- أخبار(current)
- إعلام حربي(current)
- تقارير خاصة(current)
- خطابات القائد(current)
- من هدي القرآن(current)
- ترددات المسيرة(current)
- صحيفة المسيرة(current)
- برامج(current)
- فيـــديو(current)
- البث المباشر(current)
- الأخبار
- ثقافة
الذكرى الأليمة
د. فاطمة بخيت
في مثل هذه الأيام تمر بنا ذكرى قاسية وأليمة لحادثة أثرت تأثيراً كبيراً على مسار الدين وحياة المسلمين، ولا زالت تداعياتها تتوالى على أبناء الأمة حتى يومنا هذا.
تلك الحادثة المأساوية التي كان ضحيتها علم الأمة ووصيها بعد نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت النكبة التي أدت إلى وجود الكثير من الاختلالات والانحرافات في عالمنا الإسلامي منذ وفاة رسول الله وما حدث في السقيفة من انقلاب على ولاية الأمر في الإسلام، بعد سماع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للأمام علي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
قتل الإمام علي عليه السلام الذي سما وعلا في دينه وأخلاقه وتصرفاته في خير الأماكن وفي خير الشهور وفي خير الليالي التي يعبد فيها المولى عز وجل ويتقرب فيها إليه، فكانت حرباً على الله وعلى دينه.
قتلته تلك النفوس الحاقدة على الرغم من معرفتها الكاملة بالإمام علي ومنزلته ومكانته من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن الدين نفسه، تلك المنزلة التي لا يضاهيه فيها أحد، ولكن لأنّ الهدف كان هو القضاء على هذا الدين وأولياء هذا الدين لم يبالوا بما اقترفوه، مع أنّهم محسوبون على الإسلام ويحفظون القرآن ويعرفون الإمام علي ويعرفون فضائله التي سمت حتى أصبح بها قسيم الجنة والنار.
فماذا حصل للأمة بقتلها لهذا العلم الشامخ سوى انحرافات خطيرة وكبيرة فأصبحت تتقاذفها أمواج الجهل والضلال.
على الرغم من معاناة الأمة بمقتله إلا أننا لا نكاد نسمع من يتكلم عن تفاصيل ما حدث إلا في القليل النادر؛ لأنّ أعداء الأمة يسعون بكل طاقاتهم لعدم معرفة الناس بتلك الحادثة الأليمة؛ لأنّهم يدركون جيداً أنّ ذكر تلك الحادثة وتذكّرها سيوقظ القلوب الغافلة وسيكون له تأثيره في تنبيهها لمواجهة قوى الشر لما لهذه الشخصية العظيمة من مواقف عظيمة في نصرة هذا الدين ومحاربة قوى الكفر ودعاة الباطل.
عندما جهلنا هذه الشخصية ولم نقتد بها أصبح واقعنا على هذه الوضعية التي نعيشها ونلمسها ونحتسي مرارتها ليلاً ونهاراً.
فالإمام علي عليه السلام مدرسة لا ينتسب إليها إلا محبو الله ورسوله، من يؤرقهم هم الدين والأمة، الساعون لإعلاء شأن هذا الدين ومواجهة أعدائه، وعشاق الحرية الرافضون للعبودية والخنوع والاستسلام.
ولا يجب أن تكون هذه الذكرى مجرد محطة عابرة للحزن على ما حدث لعلم الأمة في تلك الليلة المأساوية؛ بل يجب أن تكون محطة نتعرف فيها على ما حل بهذا الدين ونستلهم منها الدروس والعبر من المدرسة العلوية.
فلن يخلص الأمة مما حل بها سوى العودة لهذه المدرسة، والاقتداء بعلي، ونهج نهج علي، ومحاربة أعداء علي. ولن يعود للدين مجده وعزته إلا عندما يصبح منهج قرناء القرآن هو المنهج المتبع في هذه الحياة. وكما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وفي النار هوى) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
ولن نعرف الحق إلا إذا عرفنا عليا؛ لأنّ العمل بالحق هو المعيار الأساسي لاستقامة أنفسنا واستقامة واقعنا الذي ناله الخلل والانحراف. كما أنّ الإمام علي هو نموذج العدالة الإنسانية في كل زمان وكل مكان.