|| تقرير ||
في هذا اليوم الميمون، يوم ميلاد أعظم خلق الله، محمد بن عبدالله ، صلوات الله عليه وعلى آله، احتشدت الملايين من أبناء شعبنا اليمني في عشرات الساحات اجتماعا مهيبا حاشدا، بالرغم من حجم المعاناة، وصعوبة النقل، وشدة الحصار، وما ألحقه العدوان الأمريكي السعودي من أضرارٍ شاملةٍ بالبلد، وبالرغم من الحرب الإعلامية التضليلية غير المسبوقة، إلا أن ذلك بكله لم يثن شعبنا عن هذا الحضور الكبير، والاحتفاء في كل مناطقه الحرة بما يليق بعظمة ذكرى المولد النبوي الشريف ، ليقول للعالم أجمع أن دافعه في تفاعله العظيم مع هذه المناسبة دافعٌ إيمانيٌ، وأنه قد عمَّد هويته الإيمانية بدمائه الزكية وتضحياته العظيمة، وليقول لكل طغاة الأرض ومجرمي العالم بأنه شعبٌ يقدس حريته؛ لأنها جزءٌ من إيمانه، ويأبى الخنوع لكل المستكبرين؛ لأنه يستلهم صموده وثباته من أعظم قائدٍ عرفه التاريخ، وأقدس معلمٍ وقدوةٍ للبشرية؛ رسول الله وخاتم أنبيائه محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”.
إن هذه الروح العالية، وهذا التفاعل الكبير، وهذه الحيوية التي تقدم صورةً عظيمةً عن شعبنا الصامد الحي المعتز بعزة الإيمان، والذي تعجز كل قوى الشر والطاغوت والاستكبار من إماتة حيويته وكسر إرادته وإذلاله وقهره، فهو شعبٌ لن يهون ولن يستكين، ومهما كان حجم العدوان ومستوى التضحيات فهو ذلك الشعب الصامد والشامخ والحي والحاضر بقوةٍ في كل مقامٍ يستدعي الحضور، في الجبهات، وفي الساحات، وفي المناسبات.
صنعاء تهتف بالولاء للرسول الأعظم
ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، بالرغم من كبر مساحته، إلا أنه بدا صغيراً في حضرة النبي العدنان، فقد تقاطرت إليه الحشود من كل حدب وصوب حتى يخيل إليك أنه يوم المحشر، فالجميع حاضرون وقلوبهم تهفو شوقاً للتعبير عن حبها وتعظيمها وتوقيرها لنبي الرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالأصوات خاشعة تستلهم سيرة النبي وما واجهه من صعاب وتحديات وكيف استطاع التغلب عليها، لما في ذلك من دروس تساندنا في مواجهة قوى متغطرسة لا فرق بينها وبين من وقفوا في وجه النبي وحاربوه بكل ما أوتوا من قوة.
فمنذ ساعات الظهيرة الأولى شهدت جميع مداخل العاصمة صنعاء طوابير من السيارات التي تحمل على متنها الآلاف من ضيوف رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الذين حرصوا على الحضور مبكرا إلى ساحة الاحتفال بميدان السبعين لنيل شرف إحياء هذه المناسبة الدينية الجليلة، فيما توجه أبناء العاصمة بمديرياتها العشر إلى ساحة المهرجان المحمدي الأكبر فرادى وجماعات وركبانا تغمرهم المشاعر الإيمانية الصادقة، وتدفعهم قوة الارتباط بسيد المرسلين محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
في وقت عملت اللجان التنظيمية المنتشرة في جميع مداخل العاصمة وشوارعها وتقاطعاتها على تسهيل تدفق السيول البشرية باتجاه ساحة الاحتفال في مشهد محمدي فريد يعكس أصالة وحكمة أبناء اليمن، أحفاد الأوس والخزرج.
وتوسطت الحشود المليونية مساحة بيضاء كتب فيها اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم باللون الأخضر، والتف الجميع حولها مرددين بأعلى أصواتهم “لبيك يا رسول الله”.
وقبل انطلاق فعالية المهرجان المحمدي المهيب، استمرت الجماهير المحتشدة في ترديد شعارات البراءة من أعداء الله، والعبارات والأناشيد المعبرة عن الفرحة والبهجة بمولد خير البرية وشفيع الأمة.. كما ردد أحفاد الأنصار نشيد المدح والتهليل والترحيب برسول الله الذي استقبله به أجدادهم الأوس والخزرج في المدينة “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ما دعا لله داع”.
ورفعت الحشود اللافتات والشعارات المؤكدة على عظمة المناسبة ومكانة صاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وجددت التأكيد على الولاء والعهد لله ورسوله وأعلام الهدى بالمضي على النهج القرآني المحمدي في مواجهة أعداء الأمة والإسلام والتصدي لكل محاولات الإساءة للرسول العظيم، لافتين إلى أن محاولات الأعداء لفصل الأمة عن نبيها لن تزيدهم إلا تمسكا وسيرا على نهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
تفرد يماني بحب النبي الأكرم
يتبوأ شعبنا اليمني الصدارة بين أبناء الأمة الإسلامية في احتفائه واحتفاله واهتمامه بذكرى المولد النبوي الشريف ، حيث جعل منها محطةً تعبويةً وتربويةً ومعرفيةً لتعزيز الولاء والمحبة لرسول الله “صلى الله عليه وعلى آله” ولترسيخ المفاهيم والمبادئ والقيم الإسلامية التي أتى بها من عند الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وللحثِّ على الاقتداء والتَّأسي برسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” والتعرف على مسيرته المباركة في حركته بالرسالة الإلهية، وما حمله من قيم، وما جسَّده من أخلاق، وبلَّغه من التعاليم الإلهية.
تغيير جذري
لقد تمكن رسول الله صلى الله عليه وآله من خلال حركته برسالة الله وهديه العظيم في زمن الجاهلية الأولى والوضع العالمي المظلم آنذاك من صنع تغيير حقيقي ، و إحداث تأثير كبير ونقلة نوعية غيرت واقع العالم ومسار التاريخ ، وقدم فعلاً الشواهد الكبرى على عظمة الاسلام في أثره في الحياة وأثره في الإنسان ، أولاً في تغييره لواقع المجتمع العربي الأمي الجاهلي آنذاك، الغارق في الشرك والكفر وعبادة الأوثان والأحجار، المجتمع الذي يسوده آنذاك الظلم والجهل والكفر والخرافة والفرقة و الشتات والتناحر وانعدام القيم والأخلاق، فجعل الرسول الأكرم من ذلك المجتمع أمة يسودها الصلاح والخير والعدل والحق وتحمل رسالة الله إلى العالمين، وتجاهد في سبيل الله ، أمة متوحدة قوية عزيزة لها مشروع هو أقدس مشروع في الحياة، ولها قضية هي أشرف قضية ولها دور حضاري بنّاء تُصلح في أرض الله وتأمر بالمعروف وتدعوا إلى الخير وتؤمن بالله وتنهى عن المنكر والفساد والظلم .
ومن هذا المنطلق فقد استغل قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي المناسبة لإعلان تدشين مرحلة التغيير الجذري لبناء الدولة اليمنية القوية القادرة على مواجهة التحديات والصعاب.
وفي كلمته أمام ملايين الحشود أعلن السيد القائد المرحلة الأولى من التغيير الجذري والتي تتمثل بإعادة تشكيل الحكومة، لحكومة كفاءات تجسد الشراكة الوطنية يتم فيها تصحيح السياسات وأساليب العمل بما يخدم الشعب.
مضيفاً أن من ضمن المرحلة الأولى من التغيير الجذري مع إعادة تشكيل حكومة كفاءات، العمل على تصحيح وضع القضاء ومعالجة الاختلالات ورفده بالكوادر المؤهلة من علماء الشرع الإسلامي والجامعيين المتخصصين وفتح مسار فعّال لإنجاز القضايا.. مؤكدا بالقول: سنبقى في مواكبة مستمرة لمتابعة عملية التغيير الجذري حتى إنجاز المرحلة الأولى، وقد حرصنا على تقديم ما يصحح به الوضع وبنصح صادق وحرص حكيم على شعبنا الذي نسعى لخدمته.
وأكد السيد التمسك بالشراكة الوطنية والمفهوم الإسلامي للشورى ووحدة الشعب اليمني والمفهوم العام للمسؤولية الذي تتكامل فيه الأدوار.
وأوضح السيد أن شعبنا العزيز بإحيائه الكبير لمولد رسول الله يعلن للعالم أجمع تمسكه بالرسالة الإلهية وإيمانه الراسخ بالقرآن الكريم منهجًا ودستورا وبرسول الله قدوة وأسوة وقائدًا.. لافتا إلى أن مسار التغيير الجذري وإصلاح مؤسسات الدولة يعتمد على الهوية الإيمانية لشعبنا العزيز، ويستنير بنور الله واتباعه للرسول الاكرم.
وقال السيد: لقد عانى شعبنا العزيز معاناة كبيرة على مدى عقود من الظلم والحرمان وانعدام المشروع الحضاري نتيجة مؤامرات الخارج وأعوانه في الداخل،.. موضحا أن من من أهداف العدوان منع أي تصحيح يبني البلد على أساس من هويته الإيمانية ويحقق له الاستقلال والحرية، وعملوا أن يكون بلدنا محكومًا للوصاية الخارجية ومذعنًا للمبادرة الخليجية.
إرادة لن تنكسر
رسالة شعبنا في احتشاده المليوني اليوم ليقول لأعدائه المستكبرين: إن إرادتنا لن تنكسر، وإن صبرنا لن ينتهي، وإن ثباتنا لا تراجع فيه؛ لأن مصدره هذا الإيمان، فنحن شعبٌ قدوتنا وأسوتنا هو رسول الله “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”، ومنهجنا وثقافتنا هو القرآن، ونستمد صبرنا من هذا المعين الذي لا ينضب، واعتمادنا هو على الله تعالى، وهو خير الناصرين.
وفي هذا السياق فقد وجه قائد الثورة تحذيره لتحالف العدوان قائلاً”: أنصح تحالف العدوان بإنهاء عدوانه وحصاره والكف عن حرمان شعبنا من ثروته النفطية والغازية التي هو في أمس الحاجة إليها في المرتبات والصحة والتعليم والاحتياجات الخدمية..
وأضاف ” أنصح تحالف العدوان بإنهاء الاحتلال وإنجاز ملفات الحرب بانجاز ملف الأسرى واعادة الاعمار ، وإلا فإصراره على استمرار سياسته العدائية ستكون عواقبه وخيمة على التحالف وشعبنا يملك عناصر القوة والتي أولها الاعتماد على الله وكذلك قيمه الايمانية وتمسكه بقضيته العادلة ويمتلك شعبنا ما يؤهله للنصر والتنكيل بالأعداء ولذلك فإن المصلحة الحقيقة لدول العدوان هو الاستجابة لمساعي السلام التي تقوم بها سلطنة عمان.