صور ونماذج من التعامل المغلوط مع القرآن الكريم

صور ونماذج من التعامل المغلوط مع القرآن الكريم

لا يجوز بحال أن نتعامل مع القرآن من منطلق مشاعرنا وتقييمنا نحن للوضع بالشكل المغلوط، فنعكس ضعفنا على القرآن؛ لأنه هكذا صنعت هذه النفسية بالشخص الذي قدم لنا مثل هذه الملزمة، ضعيف قدم للناس ما يبرر حالة الضعف، فما يبرر حالة الضعف هو يعطي ماذا؟ يعطي تمهيدًا للكفر، للشرك، للفساد، لليهودية، للنصرانية أن تهيمن؛ ولهذا قلنا: أنه يجب أن نتعامل مع القرآن بروحية عالية، نتعامل معه وفق منطقه، نتركه هو يعلمنا ويزكينا، لا أن نأتي إليه فنجمده ونُموّت آياته ونقدمه للآخرين ميتًا، هكذا سيكون الإنسان الذي يحمل علمًا في الأخير كل ضعفه كل تقديراته، كل ثقافته المغلوطة، في الأخير يخدم يخدم ماذا؟ يخدم أعداء الله.

أليس من يثقف الناس بهذه الثقافة سيصنع لديهم ذهنيةً تجعلهم قابلين لهيمنة اليهود؛ لأن كل واحد من الناس يقول: نحن والله ما نستطيع أن نعمل شيئًا، ما عندنا قنابل ذرية. فكل شخص يكتفي بأنه ينظر فيقارن بينه وبين أمريكا وإسرائيل، أمريكا تمتلك قنابل نووية، نحن لا نمتلك هذه، إذًا فنعيش في ظلهم، وليس علينا أي حرج أمام الله.

ستكون القنبلة الذرية هي نفسها أقوى من القرآن الكريم، تمنحك شرعية أن تعيش في ظل الكفر ولا تنفع القنابل القرآنية، ولا تنفع الآيات القرآنية أن تشدك إلى العمل في مواجهة الكفر.

لاحظوا كيف تُقدم المسألة في الأخير، سيكون اهتمام هؤلاء بالثقافة التي تهيئ المجتمع الإسلامي من حيث يشعر أولئك أو لا يشعرون - لقابلية هيمنة اليهود، وهي المرحلة في الواقع التي يفترض القرآن أن يكون عملَ العالِم عمل المرشد الخطيب كل إنسان مسلم أن يحرك الآخرين ويدعو الآخرين ويوعيهم توعية جهادية، تربية جهادية، لأن يحملوا مشاعر التصدي لأولئك فيكونوا مستعدين أن يقفوا في وجوههم، هذه هي المرحلة التي يجب أن تكون الثقافة فيها والتوعية فيها على هذا النحو.

لسنا بحاجة إلى ثقافة تضفي شرعية على أن نتقبل الكفر ونتقبل هيمنة الكافرين، يجب أن نحذر من مثل هذا المنطق، وأن نعرف أنه إذا لم نثقف أنفسنا بثقافة القرآن فسنكون ضحية للآخرين، ضحية لثقافات أخرى.

هذه الملزمة لم يستطع أن يأتي فيها من القرآن إلا بآية واحدة في أولها {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: من الآية59) التي دائمًا يقلبونها مع كل زعيم، وكل شعب علماؤه مرشدوه يسخروهنا لزعيمهم، ففي اليمن لعلي عبد الله، وفي مصر لحسني مبارك، وفي السعودية لفهد، وفي الأردن للملك عبد الله، و هكذا تلاعبوا بهذه الآية.

ونسوا نسوا قضية أنه حتى لو فرضنا أن الآية هذه على ما زعموا فأين هم أولئك الحكام الذين يصح أن يقال عنهم: (منكم)؟ {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}؟ وجدنا هؤلاء أولي الأمر لم يعودوا منا، أصبحوا أكثر انسجامًا مع أمريكا، مع سياسة أمريكا، معظمهم على هذا النحو، يرى شعبه يتظاهر يطالب بأن تُقاطع أمريكا وإسرائيل، يطالب حكومته بأن تقاطع مقاطعة سياسية، بأن تقاطع مقاطعة اقتصادية، بأن يوقفوا تصدير البترول، بأن يفتحوا أبواب الجهاد، بأن يعملوا كل شيء. أليست الأمة هي تنادي بهذا؟ أولئك ما هو موقفهم؟ موقفهم بالشكل الذي تريد أمريكا، هل أصبح صادقًا عليهم مسألة (منكم)؟ لو كانوا منا لكانوا مستجيبين لما نطلب.

وإذا كانوا يقولون: هم خائفون علينا! نحن نقول نحن الشعب، نحن الذين نطالب بالجهاد لأولئك، نحن من نستطيع أن نتحمل أي وضعية اقتصادية. عندما نقول قاطعوا - وكانت المظاهرات هكذا تطالب الحكومات بأن تقاطع اقتصاديًا - وليكن ما كان سنتحمل، باستطاعة أي زعيم أن يقول: لا بأس أنا مستعد ما دام أنتم مستعدون أن تتحملوا المضاعفات والآثار للمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، وقطع تصدير النفط وغيره، وأنتم مستعدون أن تجاهدوا مهما كان الأمر، ومهما كانت إمكانياتكم ضعيفة لا بأس. لو أنزلوا مسألة مواجهة إسرائيل في استفتاء شعبي، كيف سيكون الناس؟، سيصوتون تقريبًا بنسبة 90 % لمواجهة أمريكا وإسرائيل.

 

فنحن نقول لمن يستخدموا آية {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} أين هم الزعماء الذين تصدق عليهم كلمة (منكم)؟ ونحن نراهم أقرب إلى أمريكا منا، وأقرب إلى سياسة أمريكا منا، وأقرب إلى طاعة أمريكا من الاستجابة لشعوبهم، لم يعد وقت الآية بكلها، كان يمكن أن تكون هذه الآية في أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين، لأنه مازال (منكم)، مازال حاكم عربي، مازال تعتبر قراراته من داخل، ما هناك دولة أخرى تفرض عليه إملاءات، ومع هذا كان الناس يقولون: لا. هؤلاء هم ليسوا من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، أما هذا يريد يأمرنا بطاعة شخص هو مغلوب على أمره، هو لم يعد يستطيع ولا يتمكن أن يحقق أنه لا زال من الأمة، بل بعضهم ثقافته، نمط حياته في بيته ثقافة غربية، بيته، شكله، نمط حياته، ثقافته، الأشياء التي يتابعها كلها تجعله شخصًا غربيًا، لم يعد يصدق على الكثير منهم معنى {مِنْكُمْ} حتى لو كانت الآية على ما يريدون فما بقي (منكم)؟ بقي لأمريكا تريد أن تعين ولاة فهم منها وليسوا منا.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

الثقافة القرآنية

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 4/8/2002م

اليمن - صعدة