خطاب موحد لقادة محور المقاومة.. متى سيٌكشف عن غرفة عمليات موحدة؟

خطاب موحد لقادة محور المقاومة.. متى سيٌكشف عن غرفة عمليات موحدة؟

خطاب موحد لقادة محور المقاومة بمناسبة يوم القدس العالمي يضم فلسطين واليمن ولبنان والعراق ، حدث تاريخي يترجم حلم شعبي كبير راودنا ، شعور يلغي داخلنا تكرار الإحساس بالعجز تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى بالتزامن مع توجه يكاد يسود يريد أن تسيطر علينا حالة الإعتراف بأننا امة لا يمكن أن تنهض ، ليس بمقدورها تكوين صوت واحد يرفض حالة الإستسلام تجاه العدوالإسرائيلي والأوامر الأمريكية .

الخطاب الموحد الذي جمع حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين والمقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية وحركة أنصار الله في اليمن وقادة المعارضة في البحرين ، أشبه بقمة عربية ” مصغرة ” عبر شاشات تلفزيونية ، ليس حدثا عاديا يروج لشعارات ، ذلك أن هولاء يقودون مقاومات عسكرية ويقف خلفهم تأييد شعبي واسع ويخوضون حروب في مختلف الدول ، ولديهم سلاح وقبل ذلك لديهم إرادة قوية ومؤمنة بقضاياها ، وقبل ذلك بيئة داخلية ضحت ومستعدة لمزيد من التضحية ، هذا الذي يحدث ، يحدث في الوطن العربي وليس في كوكب آخر ، هذا يعني الكثير بالنسبة للعدو الإسرائيلي ، مثلما هو يعني الكثير على مسار الصراع العربي الإسرائيلي الذي يكاد أن يختفي ويحل محله ” التطبيع “

من يتجاهل هذه التوجه أو يقلل منه يجهل الكثير من الحقائق ويجهل الكثير من التفاصيل في المسار الزمني لنشوء هذه المقاومات العربية والإسلامية التي وصلت حاليا إلى مرحلة التوحد ، والتوحد هنا يتجه نحو تشكيل غرفة عمليات موحدة كسرت أزمنة من العمل الفردي ، وتبني جيش عقائدي صلب خاض ويخوض تجارب عسكرية حقيقية وليس مناورات شكلية كما تعودنا رؤيته في الجيوش النظامية التي توقفت حتى عن التفكير في مواجهة العدو الإسرائيلي .

احتضان هذه المقاومات لفكرة العمل العسكري المشروع تجاه العربدة الإسرائيلية يتخطى الكثير من الخطوط الحمر التي وضعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة ونفذتها على الأنظمة والجيوش العربية ، بالترغيب والترهيب والقمع والمؤامرات وتصفية من يتمرد على هذه الإستراتيجية ، وهي في المقابل تأتي في وقت حساس ودقيق وامام متغيرات استراتيجية في العالم ، إذ لم يعد بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية أن تستخدم قوتها العسكرية لإسكات الإصوات التي تنادي بوقف الهيمنة والتنمر على الشعوب وإخضاعها لتلك القوة ولتلك القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في البر والبحر ، لقد حان أن نرى كسر لقواعد الاشتباك في المنطقة بعد أن عاش اليأس من التحرر عقود ، نتحدث عن نصف قرن سكتت فيها البنادق بإسثناء بنادق المقاومة لنرى تشكيل قوة عسكري عربية وإسلامية موحدة ، هذا ما نراه حاليا .

المطالبة بتوحيد محور المقاومة بدأ قبل 5 سنوات وعمليا بدأ قبل 10 سنوات ، فالتشكيلات العسكرية العراقية واللبنانية والإفغانية والإيرانية التي ذهبت لمنع سقوط الدولة السورية بإعتبار أن ذلك سيصب في مصلحة كيان العدو الإسرائيلي كان الخطوة الأولي في تشكيل جيش عربي وإسلامي عابر للحدود بكل الطرق المتاحة ، ولعل ما يقوي تلك الخطوة هو تحقيق الإنتصار وتغيير موازين القوة التي كادت أن تميل لصالح المسلحين المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية وعربية وكادت الدولة السورية أن تسقط ، هذا ما يعترف به الغرب بعد 8 سنوات من القتال على الخارطة السورية والعراقية .

من يتتبع الرسائل المتبادلة والخطابات والطرح الإعلامي والسياسي بين مختلف المقاومات العربية والإسلامية ابتداء من فلسطين وصولا إلى لبنان وسوريا والعراق ووصولا إلى اليمن بعد أن حققت حركة أنصار الله اليمنية إنتصارا كبيرا على العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ، سيجد أننا أمام قوة عسكرية متوحدة ومنسجمة ومتواصلة على مستوى القادة السياسيين والعسكرية وعلى مستوى القواعد والجماهير الداعمة ، هذه خطوة لا يمكن اعتبارها ظاهرة وستغيب ، بل تطورا كبيرا تمضي باتجاه تغيير شكل المنطقة بعد أن تجاوزت تحديات عسكرية وسياسية واقتصادية ، نحن نتحدث هنا عن منظومة متكاملة ، قادة ورموز وجمهور وبيئة حاضنة وقوة عسكرية تملك القدرة والخبرة والتجربة والتقنية في التصنيع العسكري فضلا عن مخازن أسلحة متطورة من السلاح الفردي إلى الصواريخ طويلة المدى ، ربما في المستقبل المنظور سنرى تطورا صناعيا أكبر بكثير مما هو عليه الآن ، ومن يدري ، فالبدايات هي مفتاح لمعرفة النهايات .

مع ذلك هل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وأيضا كيان العدو الإسرائيلي يجهلون ذلك ؟! بالتأكيد أبدا ، فمخاوفهم تزداد والإقدام على تصفية الشهيد سليماني والشهيد المهندس بغارات أمريكية استهدفت موكبهم مطلع هذا العام في العراق هو جزء من هذه المعركة ، ولكن هذا الإستهداف دفع باتجاه معاكس تماما فردة الفعل تجاه الإستهداف الأمريكي للجنرال سليماني والمهندس كانت إعلان توحيد محور المقاومة ، وإيران هي من صدر هذا الإعلان حين أعلنت أن الرد سيكون طرد الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة ، ولكن يكون ذلك سوى بتحريك المحور نحو توجه واحد ، والحقيقة هذا ما نعيشه حاليا ولكنه البداية وليس مستبعدا أن بعد توحيد الخطاب لقادة محور المقاومة سيأتي الإعلان عن غرفة عمليات عسكرية موحدة وليس المهم أين ستكون .

 

طالب الحسني

كاتب وصحفي يمني