للمتقين فقط .. بشارات عظمى وفرحة الكبرى

للمتقين فقط .. بشارات عظمى وفرحة الكبرى

وعندما يأتي يوم القيامة، وكنت من عباد الله المتقين، الذين استجابوا لهديه، كم ستكون فرحتك حتى في يوم القيامة؟ يؤمِّنك الله في يوم الفزع الأكبر، يحشرك، فتتلقاك الملائكة؛ لتطمئنك، ولتبشرك، تأتي لك البشارات الواحدة تلو الأخرى في ساحة القيامة، حتى عندما تُؤتى كتابك بيمينك، تفرح، تسعد، حتى وأنت تقرأ كتابك، وتطَّلع على أعمالك الصالحة، الأعمال التي بها فوزك، بها نجاتك، بها فلاحك، تستبشر وتسعد، حتى عندما تأتيك أيضاً البشارة الكاملة الخالصة التامة النهائية، ما بعد الحساب، ويأتي القرار بضمك إلى موكب النور، إلى أولياء الله، إلى أنبيائه، لتكون في زمرتهم، كم ستكون فرحتك، وأنت تضم إلى زمرة أولياء الله، وإلى زمرة أحباء الله، وأنبياء الله، والصالحين من عباد الله؟

 

فيما يميَّز الهالك، الخاسر، الخائب، المستهتر، الذي لم يستجب لدعوة الله “سبحانه وتعالى” في هذه الدنيا، يميَّز إلى صف المجرمين، إلى صف الشياطين، إلى صف الهالكين، إلى صف الكافرين، إلى صف المنافقين، إلى تلك العناوين التي كلٌّ منها عنوانٌ يوصل أهله إلى نار جهنم والعياذ بالله.

 

ثم عند النقل، عند مرحلة الانتقال إلى عالم الجنة، عندما تقرَّب الجنة، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الشعراء: الآية90]، كم ستكون فرحتك؟! كيف هي مشاعرك؟! كم هو اطمئنانك؟! كم هو شعورك بالسعادة؟! مشاعر بالسعادة لا يمكن أن توصف أبداً، ولا يمكن أن يستوعبها الخيال؛ لأنك ترى أنك ستنتقل إلى تلك الحياة الهنيئة، السعيدة، وتحشر مع أولياء الله، في زمرتهم.

 

حتى في الطريق، حتى من أول نقلة قَدَم، من أول ما تنتقل وأنت ذاهب، وأنت تعرف إلى أين أنت ذاهب، إلى الجنة، إلى السعادة الأبدية، إلى أرقى نعيم، واطمئنانك الكبير بأنَّ الله- في نفس الوقت- نجاك، نجاك من الجحيم، نجاك من العذاب الشديد، من الخزي الدائم، من الهوان والعذاب الأبدي.

 

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا}[الزمر: من الآية71]، عندما يصلون إلى الجنة، وهي لحظة لا يمكن أبداً أن نتخيل مدى السعادة فيها، عندما تشاهد الجنة، كم سمعنا من نعيمها، من أوصافها، في القرآن الكريم، ولكن لحظة المشاهدة عن قرب لعالم الجنة، مع معرفة أنك أصبحت من أهلها، هي لحظة من السعادة لا يمكن أن توصف، هي اللحظة التي يمكن فيها أن تنسى كل ألمٍ، أو عناءٍ، أو شدةٍ، قد حصل لك في هذه الدنيا، وأنت تعمل في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، فيما يرضيه، فيما يوصلك إلى رضوانه وجنته، أي عناءٍ مهما كان في هذه الحياة، أي شدائد، أي متاعب، أي هموم، أي معاناة (جسدية، أو نفسيه) كنت قد عانيت منها في هذه الحياة، وأنت في طريق الوصول إلى هذا النعيم، وأنت تستجيب لدعوة الله “سبحانه وتعالى”، ستعتبرها لا شيء، شعورك العظيم جدًّا بالسعادة والرضى بما وصلت إليه، شعورٌ عظيمٌ ينسيك كل الآلام، وكل الهموم، وكل المعاناة، وكل الشدائد، وكل الصعوبات.

 

وعلى العكس من ذلك لحظة الوصول إلى جهنم، بل حالة الانتقال إليها، وأنت تنقل والعياذ بالله، لو لم تسر في طريق الوصول إلى رحمة الله وجنته ورضوانه، تنقل إلى النار رغماً عنك، وأنت تعيش حالةً من الرعب، لا يمكن أن توصف، ومن الخوف، لا يمكن أن يستوعبها الخيال، والإدراك؛ لأنك ستنتقل إلى الخزي، إلى العذاب الدائم، إلى جحيم جهنم، وأنت تسمع تسعرها، تسمع زفيرها وشهيقها، وأصواتها المرعبة، فتدفع دفعاً، من خلال الزبانية.

أما الانتقال إلى النار فدعَّا: دفعاً رغماً عنك، وتؤخذ بالنواصي والأقدام، ويلقى بك إلقاءً إلى قعر جهنم والعياذ بالله، عندما تعاينها، أهوال رهيبة، خوف شديد جدًّا؛ أما عندما تلقى فيها، لتباشر حرارتها، وتباشر الصلي فيها، والاحتراق بنارها، فهي أحوال رهيبة، وشنيعة، ومخيفة جدًّا.

بينما السوق إلى الجنة هو بتكريم، الانتقال بتكريم، وكأنك وفد يتجه إلى ضيافة الله “سبحانه وتعالى”، الضيافة الدائمة.

 

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة العاشرة 1442هـ


مواضيع ذات صلة :