صرّح المتحدِّثُ باسم الخارجية الأمريكية، أن أمريكا تعتقدُ أن حماس تتعمَّدُ قتل المدنيين، وأنها لا ترى دليلًا على أن الكيان الصهيوني يتعمَّدُ قتل المدنيين، وبنت أمريكا على هذا الكذب الواضح موقفَها من الحرب على غزة.
وهذا التصريحُ يحتاجُ إلى مناقشةٍ في وسائل الإعلام والدوائر الرسمية العربية والإسلامية؛ لأَنَّه يلخِّصُ السياسة الأمريكية وموقفها من الصراع العربي الصهيوني الذي يساندُ العدوّ الصهيوني في كُـلّ الحالات، حَيثُ إن أمريكا تعتبر أن أي عمل أَو اعتداءٍ يقوم به العدوُّ ضد العرب والفلسطينيين مبرَّرٌ تحت أي ظرف، وأن أي عمل يقوم به العربُ أَو الفلسطينيون ضد العدوّ الصهيوني أَو للدفاع عن الشعب والأرض يُعتبّرُ جريمةً ضد الإنسانية أَو اعتداءً دوليًّا يجب على دول العالم أن تتدخلَ لوقفه.
العدوانُ على غزة والجرائم التي تُرتَكبُ بحق المدنيين في غزة يُعتبَرُ موضوعًا غيرَ قابل للنقاش؛ فالمجرم واضح والضحية واضحة، فقد رأى العالم الأطفال الذي يُقتلون بأعدادٍ كبيرة، حتى إن الأمم المتحدة اعتبرت غزةَ هذه الأيّام أخطرَ مكان في العالم على الأطفال والنساء والمدنيين الذين تقتلهم الطائرات الصهيونية يوميًّا وبطريقة ممنهجة، والدمار الهائل في الممتلكات العامة والخَاصَّة، وكُلُّ ذلك يُنقَلُ في وسائل الإعلام على الهواء مباشرةً، وأمريكا تُصِرُّ على أنها لا ترى دليلًا على أن الكيانَ الصهيونيَّ يتعمَّدُ قتلَ المدنيين، مع أننا نسمعُ يوميًّا أن الجيش الصهيوني يدعو سكانَ غزة للذهاب إلى مناطق محدّدة؛ باعتبارها مناطقَ آمنة، ثم يقومُ الصهاينة بقتلهم وهم في الطريق أَو عند وصولهم إلى المناطق المحدّدة بدون رحمة وهذا مُستمرّ من أول الحرب؛ مما دفع المنظمات الإنسانية إلى الإعلان عن عدم وجود مكان آمن في غزة.
وبعد وضوحِ الموقفِ الأمريكي من الصراع العربي الصهيوني يجبُ على كُـلِّ عربي ومسلم أن يحدّدَ موقفَه من أعداء الأُمَّــة أمريكا وإسرائيل، ويُعِدُّ نفسَه لمواجهة هذا العدوّ بالوسائل المتاحة، ومن الوسائل المتاحة والسهلة لكل الناس مقاطعةُ البضائع الأمريكية والإسرائيلية والشركات الداعمة للحرب، ويأتي بعد ذلك التحَرُّكات الشعبيّة من خلال المظاهرات التي يمكن أن تضغطَ على الحكومات لتغيير موقفها من حرب غزة؛ فالرهانُ في الصراع مع الصهاينة أصبح على الشعوبِ؛ لأَنَّ النظامَ العربيَّ والإسلاميَّ أصبح مقيَّداً لا يملِكُ حريةَ الحركة.