العرب والمسلمين أمام هزيمة حقيقية بالنسبة لليهود مَن حكى الله عنهم هذه الأشياء.. فما هي مشكلة العرب والمسلمين؟ مشكلة العرب، مشكلة المسلمين أنهم لم يثقوا بالله، لم يثقوا بالله؛ ولهذا لم يرجعوا إلى كتابه, لم نثق بالله فلم نرجع إلى كتابه, ولم نثق برسوله (صلوات الله وسلامه عليه)، لم يثقوا بالله, ولم يثقوا برسوله, ولم يعرفوا الله المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة, ولم يعرفوا رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة.. فظلوا دائماً يدورون في حلقةٍ مفرغة، وظلوا دائماً يتلقون الضربة تلو الضربة, مستسلمين, مستذلين, مستكينين.
ماذا يعني أنهم لم يثقوا بالله؟ المفسرون السابقون, وقضية إسرائيل, وقضية ما وصلت إليه الأمة ليست نتاج هذا العصر فقط, نتاج زلات وأخطاء قديمة جداً جداً جاءت من بعد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بدؤها من يوم السقيفة، بدؤها من يوم السقيفة، لم يثقوا بالله لم يثقوا برسوله, لم يعرفوا كتاب الله المعرفة المطلوبة حتى عندما يأتي القرآن الكريم ليقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية38) يقول المفسرون: أي من الأشياء التي تناولها؛ لأنهم يستبعدون أن يكون هذا القرآن قد هدى الأمة إلى كل شيء في هذه الحياة، وهداها إلى كيف تكون بمستوى المواجهة لأي خصم من خصومها.
جعلوا هذا القرآن عبارة عن كتاب يُتلى ويُردد، يتناول القضايا العبادية الأخلاقية في صورة محدودة، ويحكي قصص الماضين لمجرد العبرة التي يفهمونها بفهمٍ قاصر, أو يُعرضون عنها.
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) جردوه من شخصيته, لم يعطوه المكانة اللائقة به حتى في أيام حياته (صلوات الله عليه وعلى آله), وعرض لنا القرآن الكريم صورة من تلك الصور التي تدل على أن كثيراً ممن كانوا في حياة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله), لم يعرفوا ذلك الرجل العظيم من هو؟ من هو؟ فيجلّوه ويقدسوه ويعزروه ويوقروه - كما قال الله سبحانه وتعالى - وينصروه.
عندما كان يخطب ألم يخرجوا من عنده؟! {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً}(الجمعة: من الآية11) حكى الله عنهم هذه في المدينة, في آخر أيام النبوة في المدينة! هل حدثت في مكة؟ لا. حدثت في المدينة {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِما} لم يعرفوا الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وهناك حديث ولا أستبعد صحة معناه يقول الرسول: (صلوات الله عليه وعلى آله): ((يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت، ولا يعرفني إلا الله وأنت، ولا يعرفك إلا الله وأنا)) لم يعرف المسلمون الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من ذلك اليوم إلى الآن المعرفة والفهم الصحيح الذي ينبغي أن يكونوا عليه.
لم يفهموه حتى كقائد عسكري محنك وقدير وحكيم، لم يفهموه بهذا الشكل, جردوه من شخصيته وحولوه إلى مجموعة كتب ملئت بالكذب عليه: [فرسول الله يعني: سنته، سنته تعني: المجاميع الحديثية المعينة التي جمعها فلان، وفلان، وفلان، وفلان هذا هو النبي!] تعال إلى النبي تراه هنا يقول النبي: [حدثوا عن اليهود ولا حرج!].
أليس هذا مما يجعل الأمة في وضعية مختلفة عن ما يريد الله لها في هذا القرآن الكريم أن تكون عليه في مواجهة اليهود؟ [حدثوا عن اليهود ولا حرج!] فكانوا يحدثون عن اليهود فملئوا كتب التفسير [بالإسرائيليات] بالقصص الغربية، ملئوا كتب الحديث بالأحاديث الدخيلة التي صنعها يهود تمظهروا بالإسلام, واندسوا في أوساط المسلمين، ثم أصبحت هي من معتقدات المسلمين، ثم أصبحت هي تصنع رؤية المسلمين وتوجههم؛ لأنهم لم يرتبطوا بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) شخصياً، ولم يدرسوا حياته، ويتفهموا حياته كإنسانٍ حكيم وقدير وإنسانٍ كامل.
لو يرجع المسلمون في مواجهتهم للغرب ولليهود إلى [غزوة تبوك] وحدها في السيرة, وإلى [سورة التوبة] التي توجهت نحو هذه الغزوة لكانت وحدها كافية لأن يأخذ المسلمون منها دروساً كافية في معرفة مواجهة اليهود, ودول الغرب بكلها.
لكنهم متى ما تحدثوا عن غزوة تبوك منشغلين بأن عثمان أعطى مبلغاً كبيراً لتمويل هذه الغزوة! هذا هو المهم عندما يعرضوه في المناهج الدراسية، وعندما يتحدث أحد من الكتاب في السيرة أهم شيء أن يتحدث عن ما أعطاه عثمان من تمويل لهذه الغزوة الذي هو معرضٌ للشك وعدم الواقعية في أنه أعطى فعلاً.
لم يستوحوا من موقف الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذه الغزوة المهمة، التي أعطتها سورة التوبة أهمية كبرى، مع أنها في علم الله لن تحصل مواجهة، يستنفر كل المسلمين في هذه الغزوة حتى المنافقين حتى المنافقين يُستنفروا للخروج في هذه الغزوة مع علم الله بأنها لن تكون مواجهات.. فيها دروس مهمة جداً، ولكن كل من يتعرض لسيرة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من أهل السنة - وهم القطاع الأكبر في هذه الأمة - يكون همه ما عمله عثمان من تمويل لهذه الغزوة! وما عمله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أو دراسة حقيقية لهذه لا يهتمون بها.
حتى في هجرة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من مكة إلى المدينة يتحدثون في كتب السيرة عن [صلحه مع اليهود] يتحدثون عن صلح وقع منه مع اليهود!. وعندما ترجع أنت لتقرأ الوثيقة التي صاغها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بعد أن وصل المدينة المنورة بسرعةٍ صاغها, وذكر فيها كل بطون سكان المدينة, كل بيوتات القبائل الساكنة في المدينة وحولها, وثيقة ليست بصدد الصلح مع اليهود, ولا حول الصلح مع اليهود.
اليهود كانوا حول المدينة حلفاء لبيوت أو أشخاص من الأوس والخزرج داخل المدينة, حلفاء لهم مرتبطين بمعاهدات معهم كأتباع لهم. الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما اتجه من مكة إلى المدينة مهاجراً، اتجه ليبني قاعدةً ينطلق منها للجهاد, وإعلان دولته، وإعلان دعوته؛ لينطلق منها للجهاد ضد كل المعارضين لدعوته التي بعث بها, فعمل على أن يجعل المدينة قاعدةً مستقرة.
اقرءوا هذه الوثيقة لن تجدوا فيها مصالحة مع اليهود، إنما باعتبارهم حلفاء لمن داخل المدينة من أوس أو خزرج أو أشخاص من كبارهم يسري على اليهود ما يسري على حلفائهم. وهذا شيء طبيعي في المواثيق وفي المعاهدات العربية أنه يسري على الأولياء - الذين يسمونهم وَلِي آل فلان أو حليف آل فلان - يسري عليهم ما يسري على من هو في حلفه, أو في ولائه, أو في معاهدةٍ معه.
فيأتي كتاب السيرة ويعنونونه بـ[الصلح مع اليهود] ثم عندما اتجه [السادات] إلى القدس ليستسلم أمام إسرائيل ينطلق علماء مصر ليقولوا بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد صالح اليهود أول ما وصل المدينة صالح اليهود، فنحن إنما نصالحهم كما صالحهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مع الفارق الكبير من كل الوجوه فيما بين ما وقع عندما وصل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى المدينة وبين ما وقع من السادات عندما اتجه إلى القدس.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
يوم القدس العالمي رقم (1)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 28/رمضان/1422هـ
الموافق 13/12/2001
اليمن- صعدة