تأملوا التليفزيون في اليمن، في السعودية، في أي دولة عربية تعرض ما تسمى منجزات ومع أنشودة حماسية، وصور لمشروع هنا ومشروع هناك، ومصفاة للبترول هنا ومصنع هناك وأشياء من هذه، هي نتائج عشرين عاما أو ثلاثين عاما، والعشرون عاما والثلاثون عاما هي لأمة كفيلة بأن توصلها إلى دولة صناعية إذا كان هناك من يقومون على أمور الناس ممن هم مخلصون، ممن هم يعرفون كيف يبنون شعوبهم.
أولم تصل إيران الآن إلى دولة صناعية، ودولة منتجة، ودولة مصدرة لمختلف المنتجات؟. دولة استطاعت الآن أن تهدد أمريكا فعلا، ألم تسمعوا أنتم في هذا الأسبوع أنهم هددوا أمريكا؟. وأولئك الذين ينتجون ما بين خمسة ملايين برميل بترول، وتلك الثروات التي يمتلكها هؤلاء العرب -لأنهم لم يبنوا نفوسهم ولم يبنوا شعوبهم لأن كل ما يلمعون به أنفسهم إنما هو من فضلات ما ينتهبه الآخرون من ثرواتهم- هاهم يخضعون، ويركعون، ولا يستطيعون أن يقولوا كلمة.
الإيرانيون خرجوا في هذا الأسبوع وملئوا الساحات، وخرج الإمام الخامنئي وكلهم هددوا أمريكا، وكلهم لعنوا أمريكا، وهم من كنا نسمع عنهم مباشرة أنهم كانوا يتمنون أن يدخلوا في حرب مباشرة مع أمريكا، قالوا: أمريكا هي كانت وراء العراق يوم دخل العراق معهم في حرب شديدة وطويلة، أمريكا هي التي دفعته، أمريكا هي التي دفعت البلدان العربية الأخرى لترسل جيوشها، ولترسل مساعداتها الكبيرة للعراق، ويقاتلون جميعا صفا واحداً ضد الإمام الخميني، وضد الشعب الإيراني، وضد الثورة الإسلامية، على الرغم من ذلك كله ألم يهدد هؤلاء الأمريكيين، هددوهم وفعلا بدأ منطق أمريكا ضعيفا
لأنهم وعلى مدى عشرين عاما فقط عشرين عاما التي هي قد تكون عمر رئاسة شخص، أو ملك من ملوك العرب، وبعضهم يبقى في حكمه خمسة وعشرين عاما أو ثلاثين عاما، وترى شعبه مازال فقيرا، ترى شعبه ما يزال ذليلا، ترى شعبه متى ما سمع تهديدا ونظر ورجع إلى نفسه رأى أنه لا يمتلك قوته فيخاف أن يقول كلمة جريئة أمام أعدائه.
أولئك هم من استطاعوا أن يخفضوا إنتاج البترول عما كان عليه أيام ملك إيران السابق، خفضوه بنحو مليونين برميل في اليوم، واستطاعوا بعد التخفيض أن يبنوا إيران في مختلف مجالات الحياة، وهاهم لما انطلقوا وعلى مدى عشرين عاما فقط لما سمعوا تهديد أمريكا استطاعوا أن يصرخوا في وجه أمريكا وأن يتحدوها، ورأينا فعلا كيف بدا زعماء آخرون من الغرب وكيف بدا [الكونقرس] الأمريكي نفسه يهاجم [بوش] على سياسته القاسية، يقولون: ستضرب مصالح أمريكا خفف من لهجتك القاسية.
هذا ما كنا نقوله للناس أولئك جبناء، أولئك يرون أن مصالحهم تحت أقدامنا لو نعرف واقعنا إنهم أحوج إلينا من أي أمة أخرى، إنهم من يجب أن يكونوا تحت رحمتنا لو كنا نفهم، إن مجاميعنا هذه هي سوقهم الاقتصادية، إن خيرات أوطاننا هي المواد الأولية التي تحرك مصانعهم، إن البترول هو من أرضنا أكثر من 85% من احتياطي العالم من البترول هو في البلاد الإسلامية أكثر من 85% هم من هم تحت رحمتنا لو كنا نفهم.
هل تحرك [الكونقرس] الأمريكي وهاجم [بوش]؟. متى تحرك؟. بعدما تحرك الإيرانيون وتهددوا وقالوا: لو تضرب أمريكا، أو تفكر أن تضرب فسيتلقون ضربة مباشرة وشديدة. هم يعرفون إيران، ويعرفون شعب إيران، ويعرفون أن إيران استطاعت أن تبني نفسها عسكريا واقتصاديا وثقافيا.
لكن الآخرين مازالوا هكذا، همهم أن يبقوا في مناصبهم، ونحن همنا أن ننظر إلى ما يمكن أن يقدموه لنا من مشاريع بسيطة لا تعمل شيئا، ليست في قائمة (البُنَى التحتية الاقتصادية) - كما يقولون- ولا تشكل في واقعها تنمية حقيقية، لأنهم عرفوا أن هذا هو همنا، أن هذا هو ما نريد، أننا نفوس حقيرة، أننا نفوس ضعيفة، ليس لدينا طموحات، ليس لدينا أهداف، ليس لدينا شعور بكرامة، ولا بعزة، يُسْلِينا أي شيء، يرضينا أي شيء، وليكن هذا الشيء البسيط هو ثمن ديننا لا نفكر ولا نعبأ به.
تراهم في كل مناسبة وطنية يعرضون علينا المنجزات. نحن نقول: أين المنجزات الحقيقة التي تحافظ على كرامتنا ؟. أين البناء الاقتصادي، والتنمية الحقيقية التي تجعلنا أمة تستطيع أن تقف على قدميها ؟. إذا كنتم تبنون مستشفى هنا، ومستوصف هناك من أجل متى ما أحسسنا بألم ما صداع في الرأس، أو جرح، أو ضيق في الشرايين، أو في التنفس، يكون هناك أمامنا مستشفى.. إننا نعيش الألم النفسي، نعيش ألماً شديداً ليس من نقص في الفيتامينات إنما من نقص في الكرامة وفي العزة، نقص في الحياة الكريمة التي أراد ديننا أن تتوفر لنا، نعيش الألم فأين هو العلاج؟. نعيش الجوع الذي سيجعلنا مستسلمين أمام أعدائنا فأين هو الغذاء من أوطاننا؟. هذا هو العلاج الحقيقي، هذا هو العلاج الحقيقي.. هل هناك عمل على توفيره؟. لا يوجد. لماذا؟. لأن الشعوب نفسها لا تتحدث مع أولئك..
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
لتَحذُنّ حَذْو بني إسرائيل
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ 7/2/2002
اليمن- صعدة