إن الثورات عبارة عن تحرك شعبي تفرضه الضرورة الإنسانية في المقدمة وبالنسبة للشعوب ذات القيم مثل شعبنا اليمني الذي هو شعب مسلم ينتمي للإسلام فهو ينطلق أيضاً في ثوراته انطلاقاً من قيمه ومبادئه ولأن تمركز اليمن في قلب العالم وبما يمتلكه من موقع جيوسياسي استراتيجي هام جعله محط أنظار الكثير من الامبراطوريات الاستعمارية التي قامت عبر التاريخ بالكثير من محاولات احتلاله والهيمنة عليه إلا أنها كانت تواجه بمقاومة يمنية شرسة حتى عرف اليمن تاريخياً بأنه مقبرة الغزاة .. ولعل سبب تمكن المستعمر البريطاني من السيطرة على أجزاء من المناطق الجنوبية اليمنية لسنوات طويلة هو أنه أتى في وقت وواقع الأمة مهيئ لأعدائها بشكل عام، إضافة إلى ضعف الوعي إلى حدٍ كبير، وانعدام الشعور بالمسؤولية وعدم إدراك المواطن اليمني لأهمية بلده وموقعه الاستراتيجي الهام. يضاف إلى ذلك حالة الاستبداد التي مارسها الاحتلال البريطاني واستخدامه سياسة الأرض المحروقة بحق القرى والمدن اليمنية و اعتماده على سياسة فرق تسد التي عمل بها كاستراتيجية في جميع مستعمراته.
سياسة « فرق تسد» تطبق في الجنوب اليمني المحتل
عندما تمكن الاستعمار البريطاني من إيجاد موطئ قدم له في الجنوب اليمني عمد إلى تفتيت المناطق الجنوبية إلى أكثر من سلطنة وإمارة (محميات بريطانية) كل إمارة لها سلطانها ونظامها وحدودها الخاص بها مع ارتباطها المباشر بالحاكم الانجليزي والتقيد بأوامره وتنفيذ كل ما يأمرهم به.
محاولة طمس الهوية اليمنية
حاول الاستعمار البريطاني طيلة فترة احتلاله للمناطق الجنوبية طمس الهوية الوطنية لأبناء اليمن عن طريق تشجيع الهجرة الأجنبية إلى عدن من مستعمراته في أفريقيا والهند وغيرها وتجنيسهم وإعطائهم حق التملك مع محاصرة أبناء البلد، كما نشر الاحتلال البريطاني ثقافة الانحلال وشجّع المجتمع على الانسلاخ من ثقافته الوطنية والإسلامية عن طريق نشر النوادي والملاهي والاختلاط بالعائلات الانجليزية غير الملتزمة.
القمع وسيلة الاستعمار في مواجهة الأصوات الحرة
وعلى الرغم من القبضة الاستعمارية التي كانت بريطانيا قد أحكمت سيطرتها على عدن ومينائها ومنفذها البحري ومارست الحصار والاحتكار التجاري إلا أن المواطنين الأحرار كانوا يثورون بين فينة وأخرى ويخرجون في مسيرات جماهيرية تندد بسياسة المحتل يقابلها الإنجليز بالقمع والاعتقال والتعذيب ولكن ذلك لم يفت في عضد أحرار الجنوب فواصلوا تحركهم الثوري والجهادي ضد المستعمر حتى تكللت جهودهم بالانتصار ودحر الاستعمار وأدواته في الـ14 من أكتوبر1963 م،
جبل ردفان يحتضن شرارة الثورة.. وأحرار اليمن يقهرون الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس
من جبل ردفان الأشم انطلقت العملية التحررية الكبرى لأبطال اليمن الأحرار ضد المستعمر البريطاني ومرتزقته وتفجّرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م بقيادة الشهيد غالب لبوزة ليدوي صداها في أرجاء اليمن ولتتفجر براكين الغضب في صدور الأحرار فيتداعى الشعب اليمني من شماله وجنوبه لرفد أبناء ردفان الأحرار وبعزيمة الأبطال وإرادة الرجال استطاعوا أن يقهروا المستعمر وينكلوا به بعمليات بطولية وفدائية أودت بالآلاف من ضباط وعملاء المستعمر البريطاني ما أجبرته على الرحيل من أرض الأحرار ..
وكانت المعجزة أن المجاهدين اليمنيون ضد الاحتلال البريطاني لم يكونوا يمتلكون سوى القليل من الأسلحة والمؤن وانعدام للخبرة في الوقت الذي يواجهون أقوى إمبراطورية في ذلك الوقت والتي لم تكن تغيب عن مستعمراتها الشمس ولكن إرادة وعزيمة الشعوب هي الأقوى من أي دخيل وعميل.
وعلى الرغم من استشهاد مفجّر ثورة 14 من أكتوبر إلا أن الأحرار واصلوا نضالهم واستمرت الثورة لسنوات حتى اضطر المحتل لتوقيع اتفاقية الجلاء على إثرها غادر آخر جندي بريطاني عدن في الـ 30 من نوفمبر 1967م.
ثورة 14 أكتوبر تغييب متعمد وذكرى تقاوم النسيان
يقول السيد عبد الملك الحوثي في خطابه بمناسبة ذكرى الرابع عشر من أكتوبر م حول أسباب تغييب التاريخ الجهادي لليمنيين ومنها ثورة الـ 14 من أكتوبر Hهم سبب في تغييب ثورة 14 أكتوبر وغيرها من الثورات التاريخية سواء ضد العثمانيين أو غيرهم، هي اليد الأجنبية التي عملت على صنع ثقافة الناس بما يتناسب مع استراتيجياتها الاستعمارية، وهذا لم يكن لولا التسهيلات الكبيرة من قبل الأنظمة التي ترى نفسها غير معنية بالثورة ومبادئها، لأنها أنظمة من صنيعة الأجنبي ولم تصنعها ثورات الشعوب.
في المناهج التعليمية التي كانت تتغير بين الفترة والأخرى بما يتناسب مع السلطة والخارج، سيُلحظ فيها حديث عن ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، وفي المنهج ذاته حديث عن بريطانيا وأمريكا ودول أخرى باعتبارها نماذج يجب أن تقتدي بها الدول…وهناك نصب تذكاري للعثمانيين ومقابر للمصريين وغيرهم.
على المستوى الديني حذفت آيات الجهاد بالتدريج، وعلى مستوى السلطة، كان النفوذ الأجنبي وبالأخص الأمريكي هو البارز، كذلك الحال في الأجهزة الأمنية، فالأمريكي يقرر من هو عدوها ومن صديقها، وعلى مستوى القوى السياسية، لم يكن لأغلبها مشروع تحرري، بل كانت تتسابق مع بعضها نحو العمالة والارتهان للخارج لكي تحظى بالنصيب الأوفر من السلطة.
دروس وعبر من ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة
انتصار ثورة الـ14 من أكتوبر لم يأت إلا بتضحية وصبر
“إن انتصار ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ، أو نتيجة مراجعة بريطانيا الاستعمارية لحساباتها وشعورها بالذنب جراء ما اقترفته من جرائم بحق أبناء شعبنا اليمني في الجنوب؛ بل إن الانتصار العظيم الذي حققه ثوار حرب التحرير كان نتيجة لنضال سياسي وعسكري وأمني ونقابي استمر لسنوات طوال، ونتيجة لتضحيات، ودماء، وجراحات، وسجون، وتشريد، وآلام ومعاناة تحملها أبناء عدن والمحافظات الجنوبية، وقدم ثوار حرب التحرير المجيدة أبلغ دروس البطولة والتضحية والفداء والبذل في سبيل الحرية والكرامة ورفضاً للاحتلال البريطاني ومؤامراته في تمزيق جنوب الوطن إلى كيانات تزيد عن العشرين، لتكون ثورة الـ14 من أكتوبر إحدى أعظم الثورات التحررية العربية من الهيمنة الاستعمارية في القرن العشرين”.
أحياؤنا لذكرى ثورة الـ14 من أكتوبر تخليداً لتضحيات أبطالها
إن أحيائنا لذكرى ثورة الـ 14 من أكتوبر هو تقديراً واعتزازاً وتخليداً لنضالات المجاهدين الأحرار الذين ثاروا ضد الاستعمار البريطاني وقدموا الغالي والنفيس في سبيل استعادة اليمن لحريته واستقلاله.
كما أن ذلك يأتي في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى استلهام صمود أبطال ثورة الـ 14 من أكتوبر وثباتهم وإصرارهم على دحر الغزاة والطامعين في احتلال اليمن والتصدي لهم ولعملائهم من الخونة والمأجورين..
رحل المستعمر البريطاني وبقيت قنابله وصواريخه الذكية
“لقد رحل آخر جندي لهذا الاستعمار الذي جثم على صدر الجنوب لأكثر من قرن وربع القرن إلا أن قنابل وصواريخ هذا المستعمر لا زالت تتساقط فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل بشكل يومي لأكثر من 8 أعوام من العدوان على اليمن ولا زالت مؤامراته تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.
ها هو المستعمر القديم يعود اليوم للانتقام من الشعب اليمني على شكل صفقات الأسلحة والقنابل الانشطارية والفسفورية وغيرها من الأسلحة المحرمة والمحظورة بموجب القانون الدولي وعلى حساب الدم اليمني المسفوح تتقاضى أمريكا وبريطانيا عشرات المليارات قيمة مبيعات الأسلحة التي يزودون بها آل سعود وآل زايد ليمطروها فوق رؤوس اليمنيين الأبرياء.
هؤلاء الذين يزعمون أنهم حراس القانون الدولي يدوسون تحت أقدامهم كل القوانين التي تحظر بيع الأسلحة لأي جهة من المحتمل استخدامها في هجمات ضد المدنيين)) حيث يقتل الطيران السعودي الأمريكي الأطفال والنساء يومياً وأمام مرأى ومسمع العالم كله”.
مثلت ثورة الـ 14 من أكتوبر صورة فريدة من التكامل الشعبي اليمني
“ثورة الـ14 من أكتوبر مثلت صورة من صور التكامل الشعبي والتجانس المجتمعي والعمق اليمني الأصيل المقاوم لكل ما يمس الكرامة والروح الوطنية وساحة للحرية الأصيلة التي جاد مناضلوها بأرواحهم ودمائهم وجهدهم ضد الظلم والطغيان على كل تراب الوطن اليمني شمالا وجنوبا في سبيل تحقيق الحلم اليمني الحي والملهم للأجيال بما يستحقه اليمن وشعبه العزيز على كل ذرة من ترابه الوطني الغالي من حق في اللحاق بركب الحضارة والتقدم والاستقلال التام وحرية القرار والتمتع بخيرات الوطن وموقعة وثرواته التي في مقدمتها قوته البشرية وشبابه وشاباته التواقون للحياة المبدعون عندما تتاح لهم الفرصة مسجلين حضورهم القوي في عوالم الإبداع العلمي والعملي كما هم في الثورة والمقاومة والوعي والبصيرة”.
ثورة الـ 14 من أكتوبر تعلمنا أن نواصل التضحية حتى جلاء آخر جندي غازي
“ إن الاحتفال بثورة 14 من أكتوبر يظل احتفالا منقوصا مادام هناك جندي إماراتي أو سعودي أو أمريكي على تراب الوطن شماله وجنوبه وكما احتفلنا بجلاء أخر جندي بريطاني سنحتفل بإذنه تعالى بجلاء آخر جندي إماراتي أو سعودي.
لا زالت الأطماع هي الأطماع فقط تغيرت أدوات الاستعمار وكما كان تفتيت اليمن مطلب استعماري قديم لبريطانيا قبل خروجها من اليمنتنفذه اليوم الإمارات بالوكالة بمال شعبها ودم اليمنيين.. وكما سعت بريطانيا للسيطرة على الممرات المائية وفرض وصايتها على اليمن تتولى الإمارات مهمة السيطرة والهيمنة على الساحل الإفريقي واليمني من باب المندب وحتى حضرموت وسقطرى لتعطيل ميناء عدن لصالح ميناء جبل علي في دبي وفرض وصايتها على مناطق الجنوب وكما سعى المستعمر على شراء ولاء سلاطين ومشيخات الجنوب بالمال وقتل ونفي من يرفض منهم تمارس الإمارات في إطار تحالف العدوان نفس السياسية من خلال شراء ولاء بعض القيادات الجنوبية واغتيال وإبعاد من يرفض أجندتهم وكما كان لبريطانيا مندوب سامي في كل سلطنات جنوب اليمن صار للإمارات مندوب سامي في عدن وحضرموت وكل المناطق التي يحتلونها.
أول من يضحي بهم المستعمر هم عملاؤه
“الدروس والنتائج التي أسفرت عنها ثورة 14 أكتوبر المجيدة منها ذلك الموقف التاريخي الذي اتخذته من الخونة والمرتزقة والعملاء الذين كانوا في صف المستعمر البريطاني الذين أمسوا بعد انتصار الثورة كهشيم المحتضر، وهو ما يجب أن يتعلم منه مرتزقة اليوم المساندين للعدوان السعودي الأمريكي التحالفي الهمجي على وطنهم بأن يراجعوا مواقفهم ويعيدوا حساباتهم ويعتذروا لوطنهم وأبناء شعبهم عما اقترفوه”.
مصير الغزاة اليوم لن يختلف عن سابقيهم
“إن الشعب اليمني سيظل الشعب الذي لا يقهرالشعب القوي بإيمانه بالله، وبإرادته الوطنية الحرة وبقضيته العادلة، الشعب الذي ضرب ولا زال يضرب أروع الأمثلة في العطاء والتضحية والصمود في الدفاع عن كرامته وأرضه واستقلاله وكل يوم يؤكد الشعب اليمني أن كل المعتدين والغزاة مهما حشدوا ومهما كانت قوتهم فإن مصيرهم لن يختلف عن مصير سابقيهم من الغزاة والمحتلين وقريباً سيرحلون وسيرحل معهم عملاؤهم ومرتزقتهم الذين باعوا الوطن واستدعوا الأجانب لتدنيس تراب الوطن مقابل ثمن بخس”.
إن الثورات عبارة عن تحرك شعبي تفرضه الضرورة الإنسانية في المقدمة وبالنسبة للشعوب ذات القيم مثل شعبنا اليمني الذي هو شعب مسلم ينتمي للإسلام فهو ينطلق أيضاً في ثوراته انطلاقاً من قيمه ومبادئه ولأن تمركز اليمن في قلب العالم وبما يمتلكه من موقع جيوسياسي استراتيجي هام جعله محط أنظار الكثير من الامبراطوريات الاستعمارية التي قامت عبر التاريخ بالكثير من محاولات احتلاله والهيمنة عليه إلا أنها كانت تواجه بمقاومة يمنية شرسة حتى عرف اليمن تاريخياً بأنه مقبرة الغزاة .. ولعل سبب تمكن المستعمر البريطاني من السيطرة على أجزاء من المناطق الجنوبية اليمنية لسنوات طويلة هو أنه أتى في وقت وواقع الأمة مهيئ لأعدائها بشكل عام، إضافة إلى ضعف الوعي إلى حدٍ كبير، وانعدام الشعور بالمسؤولية وعدم إدراك المواطن اليمني لأهمية بلده وموقعه الاستراتيجي الهام. يضاف إلى ذلك حالة الاستبداد التي مارسها الاحتلال البريطاني واستخدامه سياسة الأرض المحروقة بحق القرى والمدن اليمنية و اعتماده على سياسة فرق تسد التي عمل بها كاستراتيجية في جميع مستعمراته.
سياسة « فرق تسد» تطبق في الجنوب اليمني المحتل
عندما تمكن الاستعمار البريطاني من إيجاد موطئ قدم له في الجنوب اليمني عمد إلى تفتيت المناطق الجنوبية إلى أكثر من سلطنة وإمارة (محميات بريطانية) كل إمارة لها سلطانها ونظامها وحدودها الخاص بها مع ارتباطها المباشر بالحاكم الانجليزي والتقيد بأوامره وتنفيذ كل ما يأمرهم به.
محاولة طمس الهوية اليمنية
حاول الاستعمار البريطاني طيلة فترة احتلاله للمناطق الجنوبية طمس الهوية الوطنية لأبناء اليمن عن طريق تشجيع الهجرة الأجنبية إلى عدن من مستعمراته في أفريقيا والهند وغيرها وتجنيسهم وإعطائهم حق التملك مع محاصرة أبناء البلد، كما نشر الاحتلال البريطاني ثقافة الانحلال وشجّع المجتمع على الانسلاخ من ثقافته الوطنية والإسلامية عن طريق نشر النوادي والملاهي والاختلاط بالعائلات الانجليزية غير الملتزمة.
القمع وسيلة الاستعمار في مواجهة الأصوات الحرة
وعلى الرغم من القبضة الاستعمارية التي كانت بريطانيا قد أحكمت سيطرتها على عدن ومينائها ومنفذها البحري ومارست الحصار والاحتكار التجاري إلا أن المواطنين الأحرار كانوا يثورون بين فينة وأخرى ويخرجون في مسيرات جماهيرية تندد بسياسة المحتل يقابلها الإنجليز بالقمع والاعتقال والتعذيب ولكن ذلك لم يفت في عضد أحرار الجنوب فواصلوا تحركهم الثوري والجهادي ضد المستعمر حتى تكللت جهودهم بالانتصار ودحر الاستعمار وأدواته في الـ14 من أكتوبر1963 م،
جبل ردفان يحتضن شرارة الثورة.. وأحرار اليمن يقهرون الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس
من جبل ردفان الأشم انطلقت العملية التحررية الكبرى لأبطال اليمن الأحرار ضد المستعمر البريطاني ومرتزقته وتفجّرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م بقيادة الشهيد غالب لبوزة ليدوي صداها في أرجاء اليمن ولتتفجر براكين الغضب في صدور الأحرار فيتداعى الشعب اليمني من شماله وجنوبه لرفد أبناء ردفان الأحرار وبعزيمة الأبطال وإرادة الرجال استطاعوا أن يقهروا المستعمر وينكلوا به بعمليات بطولية وفدائية أودت بالآلاف من ضباط وعملاء المستعمر البريطاني ما أجبرته على الرحيل من أرض الأحرار ..
وكانت المعجزة أن المجاهدين اليمنيون ضد الاحتلال البريطاني لم يكونوا يمتلكون سوى القليل من الأسلحة والمؤن وانعدام للخبرة في الوقت الذي يواجهون أقوى إمبراطورية في ذلك الوقت والتي لم تكن تغيب عن مستعمراتها الشمس ولكن إرادة وعزيمة الشعوب هي الأقوى من أي دخيل وعميل.
وعلى الرغم من استشهاد مفجّر ثورة 14 من أكتوبر إلا أن الأحرار واصلوا نضالهم واستمرت الثورة لسنوات حتى اضطر المحتل لتوقيع اتفاقية الجلاء على إثرها غادر آخر جندي بريطاني عدن في الـ 30 من نوفمبر 1967م.
ثورة 14 أكتوبر تغييب متعمد وذكرى تقاوم النسيان
يقول السيد عبد الملك الحوثي في خطابه بمناسبة ذكرى الرابع عشر من أكتوبر م حول أسباب تغييب التاريخ الجهادي لليمنيين ومنها ثورة الـ 14 من أكتوبر Hهم سبب في تغييب ثورة 14 أكتوبر وغيرها من الثورات التاريخية سواء ضد العثمانيين أو غيرهم، هي اليد الأجنبية التي عملت على صنع ثقافة الناس بما يتناسب مع استراتيجياتها الاستعمارية، وهذا لم يكن لولا التسهيلات الكبيرة من قبل الأنظمة التي ترى نفسها غير معنية بالثورة ومبادئها، لأنها أنظمة من صنيعة الأجنبي ولم تصنعها ثورات الشعوب.
في المناهج التعليمية التي كانت تتغير بين الفترة والأخرى بما يتناسب مع السلطة والخارج، سيُلحظ فيها حديث عن ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، وفي المنهج ذاته حديث عن بريطانيا وأمريكا ودول أخرى باعتبارها نماذج يجب أن تقتدي بها الدول…وهناك نصب تذكاري للعثمانيين ومقابر للمصريين وغيرهم.
على المستوى الديني حذفت آيات الجهاد بالتدريج، وعلى مستوى السلطة، كان النفوذ الأجنبي وبالأخص الأمريكي هو البارز، كذلك الحال في الأجهزة الأمنية، فالأمريكي يقرر من هو عدوها ومن صديقها، وعلى مستوى القوى السياسية، لم يكن لأغلبها مشروع تحرري، بل كانت تتسابق مع بعضها نحو العمالة والارتهان للخارج لكي تحظى بالنصيب الأوفر من السلطة.
دروس وعبر من ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة
انتصار ثورة الـ14 من أكتوبر لم يأت إلا بتضحية وصبر
“إن انتصار ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ، أو نتيجة مراجعة بريطانيا الاستعمارية لحساباتها وشعورها بالذنب جراء ما اقترفته من جرائم بحق أبناء شعبنا اليمني في الجنوب؛ بل إن الانتصار العظيم الذي حققه ثوار حرب التحرير كان نتيجة لنضال سياسي وعسكري وأمني ونقابي استمر لسنوات طوال، ونتيجة لتضحيات، ودماء، وجراحات، وسجون، وتشريد، وآلام ومعاناة تحملها أبناء عدن والمحافظات الجنوبية، وقدم ثوار حرب التحرير المجيدة أبلغ دروس البطولة والتضحية والفداء والبذل في سبيل الحرية والكرامة ورفضاً للاحتلال البريطاني ومؤامراته في تمزيق جنوب الوطن إلى كيانات تزيد عن العشرين، لتكون ثورة الـ14 من أكتوبر إحدى أعظم الثورات التحررية العربية من الهيمنة الاستعمارية في القرن العشرين”.
أحياؤنا لذكرى ثورة الـ14 من أكتوبر تخليداً لتضحيات أبطالها
إن أحيائنا لذكرى ثورة الـ 14 من أكتوبر هو تقديراً واعتزازاً وتخليداً لنضالات المجاهدين الأحرار الذين ثاروا ضد الاستعمار البريطاني وقدموا الغالي والنفيس في سبيل استعادة اليمن لحريته واستقلاله.
كما أن ذلك يأتي في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى استلهام صمود أبطال ثورة الـ 14 من أكتوبر وثباتهم وإصرارهم على دحر الغزاة والطامعين في احتلال اليمن والتصدي لهم ولعملائهم من الخونة والمأجورين..
رحل المستعمر البريطاني وبقيت قنابله وصواريخه الذكية
“لقد رحل آخر جندي لهذا الاستعمار الذي جثم على صدر الجنوب لأكثر من قرن وربع القرن إلا أن قنابل وصواريخ هذا المستعمر لا زالت تتساقط فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل بشكل يومي لأكثر من 8 أعوام من العدوان على اليمن ولا زالت مؤامراته تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.
ها هو المستعمر القديم يعود اليوم للانتقام من الشعب اليمني على شكل صفقات الأسلحة والقنابل الانشطارية والفسفورية وغيرها من الأسلحة المحرمة والمحظورة بموجب القانون الدولي وعلى حساب الدم اليمني المسفوح تتقاضى أمريكا وبريطانيا عشرات المليارات قيمة مبيعات الأسلحة التي يزودون بها آل سعود وآل زايد ليمطروها فوق رؤوس اليمنيين الأبرياء.
هؤلاء الذين يزعمون أنهم حراس القانون الدولي يدوسون تحت أقدامهم كل القوانين التي تحظر بيع الأسلحة لأي جهة من المحتمل استخدامها في هجمات ضد المدنيين)) حيث يقتل الطيران السعودي الأمريكي الأطفال والنساء يومياً وأمام مرأى ومسمع العالم كله”.
مثلت ثورة الـ 14 من أكتوبر صورة فريدة من التكامل الشعبي اليمني
“ثورة الـ14 من أكتوبر مثلت صورة من صور التكامل الشعبي والتجانس المجتمعي والعمق اليمني الأصيل المقاوم لكل ما يمس الكرامة والروح الوطنية وساحة للحرية الأصيلة التي جاد مناضلوها بأرواحهم ودمائهم وجهدهم ضد الظلم والطغيان على كل تراب الوطن اليمني شمالا وجنوبا في سبيل تحقيق الحلم اليمني الحي والملهم للأجيال بما يستحقه اليمن وشعبه العزيز على كل ذرة من ترابه الوطني الغالي من حق في اللحاق بركب الحضارة والتقدم والاستقلال التام وحرية القرار والتمتع بخيرات الوطن وموقعة وثرواته التي في مقدمتها قوته البشرية وشبابه وشاباته التواقون للحياة المبدعون عندما تتاح لهم الفرصة مسجلين حضورهم القوي في عوالم الإبداع العلمي والعملي كما هم في الثورة والمقاومة والوعي والبصيرة”.
ثورة الـ 14 من أكتوبر تعلمنا أن نواصل التضحية حتى جلاء آخر جندي غازي
“ إن الاحتفال بثورة 14 من أكتوبر يظل احتفالا منقوصا مادام هناك جندي إماراتي أو سعودي أو أمريكي على تراب الوطن شماله وجنوبه وكما احتفلنا بجلاء أخر جندي بريطاني سنحتفل بإذنه تعالى بجلاء آخر جندي إماراتي أو سعودي.
لا زالت الأطماع هي الأطماع فقط تغيرت أدوات الاستعمار وكما كان تفتيت اليمن مطلب استعماري قديم لبريطانيا قبل خروجها من اليمنتنفذه اليوم الإمارات بالوكالة بمال شعبها ودم اليمنيين.. وكما سعت بريطانيا للسيطرة على الممرات المائية وفرض وصايتها على اليمن تتولى الإمارات مهمة السيطرة والهيمنة على الساحل الإفريقي واليمني من باب المندب وحتى حضرموت وسقطرى لتعطيل ميناء عدن لصالح ميناء جبل علي في دبي وفرض وصايتها على مناطق الجنوب وكما سعى المستعمر على شراء ولاء سلاطين ومشيخات الجنوب بالمال وقتل ونفي من يرفض منهم تمارس الإمارات في إطار تحالف العدوان نفس السياسية من خلال شراء ولاء بعض القيادات الجنوبية واغتيال وإبعاد من يرفض أجندتهم وكما كان لبريطانيا مندوب سامي في كل سلطنات جنوب اليمن صار للإمارات مندوب سامي في عدن وحضرموت وكل المناطق التي يحتلونها.
أول من يضحي بهم المستعمر هم عملاؤه
“الدروس والنتائج التي أسفرت عنها ثورة 14 أكتوبر المجيدة منها ذلك الموقف التاريخي الذي اتخذته من الخونة والمرتزقة والعملاء الذين كانوا في صف المستعمر البريطاني الذين أمسوا بعد انتصار الثورة كهشيم المحتضر، وهو ما يجب أن يتعلم منه مرتزقة اليوم المساندين للعدوان السعودي الأمريكي التحالفي الهمجي على وطنهم بأن يراجعوا مواقفهم ويعيدوا حساباتهم ويعتذروا لوطنهم وأبناء شعبهم عما اقترفوه”.
مصير الغزاة اليوم لن يختلف عن سابقيهم
“إن الشعب اليمني سيظل الشعب الذي لا يقهرالشعب القوي بإيمانه بالله، وبإرادته الوطنية الحرة وبقضيته العادلة، الشعب الذي ضرب ولا زال يضرب أروع الأمثلة في العطاء والتضحية والصمود في الدفاع عن كرامته وأرضه واستقلاله وكل يوم يؤكد الشعب اليمني أن كل المعتدين والغزاة مهما حشدوا ومهما كانت قوتهم فإن مصيرهم لن يختلف عن مصير سابقيهم من الغزاة والمحتلين وقريباً سيرحلون وسيرحل معهم عملاؤهم ومرتزقتهم الذين باعوا الوطن واستدعوا الأجانب لتدنيس تراب الوطن مقابل ثمن بخس”.