عاش بين البسطاء وظهر نجمهُ من أوساطهم، أحبّهم وأحبّوه، وبكوا فراقه ورحيله أكثر من بكائهم فراق ورحيل ذويهم لما وجدوه فيه من سمات الصلاح والزهد والورع والتقوى والبساطة والتواضع والأخلاق الرفيعة والسلوك القويم والاستقامة.
رجل السياسة والتفاهمات والمهمات الصعبة، ورجل الحروب والنزال، ورجل التصالح والتسامح، ورجلٌ فولاذيّ لا يلين ولا يستكين ولا يُهادن ولا يُساوم ولا يُجامل ولا يخاف في الله لومة لائم.
كان - سلام الله عليه - رجلاً استثنائياً في تاريخ اليمن المعاصر رئيساً وقائداً وشهيداً، وأحد أهم الشخصيات تأثيراً في الجماهير وجذباً لهم.
ذاك هو الشهيد الرئيس المجاهد "صالح بن علي بن محمد الصماد"، الفقيه العالم الرباني، والمُجاهد القرآني، والمُناضل الوطني، السياسي المُحنّك، والإداريّ الفذّ، الأديب والشاعر، والخطيب المفوّه، المُحاضر البليغ، المُناظر قويّ الحُجّة والبيان، والمُثقف الموسوعيّ، والشخصية الاجتماعية الوطنية التوافقية، صاحبُ اللغة الوحدوية الجامعة، والشُجاع المقدام، والعابد الزاهد، التقيّ الوَرعِ المتصوّف.
يحتوي هذا "الملف" على حروفٍ مضيئةٍ من ضوْعِ الأصفياء ومحاريب الأنقياء ، وسطور تأخذنا فِي تَطْوَافٍ بديع منذ لحظة البزوغ الأصغر إلى المعراج الأكبر للشهيد الأيقونة ، وتسرد سجلاً حافلاً من نضالٍ وجهادٍ بعد صفاتٍ وميزاتٍ وإنجازاتٍ سبقتها آثار تدلّ على " الشهيد" ، ومواقفاً تُضاف إلى "الرئيس" ، في مقاصد ثورةٍ نبيلة ، وجبهاتٍ غير عليلة ، استشعرها فؤاد "المسؤول" المنصهر في بوتقة الجهاد ، ورسمتها تُرجماناً للمسيرة الفاضلة روح النموذج الرائد .. والرائد لا يكذب أهله.
وما بين بناء الدولة وتحصينها، ووحدة الوطن وصناعة السلام المشرّف، دون أن يفقد بوصلة الطريق إلى هدفٍ نبيلٍ كـــ "القدس"، وهدفٍ أبديّ كـ " الشهادة "، يحلّق بنا هذا "الملف" في عيون رفاقه ومحبيه، ويزرع أملاً فسيحاً باقتباس مآثرهِ ومراميه، بين جُهدٍ وجِهاد، وفنار هَدْيٍ ورشاد، لا يصل بنا إلا إلى مندوحة "مسيرةٍ قرآنيةٍ" مترامية الأشهاد، مشرئبة بأعناقها تستأنسُ قبسَاً، وتقفوا أثراً ، إلى حيث كان وما يزال وسيظلّ الرئيس الشهيد " الصمّاد".