الإمبراطورية الأمريكية تغرق في الفشل

الإمبراطورية الأمريكية تغرق في الفشل

زيد الشُريف

الإمبراطورية الأمريكية القائمة على الطغيان والاستكبار ونهب ثروات الشعوب وشن الحروب الاستعمارية الإرهابية في مختلف بلدان العالم والتي تنتهك حقوق الإنسان وترتكب جرائم حرب وتَصنْع وتدعم وتمول وتدرب الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وتتحكم بالاقتصاد العالمي وتسيطر على قرارات مجلس الأمن بما يخدم مصالحها وتفرض إرادتها على الأمم المتحدة وتمارس دور فرعون في هذا العالم (أنا ربكم الأعلى)، هذه الإمبراطورية الطاغوتية تمر بأسوأ وأضعف مراحلها وتكشف عن هشاشتها وضعفها وفشلها في مختلف المجالات أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما كشفته الأحداث والمتغيرات في شتى ميادين الصراع السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية سواء على مستوى الداخل الأمريكي الذي يشهد حالة غليان سياسي وانهيار اقتصادي واحتقان مجتمعي أو في الشرق الأوسط والوطن العربي وأوروبا بل في مختلف أنحاء العالم تعيش الولايات المتحدة حالة سقوط مدوي على كل الأصعدة ورغم محاولات صناع القرار في أمريكا عبر وسائل الإعلام الظهور بمظهر القوة إلا أن معطيات المستجدات تفضحهم وتكشف واقعهم الهزيل الآيل للسقوط.

من يتأمل واقع الولايات المتحدة الأمريكية اليوم على مستوى الداخل والخارج ويقارنه بما مضى من عمر إمبراطوريتها سيجد أنها تغرق تدريجياً بنفس الطريقة التي غرق بها فرعون، تخبط سياسي وفشل عسكري وأمني وانهيار اقتصادي ورئيس عجوز خرف تصريحاته تحرج الكونجرس الذي يضطر مراراً للتعقيب عليها وتبريرها في أكثر من موضوع وقضية والتي كان آخرها تصريح بايدن حول مسؤولية إدارته عن الأحداث الإجرامية في إيران حيث أكد حقيقة لا غبار عليها ولكنه خرج عن السياسة التي تنتهجها إدارة البيت الأبيض القائمة على تزييف الحقائق وإخفاء الدور الأمريكي والظهور بمظهر رعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا ما دفع الكونجرس للعمل على تبرير الهدف من مضمون التصريح ولكن دون جدوى، ففي الوقت الذي تحاصر فيه أمريكا الشعب الإيراني اقتصادياً وتحاربه سياسياً وإعلامياً وثقافياً وأمنياً وغير ذلك تقول أنها تريد من وراء زعزعة أمنه واستقراره أن تحرره من النظام الذي يرفض هيمنتها ويقارع جبروتها في الداخل والخارج وهذه من المتناقضات المثيرة للسخرية، وهكذا الحال في صراعها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي مع روسيا وجدت أمريكا نفسها في حالة من الضعف والوهن بشكل غير مسبوق ولم تستطع إخفاء هذه الحقيقة عن العالم.

الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية قال: اذا خسرت (أمريكا والناتو) الحرب في أوكرانيا فسينهار النظام العالمي الذي أسسناه (نحن) قبل 80 سنة، ولهذا نستطيع القول أن أمريكا فشلت لحد الآن في صراعها العسكري والسياسي والاقتصادي مع روسيا فشلاً ذريعاً وكانت الحرب الروسية الأوكرانية بمثابة الريح التي أماطت اللثام وأسقطت القناع عن البعبع الأمريكي الذي طالما حاول الظهور بأنه القوة العظمى في هذا العالم ولكن أمريكا بنفوذها السياسي وإمكانياتها العسكرية وقوتها الاقتصادية فشلت أمام الدب الروسي الذي تصدى لها بكل قوة وحول عقوباتها الاقتصادية إلى عقاب لها وأجبرها على الظهور أمام حلفائها الأوروبيين عاجزة عن توفير احتياجاتهم فيما يتعلق بتامين الطاقة لهم وهذا ما جعل الشارع الأوربي يغلي في بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وعلى الصعيد العسكري رغم دعمها العسكري اللا محدود للنظام الأوكراني إلا أن الهزائم الميدانية تلاحق حليفها باستمرار، وهكذا فشلت وسقطت أمريكا وحليفتها إسرائيل في لبنان أمام قوة المقاومة اللبنانية واضطرت مجبرة على إعادة حقوق الشعب اللبناني وترسيم الحدود البحرية بما يضمن للبنان استخراج ثروته والاستفادة منها، وفي اليمن تعمل أمريكا على عرقلة السلام في اليمن وفي نفس الوقت تراوغ في موضوع الهدنة تريد أن يبقى اليمن في حالة اللا سلم واللا حرب خشية من ضربات القوات المسلحة اليمنية الصاروخية والجوية التي ستحرق أرامكو وتحرق معها ما تبقى من آمال ورهانات أمريكية وعلى ما يبدو أن مماطلة تحالف العدوان وعدم تلبيته لتنفيذ مطالب صنعاء التي تطالب بحقوق الشعب اليمني المشروعة ستجبر القوات اليمنية للقيام بضربات موجعة في العمق السعودي والإماراتي وحينها ستجد أمريكا نفسها في ورطة ساهمت هي في صناعتها بسبب غطرستها وتعنتها وعرقلتها للسلام في اليمن.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والذي يحاول العودة مجدداً للبيت الأبيض تحدث في ولاية بنسلفانيا في تجمع لدعم أعضاء الحزب الجمهوري الذين سيشاركون في انتخابات الكونغرس المرحلية المقبلة قائلاً: (الولايات المتحدة الأمريكية “لم تكن قط في مثل هذه الحالة السيئة التي هي عليها الآن”، مشيرا إلى فقدان واشنطن سلطتها على المسرح العالمي)، وهذه ليست مجرد مكايدات حزبية أو مهاترات إعلامية للدعاية الانتخابية بل حقيقة أثبتتها المتغيرات العالمية التي أظهرت أمريكا في حالة ركيكة وهزيلة ليس فقط في عيون العالم فحسب بل حتى على لسان صناع القرار في أمريكا وفي عيون الشعب الأمريكي نفسه، وهناك الكثير من المعطيات السياسية والاقتصادية والتي تأتي تباعاً حاملة معها متغيرات سلبية عكس ما تشتهيه واشنطن التي تصارع عواصف داخلية وخارجية أفقدتها حالة التوازن وكشفت عن عورتها أكثر من أي وقت مضى وهي اليوم في طريقها نحو الغرق كما غرق من قبلها الفراعنة وهذه سنن الله وقوانينه التي لا يمكن تجاوزها والهروب منها لأن وراءها الله الملك الجبار القائل: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ}.