قالت صحيفةُ "نيويورك تايمز" الأمريكيةُ: إنَّ العملياتِ البحريةَ اليمنيةَ المسانِدةَ لغزةَ والتي تستهدفُ أَيْـضاً السفنَ الأمريكية، "أَدَّتْ إلى اضطرابات كبيرة في حركة الشحن وسلاسل التوريد إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الشحن إلى قرابة أربعة أضعاف منذ ديسمبر الماضي، بالإضافة إلى تأخيرات كبيرة في تسليم المواد الخام؛ بما يؤدي إلى عرقلة عمليات الإنتاج"، مشيرة إلى أنه "من المتوقع أن تستمر هذه الاضطرابات بالتوسع في ظل عدم وجود أي مؤشر على توقف العمليات اليمنية في ظل استمرار الحرب في غزة".
ونشرت الصحيفة مساء الاثنين، تقريرًا نقلت فيه عن ستيفاني لوميس، رئيسة الشحن البحري إلى قارَّتَي أمريكا في شركة "رينوس لوجيستيك" بألمانيا، قولها: إنها "تقضي أيامها في التفاوض مع شركات الشحن الدولية نيابةً عن العملاء في نقل المنتجات والأجزاء حول العالم، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، شاهدت أسعار البضائع ترتفع مع سلسلة من الاضطرابات التي عصفت بالبحار".
وقالت لوميس: "يمكن تسميةُ الوضع الحاصل الآن بـ كوفيد جونيور (وباء كورونا الابن)؛ لأَنَّنا عدنا من نواحٍ عديدةٍ إلى ما كنا عليه أثناء الوباء.. كُـلّ شيء يحدث مرة أُخرى".
واعتبر التقرير أنه من بين عدة عواملَ فَــإنَّ "السبب الأكثر إلحاحًا للزيادة الأخيرة في أسعار الشحن" هو العمليات البحرية اليمنية "التي تدعم الفلسطينيين الذين يتعرضون لهجومِ القوات الإسرائيلية".
وأشَارَ إلى أن "هذا التهديد يتصاعد، مع قيامِ اليمنيين بزيادة وتيرة هجماتهم، وتعزيز الضربات الصاروخية بمركبات بحرية غير مأهولة، وهي قواربُ محمولة بالمياه محمَّلة بالمتفجرات ويتم التحكم فيها عن بُعد" لافتاً إلى أنه "في الأسابيع الأخيرة، أَدَّت مثل هذه الهجمات إلى إغراق سفينتين، بما في ذلك سفينة مملوكة لشركة يونانية كانت تحمل الفحم".
وذكر التقرير أن "الاضطراباتِ المتزايدة في مجال الشحن تدفعُ شركات النقل إلى رفع الأسعار؛ وهو ما يمكن أن يهدّد تجار التجزئة مرة أُخرى بنقص المنتجات خلال موسم التسوق في العطلات".
وأوضح أن "هذا الاضطراب قد يؤدي أَيْـضاً إلى تفاقم التضخم، وهو مصدر للقلق الاقتصادي الذي يحرك الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وبحسب التقرير فَــإنَّ "الحاوية المليئة بالمواد الكيميائية التي تصل متأخرة إلى وُجهتِها تؤدي إلى تأخير إنتاج المصانع التي تنتظر تلك المكونات، وتتسبب السفن المتكدسة في الموانئ في إحداث فوضى في تدفق البضائع، وتسدُّ المستودعات، وتضغط على صناعتي النقل بالشاحنات والسكك الحديدية".
وَأَضَـافَ أنه "منذ أُكتوبر، ارتفعت تكلفة نقل حاوية شحن بطول 40 قدمًا من الصين إلى أُورُوبا إلى حوالي 7000 دولار، من متوسط يبلغ حوالي 1200 دولار، وَفقًا للبيانات التي جمعتها شركة زينيتا، وهي شركة لتحليل بيانات السوق ومقرها النرويج".
وذكر أن "أسعار شحن البضائع عبر المحيط الهادئ تضاعفت بنفس القدر، فالآن يكلف نقل حاوية طولها 40 قدماً من شنغهاي إلى لوس أنجلوس ما يزيد على 6700 دولار، وما يقرب من 8000 دولار من شنغهاي إلى نيويورك، وفي شهر ديسمبر الماضي، كانت هذه التكاليف قريبة من 2000 دولار".
ونقل التقرير عن بيتر ساند، كبير المحللين في شركة زينيتا قوله: "لم نشهد الذروة بعد".
وبحسب التقرير فَــإنَّ "المستوردين الذين يعتمدون على الشحن يتحسرون الآن؛ بسَببِ عودة مصدر آخر من المعاناة التي عانوا منها خلال الوباء، حَيثُ تقوم شركات النقل في كثير من الأحيان بإلغاء الحجوزات المؤكّـدة، في حين تطالب برسوم مناولة خَاصَّة ورسوم خدمة متميزة كشرط للحصول على حاويات على متن السفن".
ونقل التقرير عن ديفيد رايش، الذي تقوم شركته (إم إس آر إف) في شيكاغو، بتجميع سلال الهدايا لصالح متاجر وول مارت وسلاسل عملاقة أُخرى قوله: "إن ما يحدث عبارة عن معركة للحصول على الحاويات.. إنه أمر محبط"، مُشيراً إلى أنه "يقوم بتسريع خططه لجمع البضائع لموسم العطلات، ويضغط على مورديه في الصين لتسريع عملية تغليف المواد الغذائية، متوقعاً حدوث تأخير في الشحن".
وقال رايش" إن لديه عقود مع اثنتين من شركات النقل البحري لنقل أربع حاويات أسبوعيًّا من الصين إلى شيكاغو بأسعار تقل عن 5000 دولار "ومع ذلك؛ فقد تم إبلاغه مؤخّراً أن شركات النقل تفرض رسومًا إضافية في موسم الذروة من شأنها أن تضيف ما يصل إلى 2400 دولار لكل حاوية"، بحسب ما نقل التقرير.
وأوضح رايش أنه بالرغم من الأسعار المرتفعة "تقول شركات النقل في كثير من الأحيان إنها لا تملك مساحة على سفنها" مُشيراً إلى أنه "يخشى أن يضطر إلى اللجوء إلى الحجز في ما يسمى بالسوق الفورية، حَيثُ تتقلب الأسعار، وتصل الأسعار الآن إلى 8000 دولار للحاوية".
وذكر التقرير أن "شركة (نيو بالانس) للأحذية الرياضية، تستفيد جزئيًّا من اعتمادها على المصانع في الولايات المتحدة، فضلاً عن عقودها مع شركات النقل التي تحدّد الأسعار، ومع ذلك، فَــإنَّها تضطر في بعض الحالات، دفع أسعار السوق الفورية التي ارتفعت بشكل حاد".
ونقل التقرير عن ديف ويلر، الرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة قوله: إن هناك "زيادة بأكثرَ من 40 % على أَسَاس شهري"، مُضيفاً أن "شركات النقل ألغت بعض الرحلات البحرية المجدولة".
وقال: "نحن نرى عاصفة تختمر في عام 2024 فيما يتعلق بالموثوقية ومخاطر التسعير".
وأوضح التقرير أن "شركات الشحن ركَّزت أساطيلها على الطرق الأكثر ربحية، تلك التي تربط الوجهات مثل شنغهاي وميناء روتردام الهولندي، الأكثر ازدحامًا في أُورُوبا. وقد أجبر ذلك البضائعَ المتجهة إلى أماكنَ أُخرى على التوقف للتحميل وإعادة التحميل في المحاور الرئيسية المعروفة باسم موانئ الشحن، وأصبحت أكبرُ هذه الموانئ، بما في ذلك سنغافورة والعاصمة السريلانكية كولومبو، مكتظةً الآن بالسفن القادمة، حَيثُ يجب أن تنتظر السفن في المرساة لمدة تصل إلى أسبوع قبل أن تصل إلى الأرصفة".
وأضاف: "نظراً للاضطرابات والتكاليف الإضافية، فَــإنَّ بعضَ الزيادة في أسعار الشحن أمر لا مفر منه".
ونقل التقرير عن لوميس قولها: إن "لقد تعلمت شركات النقل درسًا قيمًا للغاية أثناء الوباء، سوف يتلاعبون بالسعة وسيرفعون أسعار الشحن".
وذكر التقرير أنه "بينما يستوعب المستوردون حقيقة ارتفاع أسعار الشحن وازدحام الموانئ، فَــإنَّهم يقومون بالطلب مبكرًا، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في البضائع الواردة في الموانئ الرئيسية، مثل لوس أنجلوس ونيوارك وسافانا بولاية جورجيا، بما يتجاوز قدرة النقل بالشاحنات والسكك الحديدية والمستودعات".
وأوضح التقرير أنه "مما يزيد من القلق أن لا أحد يعرف إلى متى سيستمر الاضطراب الأخير، أَو كيف سينتهي" مُشيراً إلى أن الضربات اليمنية وتأثيراتها "تنطوي على متغيرات جيوسياسية هائلة تجعل التنَبُّؤَ صعبًا".
ونقل التقرير عن ساند، محلل شركة زينيتا قوله: "إنه موقفٌ معقَّــدٌ للغاية، ويبدو أنه لا نهاية له.. لا يوجدُ حَـلٌّ واضِحٌ في الأُفُق".