جاءت محاضرة السيد القائد عبدالملك الحوثي في ثاني أيام رمضان كنفحة من نفحات الرحمة المهداة في سياق المنهجية التي أنزلها الله وفرضها رحمة للعالمين ، فكانت نفحاته رحمة من رحمة من رحمة ، حيث تطرق إلى جوانب هامة جدا في حديثه عن الأستعداد للآخرة وأحداثها هناك ليس من منظور الأستعراض المعرفي ولكن من منظور التحفيز لنا لكي نكون مستعدين كما ينبغي لنتخلص من همومنا في الدنيا (وإن كانت هموما مؤقتة ) ونتخلص من همومنا في الآخرة (وهي الهموم الدائمة الأبدية) وهنا سوف أعرج على بعض الجوانب التي تطرق اليها السيد ولكن قبلها سوف أوضح جانب هام من جوانب محاضرات السيد وهي أنه يطرح المحاضرة طرحا عالميا بمعنى يستهدف فيه العالم أجمع وليس فقط أبناء اليمن او أتباع المسيرة القرآنية وهذه نقطة هامة جدا يجب على جميع الدعاة أن يتقمصوها وأن يكون طرحهم منبثق من أن الدين هذا (رحمة للعالمين) ولا يكون الطرح محدودا تو قاصرا على فئة معينة سواء كانت جغرافية او فئوية او مذهبية أو غيرها، والآن سأتطرق لجوانب هامة في محاضرة السيد وهي كالتالي :-
1.طريقة التغلب على همومنا في الدنيا :- وضح السيد في محاضرته أن هذا الأمر يأتي من خلال امرين أثنين اولاهما مقارنة هموم الدنيا المؤقتة مع هموم الآخرة الدائمة فيما إذا اصبح الإنسان من اهل النار بل ان هموم الآخرة ترتبط بالديمومة للأبد مع الألم الجسدي لعذاب جهنم وما فيه اما هموم الدنيا فهي زائلة مؤقتة وتستطيع معها ان تعيش حياتك طبيعيا تأكل وتشرب وستنقضي هذه الهموم مهما طالت ، والأمر الثاني يأتي من خلال العودة إلى الله فغالبية الهموم منشأها الذنوب ومعصية الله (ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) لذا نؤكد مرة أخرى على ان هدى الله نفحة من رحمة الله وهو يسر منه ضمن إرادته جل وعلا (يريد الله بكم اليسر ) وهنا يجب علينا ان نربط بين الأمرين لكي نشحن نفوسنا بطاقات إيمانية عظيمة وكبيرة لنستطيع أن نتجاوز هذه المعاصي لنتجاوز معها هموم الآخرة وقبلها هموم الدنيا ، فهل لنا ان نراجع ما قدمناه من عمل صالح في هذا الجانب في ثاني ايام رمضان المبارك وثالث لياليه المباركة ، ونوقف أي تقصير بدأ فينا مع بداية الشهر ونوسع ونقوي ونعمق أي عمل خيري بدأنا فيه وتحركنا عليه !
2.حالة الغفلة التي يعيشها الإنسان ونتائجها الكارثية :- فالطرح السديد في هذا الجانب جاء من منطلق تنبيهنا لكي لا نعيش هذه الحالة والتسويف (سوف و سوف) والتي طالما نتعامل بها بأننا سوف نتوب وسوف نقلع عن المعاصي وسوف نعود لله وسوف نرتبط به ، وهذه أكثر الحالات خطورة على الإنسان ومن يمتلك هذه النفسية فلن يفيده شيئ ابدا حتى لو قامت القيامة مثلا في منطقة اخرى ومازال يمتلك وقتا ليعود لله فلن يعود اطلاقا ولن يستفيد من ايات الله مالم يعزم الانسان عزما حقيقيا من الان في الرجوع والإنابة لأن حالة الغفلة لن يفيق منها الإنسان الا عندما ينفخ في الصور النفخة الثانية فإذا هم قيام ينظرون للواقع الجديد .
3.هناك ربط عظيم بين درس اليوم من ملزمة (معرفة الله – وعده ووعيده الدرس الرابع عشر) للسيد حسين الحوثي وبين محاضرة السيد عبدالملك الحوثي ، ففي درس اليوم تحدث الشهيد القائد في الملزمة عن ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) في جزئية ان كثير من المؤمنين يظن انه يعمل عملا صالحا وفي يوم القيامة يجد انه للعذاب مصيرة فيصبح الامر عنده (بغتة) مستغرب غير مستوعب للحقيقة ، والسبب انهم عاشوا حالة الغفلة في الدنيا والعمل المجزأ والبعيد عن الاساسيات والشموليات في تشاريع الله وهذا أيضا ما تطرق اليه السيد عبدالملك في محاضرته .
4. تحدث السيد ايضا عن أحداث ستحدث يوم القيامة خاصة البعث وكيف سيأتي الجميع الى الله فردا ولا يضيع او يسقط شخص ابدا والكل آتيه فردا وخاشعين خاضعين ينتظرون مصيرهم وتتلاشى هنا المحسوبية والسلطة والمكانة والقوة وكل شيء وهذا الطرح الذي تميز به السيد لم يأت طرحا مجردا او عرضا متسلسلا ولكن جاء مخاطبا لنفسياتنا لنعمل في هذه الدنيا ما يجنبنا الذل والفزع والخسارة في تلك اللحظة ،كي نستعد لتلك اللحظة أحسن استعداد من خلال العمل الصالح الموضح في القرآن بشموليته وليس بإنتقائية ، حتى انه استمر في الحديث فتعلق وجداننا بمحاضرته وما إن أوقفها حتى تمنينا انه لو استمر لساعات وساعات وهكذا هو الحديث القرآني لا تمله الأنفس التي مازالت غير مغلفة ب(أكنة) وتلك القلوب التي لم تصل إلى مرحلة (الغلف) والآذان التي لم تتسخ ب(الوقر) والأعين التي لم تغطيها (غشاوة) ، لذا ارى في محاضرة السيد مقياسا للقلوب والنفوس وحياتهما من موتهما .
محاضرة السيد أوسع وأشمل من ان أشملها في مقال أكتبه ولكن أهدف في سلسلة مقالاتي الرمضانية الربط بين نفحات الله الرحمانية وأطروحات السيد المنبثقة من هذه النفحات التي جميعها كما وضح الله ذلك بأنه (يريد بكم اليسر) .