين، بل ستوصِل دينًا مشوهًا، دينًا ناقصًا إلى الآخرين، والله يريد من عباده أن يُوصِلوا دينه هو، الدِّين الذي شرعه لهم، الهدى الذي أنزله إليهم، أن يوصلوه إلى الأمم الأخرى. 

#سلسلة_معرفة_الله (12 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الوحدة_الإيمانية
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 4/2/2002م 
اليمن - صعدة

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصرللإسلام