محمد صالح حاتم
تُعَدُّ المقاطَعَةُ الاقتصادية سلاحاً فَعَّالاً، يؤثر على العدوّ ويسبب له خسائر مالية كبيرة، ليس هذا وحسب؛ بل ويعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد الوطني من حَيثُ تخفيض فاتورة الاستيراد، وزيادة الإنتاج المحلي حتى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
نحن في اليمن فاتورة الاستيراد من المنتجات الزراعية والحيوانية قد تصل قيمتها أكثر من مليارَين و700 مليون دولار، يأتي في مقدمتها القمح تصل فاتورة الاستيراد منه مليار دولار، وَالذرة الشامية قد تصل إلى 400 مليون دولار، والبقوليات قرابة 250 مليون دولار، وبقية الأصناف من الحبوب، والدقيق، والفواكه، والمكسرات والبهارات والثروة حيوانية، ومشتقات الألبان و…، القائمة تطول ولكن العجب العجاب في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد جراء الحرب والعدوان والحصار، ومع التوجّـه الجاد من قبل القيادة الثورية والسياسية نحو تخفيض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي إلَّا أننا نستوردُ “زعقة” بقيمة (3 مليارات و350 مليون ريال)، هذا المبلغ الكبير ومع منتج ثانوي، أليس من الجرائم التي لن تغتفر، ولن يسامحنا فيها التاريخ.
أن نستورد بهذا المبلغ في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة للريال الواحد، وأن يتم توجيهه لدعم المنتج المحلي..
سيظل قرار المقاطعة الاقتصادية للمنتجات والبضائع الأمريكية والإسرائيلية ومنتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، قرارًا حكيمًا وصائباً صدر من قيادة حكيمة ويعد خطوة كبيرة، وأقل ما يمكن أن نقوم به تضامناً ودعماً لإخواننا في فلسطين، إلا أن المهم الآن هو كيف يمكن استثمار واستغلال هذا القرار لصالح المنتج المحلي من خلال إيجاد البدائل ليس من دول أُخرى بل بديل محلي، منتج زراعي وصناعي محلي يمني 100 %؛ وهو ما يتوجب إعداد خطة استراتيجية محدّدة ومزمنة؛ فبلادنا تمتلك مقومات زراعية كبيرة، ونستطيع من خلال استثمارها بالشكل الصحيح لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يتوجّـه رجال المال والأعمال للاستثمار الزراعي والصناعي؛ لتوفير المنتجات التي نستوردها، لتكون محلية يمنية.
فنحن الآن أصبحنا نحارب ونقاتل عدونا الأكبر والحقيقي وهو العدوّ الصهيوني والأمريكي، وهو ما يتطلب أن نستعد وأن نعد العدة لهذه الحرب المقدسة ليس عسكريًّا فقط، بل واقتصاديًّا، فكما نجحنا في إيصال الصواريخ والطيران المسيّر اليمني إلى قلب المدن المحتلّة في فلسطين، يجب أن نوفر لقمة العيش محلياً؛ فمع كُـلّ صاروخ يطلق وطائرة مسيّرة ترسل يجب أن ننتج 10 أطنان قمح ومثلها من بقية المنتجات الزراعية والحيوانية.
المعركة الحقيقية التي سيخوضها شعبنا الآن هي معركة الاكتفاء الذاتي، معركة لقمة العيش، أما المعركة العسكرية فلا خوف بفضل الله سبحانه وتعالى وحكمة القيادة وسواعد رجال الرجال فقد أصبحنا أكثر قوة وأكثر عدةً وعتادًا، ونمتلك القوة والأسلحة التي بها نقدر نواجه العدوّ ونقود المعركة، وهذا يتطلب منا أن توازي الجبهة الزراعية والاقتصادية والتنموية ما تحقّق في الجبهة العسكرية.