نظمّت وزارة حقوق الإنسان، اليوم الخميس، ندوة بعنوان (الفيتو والهيمنة الأمريكيَّة.. تداعيات كارثية لقرارات مجلس الأمن الدولي على واقع حقوق الإنسان).
وفي افتتاح الندوة، أكد وزير حقوق الإنسان، علي الديلمي، أهمية الندوة لتعرية الهيمنة الأمريكية على مقاليد صناعة القرار والموقف والأداء الأممي، إما بالتجيير أو بالاعتراض، وما نجم عن ذلك من كوارث ومآسٍ على شعوب الأرض، خاصة شعوب العالم الثالث.
وقال الوزير الديلمي: "تنصرف قرارات مجلس الأمن إلى تصريح ضمني بممارسة جرائم خطيرة بحق أطراف معينة مشمولة بتلك القرارات، وعند التحليل باستقلالية وحياد نرى أن قراراته في الحقيقـة تعبّر عن مواقف سياسية، ولا تتبنى إجراءً فعلياً لصون السلم وحماية الأمن الدوليين".
ولفت إلى أن قرارات مجلس الأمن جعلت تهديدات الأمن والسلم الدوليين مفتوحة على خيارات مجهولة تصطدم بين حين وآخر بمصادفات لا ترتبط بحقائق الأوضاع واحتياجاتها الفعليـة، سواء سياسياً وعلى نحو أوسع واقع حقوق الإنسـان على الأرض.
وشدد على مراجعـة سجل حقوق الإنسان للدول الأعضاء في مجلس الأمن، مبيناً أن مجلس الأمن أوجد مسافة بين سلطاته التقديرية وبين الضمير الإنساني العالمي المعهود لـه، ما تسبب فـي إحداث كوارث وجرائم بحق الإنسانية.
كما أكد الوزير الديلمي أن إعـادة النظر في هيكلية ومعيارية وجدوى مجلس الأمن الدولي أصبحت ضرورة إنسانية أكثـر منها قانونية أو شكلية أو خلاف ذلك.
وتطرق إلى أشكال الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن المتعددة، سواء بتوجيه قراراته، أَو إحباطها أَو انتزاعها، أَو ممارسات دولية خارج مشروعيتها، معتبراً تلك السلوكيات السبب الرئيسي لعجز المجلس عن معالجة القضايا الدولية، وإقرار السلم والأمن الدوليين.
وعرّج الوزير الديلمي على دور مجلس الأمن، الذي منح صكوكاً للعدوان الأمريكي، قائلاً: "حينما كانت تصدر قرارات فيها نوع من الإنصاف تتدخل الولايات المتحدة لمنع تنفيذها والشواهد كثيرة في الحالة الفلسطينية والصراع العربي - الصهيوني".
وفنّد تراجع الأمم المتحدة عن إدراج المملكة السعودية في القائمة السوداء لمنتهكي الطفولة، إلى ابتزاز السعودية الحليف الأمريكي بوقف دعمها لأنشطة الأمم المتحدة، وهوَ ما كشفه الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون.
وأوضح أن مجلس الأمن هو من يحتمي تحته القتلة ومجرمي الحرب، ومن يلتزم الصمت عن آلاف الجرائم، ومن يحاصر الشعب اليمني ويعمق معاناته وأزماته.
وأكد وزير حقوق الإنسان أن مجلس الأمن لم يتدخل بإيقاف الجرائم بحق المدنيين في اليمن وفلسطين، بل دعم تلك الجرائم بعناوين مزيفة تخدم دول العدوان أو الدول المنتهكة للمدنيين، لافتاً إلى أن الحاجة اليوم تبرز للبحث عن طريق أو طرق متعددة لإعادة صياغة النظام الدولي، بتوسعة التمثيل فيه، بإضافة دول كبرى لها القدرة والامكانية في التأثير على مسارات الأحداث.
من جانبه، اعتبر وكيل وزارة حقوق الإنسان، علي تيسير، الندوة إضافة جادة لما بذلته الوزارة في السنوات الخمس الأخيرة في فضح جرائم العدوان الأمريكي الصهيوني ووكلائه من نظامي آل سعود وآل زايد، وعدد من الدول العربية والغربية المنضوية تحت تحالف العدوان العالمي، ووسائله الرخيصة من المرتزقة والمأجورين.
وبيّن أن الندوة تأتي أيضاً لفضح تواطؤ منظومة الأمم المتحدة عامة ومجلسي الأمن وحقوق الإنسان خاصة، لافتاً إلى تبعات قرارات منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن في شرعنة جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها الدول المستكبرة في فلسطين واليمن والعراق ولبنان وسوريا وليبيا، وتمارس دوراً عنصرياً مقيتا في حق الشعوب الإسلامية الحرة؛ لتعبيد الطريق أمام دول الاستكبار العالمي ووكلائها الطامعين لاحتلال الشعوب والاستئثار بثرواتها الطبيعية ونهب خيرات الأجيال والسيطرة على الممرات المائية العالمية وتفتيت النسيج الاجتماعي والجغرافي وتدمير البنى التحتية.
وأكد أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ما تزال تمعن في التغاضي والتخلي عن الاضطلاع بواجباتها المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني العالمي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وسائر الاتفاقيات والصكوك الدولية في مجال الحقوق والحريات وسيادة الدول.
ودعا وكيل وزارة حقوق الإنسان وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والأحرار إلى مواصلة دورهم في فضح جرائم العدوان وتعرية أفعال دول الاستكبار وفضح الدور المشبوه للأمم المتحدة ومجلسي الأمن وحقوق الإنسان الدوليين.
بدوره، استعرض رئيس اللجنة الوطنية لنزع الألغام علي صفرة، ما خلفه العدوان من آثار كارثية جراء استخدام قنابل عنقودية بغارات طيران دول العدوان وألغام تم زراعتها من قبل تحالف العدوان ومرتزقته، لافتاً إلى ما تمثله القنابل العنقودية من تهديد خطير على المواطن.
وأشار إلى أنه تم التوثيق في 6 يناير 2016م لاستخدام قنابل عنقودية على أحياء ومنازل العاصمة صنعاء كنموذج لما شهدته بقية محافظات الجمهورية دون مراعاة أبسط الإجراءات والتدابير لعدم إلحاق الضرر بالمدنيين، بل عمد بشكل مقصود لإلحاق أكبر ضرر بالمدنيين، لافتا إلى أنه بلغ ضحايا القنابل العنقودية من المدنيين 950 شخصاً بينهم نساء وأطفال.
ولفت صفرة إلى أنه، منذ بداية يوليو الجاري، تم إيقاف أعمال الألغام بشكل كامل وتام من قبل الأمم المتحدة وخبرائها ومستشاريها، معتبرا اشتراطات وضغوط الأمم المتحدة يعكس مخالفتها لمواد واتفاقية أوتاوا والبروتوكول الخامس واتفاقية جنيف ومبادئ العمل الإنساني.
وقُدمت، خلال الندوة، ثلاثة أوراق عمل، تناول الدكتور محمد عبدالله السويدي -في الورقة الأولى- التداعيات الكارثية لقرارات مجلس الأمن الدولي على واقع حقوق الإنسان في ظل الفيتو والهيمنة الامريكية.
فيما تطرق المستشار القانوني والناشط الحقوقي عبدالرحمن علي الزبيب -في الورقة الثانية- إلى تبعات ونتائج قرارات مجلس الأمن الدولي بتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
في حين استعرضت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة فائزة عبدالله الريمي -في الورقة الثالثة- مساهمة مجلس الأمن الدولي في توسيع مساحة الإفلات من العقاب.