نشَرَ الوعيَ تجاه الأحداث وَأحيا الروحَ الجهادية وَربَّى رجالاً حملوا القضيةَ حتى رأى ثمارَ جهاده في المسيرة القرآنية.. السيدُ بدرُ الدين وبركاتُه التي لا تنتهي

نشَرَ الوعيَ تجاه الأحداث وَأحيا الروحَ الجهادية وَربَّى رجالاً حملوا القضيةَ حتى رأى ثمارَ جهاده في المسيرة القرآنية.. السيدُ بدرُ الدين وبركاتُه التي لا تنتهي

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وَالصلاةُ وَالسلام على سيدنا رسول الله وَعلى آله سُفُنِ النجاة وَأمانِ أهل الأرض من الضلال.

 

يقف القلم عاجزاً عندما يعلم أنه سيكتُبُ عن الشخص، الذي ما عَلَما الهدى الشهيد القائد وَالسيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِمَا- إلا حسنة من حسناتِ هذا الرجل، الذي يعتبر فعلاً أُعجوبةَ عصره في العلم وَالعمل، وَآيةً من آيات الله في التقوى وَالطهارة، وَحجّـة من حُجَجِ الله في الجِهاد وَالتفاني في سبيل الله.

ذلك الرجل هو العالم الرباني فقيه القرآن السيد المولى العلامة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-.

الحديث عن هذه الشخصية الفريدة واسعٌ جِـدًّا، وَلكنني سأقتصر على الحديث عن جهاده الفكري وَالمناهض للثقافة الوهَّـابية التي تعتبر توأمَ اليهودية، بل إن الذي وضعها وَأتقن حَبْكَها هم اليُهودُ أنفسُهم.

 

من المعلوم أن اليمن هو البلد الذي يقلق منه اليهود كَثيراً؛ لما يعلمونه من دور اليمن المستقبلي في مواجهتهم وَهزيمتهم؛ وَلما نعلُمُه نحن من كلام الحبيب المصطفى -صلوات الله عليه وَعلى آله- المؤكّـد لهذه الحقيقة من أمثال قوله -صلى الله عليه وَآله-: (الإيمانُ يمان وَالحكمةُ يمانية) (إني لَأَجِدُ نَفَسَ الرحمن من اليمن) (اللهم بارِكْ في يمننا وَشامنا) وَغيرها الكثير وَالكثير؛ وَلهذا فقد جعل اليهود اليمن في رأس قائمة الدول المستهدَفة، وَخططوا لاستهدافه بكل أنواع الاستهداف، وَكان أخطرها هو الغزو الثقافي؛ بهَدفِ فصل اليمانيين عن القرآن الكريم كمنهج، وَعن النبي وَأعلام الهدى من أهل بيته كقادة وَقُدوة؛ وَلذلك اتجه اليهود إلى غزو اليمن بالفكر الوهَّـابي الخبيث الذي صنعته المخابرات البريطانية، وَللقارئ أن يراجَعَ كتاب (مذكرات مستر همفر) للاطلاع أكثر حول صناعة اليهود للوهَّـابية.

كان هذا الغزو التكفيري بدعم وَإشراف من قرن الشيطان النظام السعوديّ العميل وَالخائن، وَالذي استخدم أحدَ أدواته وَأوراقه وَالمسمَّى "مقبل الوادعي" بعد أن علَّمه ودرَّسه وَدرَّبه لسنوات، ثم أعاده إلى اليمن متحجِّجًا بمبرّرات استخباراتية معروفة وَغبية هي خلافُه مع النظام السعوديّ، وَتم زرعُه بالتحديد في منطقة دمَّاج في صعدة المحافظة المعروفة بولائها التاريخي للنبي وَأهل بيته -عَلَيْـهِمُ السَّـلَامُ- وَمع هذا أرسلوه إلى هذه المحافظة، وطبعاً بعد أن نسَّقوا له مع السلطة العميلة وَعملائهم هناك من المشايخ وَالشخصيات المؤثرة، وَوجَّهوهم بدعمه وَالوقوف معه؛ لأَنَّهم يدركون جيِّدًا أن المجتمع هناك لا يمكن أن يقبَلَ بمثلِه أَو يسكُتَ عن ضلاله.

ومن المعلوم أن الزيدية وَالشافعية في اليمن قدَّموا نموذجاً راقياً وَعظيماً في التآخي وَالتوحد وَالمحبة وَالوفاء وَالتعايش عبر القرون، وَلكن ما إن وصل عميل النظام السعوديّ الوهَّـابي مقبل الوادعي إلى صعدة حتى بدأ بنشر الكراهية وَالتكفير وَالتشويه وَالتفريق بين أبناء اليمن، وَبدأ بتصنيف المجتمع اليمني يمن الإيمان حسب التعليمات السعوديّة اليهودية إلى (روافض وَمجوس وَصوفية قبوريين وَكفار وَمشركين وَ... إلخ) وَلم يسلم من لسانه أحد، لا أهل الحق وَلا حتى أهل الباطل كالإخوان المفلسين وَغيرهم؛ حتى تكتمل الخطة الصهيونية؛ وَلأَنَّه كان يرى نفسَه وَأتباعَه هم وحدَهم على الحق، وهم وحدَهم الفرقة الناجية، وهم وحدَهم أهل السنة، ولم يكن يحترم إلا علماء وهَّـابية السعوديّة وَمن على طريقتهم.

وكُتُبُه وَأشرطتُه شاهدٌ على هذا وَعلى بذاءة لسانه وَجرأته في السخرية من الآخرين وَاتّهامهم في دينهم وَأخلاقهم وَأصالتهم، حتى وصل به الحال إلى النيل من أئمة أهل البيت وفي مقدمتهم الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-، هذا كله كان بحماية السلطة العميلة وَالمشايخ وَالدعم السعوديّ اللامحدود.

ومما كان يشتغل به بين الناس هو لَبْسُ الحق بالباطل وَنشر الشُّبَه وَالأضاليل وَالدعايات حول الشيعة وَحول أهل البيت وَحول عادات وَتقاليد الشعب اليمني، وَهنا انبرى العالَمُ الرباني السيد المولى بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- للتصدي لهذا الغزو اليهودي الوهَّـابي وَتحذير الناس منه وَمن عواقبه السيئة وَتفنيد كُـلّ الشُّبَه وَالأباطيل التي كان ينشُرُها الوهَّـابيُّ الوادعي، وَشَنَّ المولى -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- غاراته عليهم في كتاب (الغارة السريعة في الرد على الطليعة).

وَكان المولى بدر الدين لا يفوِّتُ دعاية ولا شُبْهةً في كتاب أَو شريط أَو محاضرة لهذا الوهَّـابي إلا وَيرد عليها وَيوضح الحق فيها بالدليل وَالبرهان من القرآن الكريم وَمن كتب أهل السنة أنفسهم؛ فهو كان ذلك العالم المتبحر في العلم وَالراسخ فيه وَيؤلف الكتب المهمة في الرد على الوهَّـابية، فعلى سبيل المثال كانت هناك الكثير من التساؤلات التي أثارها الوهَّـابي الوادعي فرد عليها على شكل سؤال وَجواب في كتاب (إرشاد السائل إلى أهم المسائل)، وَعندما نشرت الوهَّـابية دعاياتها الكاذبة حول الزيدية وَأهل البيت وهي نفس الدعايات التي لا يزال يردّدها ببغاوات وَدواعش اليوم من إخوان وَسلفيين وَغيرهم فرد عليها في كتابه (السهم الثاقب في إبطال دعايات النواصب)، أما كتابُه (كشف التغرير) فهو ردٌّ على محاضرة للوهَّـابي الوادعي جاء فيها بالأكاذيب وَالشُّبَهِ الكثيرة حول المذهب الزيدي وَحول بعض المعتقدات الوهَّـابية المغلوطة كالشفاعة لأهل الكبائر وَالرؤية وَادعائهم حُبَّ أهل البيت وَكان -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- يرُدُّ على هذا الوهَّـابي من كتبه هو أَو من كتب أسلافه من أهل السنة.

وَعندما كانت الوهَّـابية تمجِّدُ الطواغيتَ وَالجبابرة (كعادتها دائماً) كأمثال بني أُمية وَعلى رأسهم معاوية الذي يقدِّمونه كصحابي جليل وَككاتب للوحي توجَّـه المولى بدر الدين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى تأليف كتاب (المجموعة الوافية في الفئة الباغية) مورداً لحديث "عمار تقتُلُه الفئة الباغية" من معظم كتب أهل السنة، اسم الكتاب مع رقم الحديث وَرقم الصفحة، مسكتاً أبواقَ الوهَّـابية ومفحماً لهم بالأدلة وَالبراهين؛ مما يضطرهم في الأخير إلى العودة إلى أُسلُـوبهم المعهود من السباب وَالشتائم وَالدسائس وَالأكاذيب وَمحاولات الفصل بين الشعب اليمني المؤمن وَأهل البيت النبوي الكريم، من خلال نشر الشبه وَالدعايات التي رد عليها السيدُ المولى في عدة كتيبات منها (الذرية المباركة) (آل محمد ليسوا كُـلّ الأُمَّــة) (أحاديث مختارة في فضائل أمير المؤمنين وَأهل البيت عليهم السلام) وَكُـلّ هذا يأتي به مستشهداً بالروايات وَالأحاديث التي يعترفُ بها الوهَّـابي الوادعي وَلا يستطيع إنكارَها أبداً، مبينًا لهذا الجاهل (مَن هم الوهَّـابية) وَ(مَن هم الرافضة) عندها كان يلجأُ الوهَّـابية إلى أُسطواناتهم المشروخة المعروفة (أنتم تسبُّون الصحابة، أنتم تسبون أُمهات المؤمنين، أنتم كذا أنتم كذا...).

كان السيد بدر الدين -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- يدعو الناس إلى رفع مستوى الوعي من خلال كتابه (تحرير الأفكار) وَألا يكونوا ضحية لهرطقات وَأوهام الوهَّـابية وَأكاذيبهم، وأوضح في كُتيب جميل وَعظيم (ما هو الفرق بين السب وَبين القول بالحق).

اتجه الوهَّـابي يائساً إلى إثارة الخلافات الفقهية البسيطة؛ ليصنع منها بذرة للخلاف بين أبناء المجتمع الواحد فأوضح السيد بدر الدين المسألة في كتابه (التبيين في الضَّمِّ وَالتأمين).

فلجأ الوادعي الوهَّـابي التكفيري إلى استغلال بعض أخطاء العوام من الناس، مكفِّراً لهم وَمتهماً لهم بالشرك بكل جرأة على الله، وَنعوذ بالله، وَلكن السيد بدر الدين بعلمه وَرحمته الواسعة وَحرصه على هداية الناس يعلم الجميع (إيضاح المعالم في الرُّقَى وَالتمائم).

أُصيب الوهَّـابي مقبل الوادعي بإحباط شديد وَهزيمة منكرة أمام حجج وَبراهين فقيه القرآن وَعالم آل محمد السيد بدر الدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- فلجأ الوهَّـابي إلى طلب المدد وَالعون من أسياده في نجد قرن الشيطان وَمن شيخه مفتي السعوديّة آنذاك عبدالعزيز بن باز الذي أفتى بعدم جواز الصلاة خلف الزيدي ولا الزواج من الزيدي؛ لأَنَّ الغالب عليهم كما يدَّعي الشرك وَسب الصحابة؛ فتوجّـه إليه وَإلى أمثاله بدر الهدى وَمصباح الدجى بالرد الجلي فاضحاً للوهَّـابية وَكاشفاً للحقيقة في كتبه (الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز) (الجواب الوجيز) (كتاب الإفادة لأهل الإنصاف) (كتاب الإجادة في دفع الإسراف) وَمبينًا كذب الوهَّـابية في دعواهم أن زيارة النبي -صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ وَآلِهِ- بدعة وَشرك كما يقولون فرد عليهم بكتاب (شرح الصدور في زيارة القبور) وَ(رفع الإشكال في مسألة شد الرحال).

وبعد هزيمة مفتيهم وَشيخهم الكبير، لجأوا إلى الشعر وَالشعراء فكلفوا من شعرائهم (القحطاني) وَ(حافظ الحكمي) لنشر الأضاليل وَالأباطيل فانبرى لهم السيد المولى شاعراً فصيحاً بليغاً عالماً باللغة وَأساليبها؛ فرد على الأول بقصيدة أسماها (النصيحة المفيدة) وَعلى الثاني بقصيدة أسماها (الحسام القاضب).

وبالرغم من كُـلّ هذا لم تستطعِ الوهَّـابية التكفيرية إشغال السيد بدر الدين عن قضايا الأُمَّــة الكبرى وَفي مقدمتها القدس الشريف؛ وَلذلك كان كُـلُّ هدفه هو العمل على توحيد الأُمَّــة وَمحاربة كُـلِّ المساعي الشيطانية لتفريقها، وَللقارئ الكريم أن يعرفَ هذا من خلال قراءته لكتابه المعنون (التحذير من الفُرقة) وَمشاركاته المهمة في المؤتمرات العالمية للتقريب بين المذاهب

أُصيب الوهَّـابي الوادعي بالقهر وَالخِذلان، وَهجمت عليه الأمراض وَذهب إلى أمريكا وَالسعوديّة للعلاج وَانتهى أمره في 2001 م في السعوديّة قرن الشيطان التي أرسلته إلى اليمن فعاد إليها خائباً محمَّلاً بالأوزار، وَاليوم يرى الجميعُ شرورَ مشروعه وَمشروع أسياده التكفيريين الذي تجسَّد اليوم في دواعش وَتكفيريين وَعملاء وَمنافقين وَمطبِّعين مع كيان العدوّ الصهيوني وَمقاتلين في صف الأمريكان وَالصهاينة ومتنكرين لأهم قضايا الأُمَّــة وهي قضية الأقصى وَفلسطين، وموقفُهم المخزي اليوم تجاه ما يحصل في غزةَ أكبرُ شاهد على باطلهم وَعمالتهم لأعداء الإسلام وَشاهد على صوابية موقف السيد بدر الدين -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- المبكِّر تجاههم وعلى رؤيته الثاقبة التي أثبت الواقع صوابيتها.

السيدُ بدر الدين -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- بثقافته القرآنية وَعلمه الواسع وَهمته العالية وَثقته القوية بالله، كان قد حاصر هذا الوهَّـابي وَفكرَه الضالَّ وَالمنحرف في أضيق زاوية وَأصابه باليأس وَالإحباط ووقف حاجزاً منيعاً أمام مخطّطات الصهيونية العالمية، وَهذا جعل السلطة العميلة تتدخَّلُ بتوجيهات سعوديّة وَأمريكية بمحاولات الاغتيال المتكرّرة لهذا العالم الرباني العظيم، وَلكنها فشلت بفضل رعاية الله التي أحاطت بهذا العالم الرباني فلجأت السلطة إلى نفيه من البلاد وَإلى مضايقته وَملاحقته وَلكن جهوده كانت قد حصَّنت المجتمعَ من الغزو الفكري التكفيري، وَكان -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- قد نشر الوعيَ العاليَ تجاه الأحداث وَأحيا الروحَ الجهادية في قلوب المستضعفين وَربَّى رجالاً حملوا القضيةَ وَالمشروعَ وَاستمر في مواجهة المشاريع الأمريكية الإسرائيلية حتى رأى بركاتِ وَثمارَ جهاده وَتضحياته في هذه المسيرة القرآنية المباركة وَكأنَّها رسالةٌ إلهيةٌ بقُبولِ أعماله وَمباركة الله لها.

وَمن رعاية الله لهذا العالم الرباني أنه أبقاه حتى رأى مسيرته المباركة تنتصر وَتتوسع بالرغم من ست حروب طاحنة شُنت عليها وَبالرغم من تقديمه للكثير من أولاده وَأقربائه شهداءَ لكنه كان يرى هذا فضلًا من الله عليه.

وَاليوم مسيرتُه المباركةُ هي التي تقفُ بكل قوة مع أطفال ونساء غزة ومن تنتصر لفلسطين وقضايا الأُمَّــة ومن حطَّمت هيبة أمريكا وَكسرت صنم طاغوتها وأغرقت سفنها وبوارجها وَأحرقت طائراتها وَهي اليوم تخوض حربًا واسعةً مباشرةً معها ومع اللوبي الصهيوني واليهودية العالمية.

إن كُـلّ هذا ما هو إلا شاهدٌ على عظمة هذا الرجل وَعلى صدقِه مع الله وَإخلاصِه له وَعلى أحقية المشروع الذي تحَرّك فيه.

فإلى أين وصلتم أَيُّها الوهَّـابية؟ وَانظروا إلى أين وصلت مسيرةُ القرآن وَقرناء القرآن وَصدق رسولُ الله، حَيثُ قال: (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تَضِلُّوا من بعدي أبداً كتابَ الله وَعترتي أهلَ بيتي، إن اللطيفَ الخبيرَ نبَّأني أنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ).

 

السلامُ على بدر الهدى يومَ وُلِدَ، وَيومَ جاهَدَ، ويومَ تُوفِيَ، وَيومَ لقي الله سعيداً مجاهداً، وَيومَ يُبْعَثُ كريماً عزيزاً.

 


مواضيع ذات صلة :