منصور البكالي
تعمَّدَ طيرانُ العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي في مثل هذا اليوم 27 يوليو من الأعوام 2015، و2017م، و2018م، و2019م، استهدافَ منازل المواطنين، وآبار مياه الشرب، ومصنع القطن، ومخازن الغذاء التابعة للصليب الأحمر الدولي، ومصنع العودي للبلاستيك، والطريق العام، بغارات الجوية، وقصف مرتزِقته المدفعي والصاروخي، على الحديدة وصعدة وحجّـة.
أسفرت غارات العدوان عن ارتقاء شهيدين و11 جريحاً، وتدمير كلي للمنشآت الخدمية وأكثر من 30 بئر ماء للشرب، ومصنع القطن ومكائنه ومعداته ومخازن اليونسف، وخسارة تُقدَّر بنصف مليار ريال في مصنع العودي، وتشريد أكثر من 420 موظف، وحرمان آلاف الأسر من مصدر عيشهم ومضاعفة معاناة المواطنين، مالياً وصحياً، وتشريد العديد من الأسر وإجبارها على النزوح.
وفي ما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم:
27 يوليو 2015.. 6 شهداء وجرحى في استهداف العدوان وحدة صحية بحجّـة:
في مثل هذا اليوم 27 يوليو تموز من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، الوحدة الصحية بمديرية مستبا في محافظة حجّـة بغاراته الغاشمة.
أسفرت عن شهيد و5 جرحى، وتدمير كلي لمبنى الوحدة الصحية ومرفقاتها وكل معداتها، وتضرر ممتلكات ومنازل المواطنين المجاورة لها، ومحالة من الخوف في نفوس الأهلي، وموجة من النزوح والتشرد المتجددة نحو المجهول، وحرمان عشرات الآلاف من المواطنين من الخدمات والرعاية الصحية، في ظل غياب تام للجهات الدولية والمنظمات الإنسانية.
هنا الدمار والخراب والدماء والأشلاء والصراخ والفاجعة في جناح الليل، الغارات قتلت المرضى والممرضين والكوادر الطبية، وآلمت الأهالي وَفزعَ الأطفال والنساء في المناطق القريبة من أصوات الغارات.
أسر وذوو الشهيد والجرحى، مكلومون، لا ذنب لهم ولا علاقة لهم بالجانب العسكري، فمنهم كوادر صحية أَو جرحى مصابون فزادهم العدوان بغاراته جراحا إضافية.
كانت وحدة مستبا تقدم الإسعافات الأولية لمن نجا من القتل بالغارات المُستمرّة على المديرية، فكانت الملاذ الوحيد لإنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة وكبار السن والفقراء، وكل جريح ومريض، فوأدها العدوان وقضى على الأمل الأخير لدى أبناء المديرية، وجعل الموت المحقّق مصيرا حتميا لكل مريض وجريح.
قصفُ الوحدة الصحية استهدافٌ للأعيان المدنية، وواحدةٌ من آلاف جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق الشعب اليمني، خلال 9 أعوام، أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل الجهات ذات الصلة القانونية، والإنسانية، كما هو انتهاكٌ صارخٌ للقانون العام ولكل المواثيق والمعاهدات الدولية.
27 يوليو 2017 و2018.. طيرانُ العدوان ومدفعية المرتزِقة تستهدفُ المنازل والطريق العام بصعدة:
في مثل هذا اليوم 27 يوليو تموز من العام 2017م، و2018م استهدف العدوان السعوديّ الأمريكي، الطريق العام في منطقة بركان بمديرية رازح، كما استهدف العدوان بغاراته الجوية وقذائف المدفعية، منازل المواطنين وممتلكاتهم بالقرى والمناطق الحدودية في المديرية ذاتها، بمحافظة صعدة.
أسفرت غارات العدوان في العام 2017م، عن تدمير سيارة لأحد المواطنين ودراجة نارية وتقطيع الطريق العام، وتخريبها بحُفَر عملاقة، قطعت حركةَ السير وأعاقت وصول البضائع والمواد الغذائية والدوائية، وكل احتياجات الأهالي، لتشديد الحصار، ومحاولة الضغط على من بقي في داره وعلى أرضه للنزوح.
هنا أحد المواطنين من جوار سيارته المكسرة يقول: "لولا لُطفُ الله لَكنت شهيدًا أَو جريحًا ولكن أول ما شاهدت الطيران محلقاً في سماء المنطقة، جنبت وخرجت من السيارة، واحتميت بكهف، ولكن نقول للعدو: والله لن تثنينا عن الاستمرار في مواجهة غطرستك والجبهات بيننا".
غاراتُ العدوان على الطريق العام هو قطع للسبيل، وممارسة للحرابة، وانتهاك لكل قيم ومبادئ الحروب، وجريمة من آلاف جرائم الحرب بحق الشعب اليمني خلال 9 أعوام.
وفي العام 2018م، أسفرت غارات العدوان ومدفعية المرتزِقة عن تدمير عشرات المنازل الفارغة من السكان وممتلكات ومزارع، وسيارات، وكل مقومات الحياة في القرى الحدودية.
هنا قرى خالية من السكان وبات أهاليها يسكنون الجبال والخنادق والكهوف بدلاً عنها.. أطفال رضع ونساء وعجزة والأسر بكل فئاتها العمرية بين الليل وفي البرد على مدار العام لم تعرف أن تعود إلى تحت سقف منزلها، بل صمدت، وعانت وتعايشت مع الحشرات والأفاعي، والزواحف والحيوانات البرية بكل أصنافها.
العالم اليوم لا يعرف مقدار معاناة سكان القرى الحدودية التي أن غابت عنها الغارات حضرت بدلًا عنها القذائف والصواريخ ومختلف الأعيرة النارية من قبل جيش العدوّ ومرتزِقته، من خرج من كهفه بين المزارع، ودّعه أهله فربما لن يعد، ومن له حاجة فلم يجد سوى جناح الليل يتسلل فيه لقضاء حاجته.
يمين وشمال ومن الجهات الأربع في قرى مديرية رازح وغيرها من مديريات صعدة وحجّـة الحدودية، دمار وخراب وأطلال، سوّتها الغارات والقصف الصاروخي للعدوان بالأرض، وحكمت على سكانها البقاء في الشمس والرياح والبرد والحر، وكل ظروف الطقس والمناخ، وقلة هم من يجد القدرة على النزوح والاستئجار في المدن البعيدة عنها، لكن المعاناة تلاحق الجميع.
أحد الأهالي من فوق الدمار يقول: "نعم العدوّ دمّـر منزلي وباتت أسرتي أطفال ونساء مشردين، لكن هذا لن يزيدنا إلا إيمَـاناً وثباتاً وصموداً وثقة بوعد الله، والجبهات قبلتنا، ونقول للعدو: غاراته لن ترهبنا بل تستفزنا أكثر وأكثر وتحَرّكنا صوب جبهات الجهاد المقدس، بل إن كُـلّ غارة وكل جريمة وقود تزودنا بها وتدفع من بقي متخاذلًا للتحَرّك في سبيل الله، والمشاركة من المجاهدين والجيش اليمني، في الذود عن الأرض والعرض، ووقف تمدد الاستكبار والهيمنة لكم في ميدان القتال المباشر".
استهداف المنازل الخالية والمدمّـرة مسبقًا، وتدمير ما بقي منها وكامل الأحياء السكنية والقرى الحدودية بصعدة واحدة من آلاف جرائم الحرب ونهجٌ يسعى إلى الإبادة الجماعية للشعب اليمني، والأرض المحروقة، خلال 9 أعوام، أمام العالم بكل منظوماته ومؤسّساته القانونية والحقوقية والإنسانية، والجنائية، التي لم تحَرّك ساكنا، وباتت تشاهد جرائم العدوان ببرودة معتادة، وكأنه لا علاقة لها بذلك.
27 يوليو 2018.. محطة مياه ومصنعا العودي والقطن ومخازن غذاء أهداف لغارات العدوان في الحديدة:
في مثل هذا اليوم 27 يوليو تموز من العام 2018م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي محطة مياه الشرب بالمدينة، ومصنع القطن ومخازن تابعة لمنظمة الصليب الأحمر بمديرية زبيد، ومصنع العودي للبلاستيك بمنطقة كيلو 16 مديرية الحالي.
ففي مدينة الحديدة أسفرت غارات العدوان عن تدمير أكثر من 30 بئرًا من آبار مياه الشرب تغذي أكثر من نصف مليون نسمة، بعد منتصف الليل، وهو مشروع مياه الحديدة، التي تعتمد عليه، للحصول على المياه النقية، شملت الغارات تجمع الآبار؛ لإهلاك الناس عطشاً، ومضاعفة معاناتهم، وإجبارهم على النزوح عن مساكنهم ومنازلهم؛ ليتسنى للعدوان الغازي المحتلّ السيطرة عليها وتحويلها إلى متارس لمرتزِقته حال تقدم المعركة مجدّدًا.
وفي مديرية زبيد أسفرت غارات العدوان عن إحراق وتدمير كامل مصنع القطن وملحقاته وهناجره ومعداته، ومخازنه، بغارتين، إحداهما على المكائن والأُخرى على مخازن اليونسف الخَاصَّة بالصليب الأحمر الدولي، وقطع أرزاق أكثر من 120 موظفا، وكُلٌّ منهم يعول أسرة، أطفال ونساء وكبار سن، هنا الغارات فتكت بأكثر من ألف مواطن وزادت من معاناتهم في ظل غياب الأمم المتحدة والجهات الإنسانية، الواجب عليها تقديم المساعدات لشريحة واسعة من المتضررين.
وفي مديرية الحالي منطقة كيلو 16 أسفرت غارات العدوان المستهدفة لمصنع العودي للبلاستيك، عن احتراق كامل للهناجر والبضائع، عجزت أمامها فرق الإطفاء والدفاع المدني، دون جدوى، وتقدر الخسائر بـ 500 مليون وقطع أعمال 300 عامل، يقف خلفهم 300 أسرة من الأطفال والنساء، فقدوا مصدر عيشهم، ولولا رعاية الله لحصلت جريمة أكبر.
توجيه الصواريخ نحو الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية إحدى جرائم الحرب بحق الشعب اليمني، التي لم تلقَ أي تحَرّك أممي ودولي لوقفِها، منذ 9 أعوام، حتى يومنا هذا.
27 يوليو 2019.. 7 شهداء وجرحى بقصف مدفعي لمرتزِقة العدوان على مساكن المواطنين بالحديدة:
وفي سياق متصل بمحافظة الحديدة قصف مرتزِقة العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي، شارع موسى والأحياء المجاورة، بمديرية الميناء، بقذائف المدفعية.
أسفرت عن شهيد و6 جرحى، وأضرار كبيرة وواسعة في المنازل والممتلكات، وحالة من الهلع لدى الأهالي، وموجة من النزوح والتشرد نحو المجهول.
هنا قذائفُ مرتزِقة العدوان مُستمرّة بشكل عشوائي على الأحياء السكنية والممتلكات العامة والخَاصَّة، والكل منذ أول قذيفة يفرون، يخرجون من تحت منازلهم ويغلقون محلاتهم، هنا أحد الأهالي وأطفاله بيده يفر وآخر يراه ويتساءل: ما الخطب فيجيب آخر: الانفجارات والقذائف في حي موسى السكني، وجموع من النساء والأطفال يظهرون رأس الشارع المقابل، والكل يصرخ، هنا دماء، وهناك جثة شهيد، و6 جرحى يبرزون من الجهات المختلفة.
كبير في السن يتساءل مع نفسه: "هل أبقى في منزلي أم أنزح"، يحسبها ويعيد الحساب، فتكون النتائج صفريةً لا مجال للنزوح، وكل الخيارات تقتضي منه الصمود في المنزل والتخفيف من هلع الأطفال والنساء، وتهدئة روعهم، فيما آخر بدراجته النارية، يسمعُ القذيفة فيحاول الإسراع بالهرب، فيجد أحدَ جيرانه جريحًا، ليحمله صوبَ المشفى، وهناك تواجد الجرحى هذا وذاك كلهم جيران، وحَّدَهم العدوّ تحت سقف واحد، وكلهم آلام وجراحات.
برغم اتّفاق وقف إطلاق النار استمر مرتزِقةُ العدوان في خروقاتهم واستهداف الأحياء السكنية، والممتلكات العامة والخَاصَّة، وترويع الأطفال والنساء، وإفزاع النائمين، وإعاقة حركة التنقل من حي لآخر، في ظل غياب المساعدات الإنسانية لأسر الشهداء والجرحى، والنازحين.
استهداف الأحياء السكنية بالحديدة واحدٌ من آلاف جرائم مرتزِقة العدوان، المتواصلة منذ العام 2018م، إلى اليوم، دون أي تحَرّك للأمم المتحدة واللجنة المشرفة على تنفيذ اتّفاق السويد، ووقف إطلاق النار، لتكونَ حياةُ وممتلكات ودماء الأهالي أهدافاً لعدو لم يجد من يحاسبه، من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية، المُستمرّة في استغلال معاناة شعبنا اليمني والمتاجرة بها في المحافل الدولية للحصول على المصالح الخَاصَّة.