غزة تصومُ جوعًا ورمضانُها قصفٌ وَحصار

غزة تصومُ جوعًا ورمضانُها قصفٌ وَحصار

إكرام المحاقري

غزة هذا العام بدأت الصيام قبل الجميع، ورمضان الذي ينتظره العرب والمسلمون قد حَـلّ قبل أوانه في فلسطين، إبادة الفلسطينيين ليست أشدَّ من حرب التجويع المتواصلة منذ خمسة أشهر على نحو مليونَي فلسطيني، أكل الفلسطينيون خلالها كُـلّ ما يقع بين أيديهم؛ فأكلوا الأشجار والنباتات وحتى أعلاف الحيوانات، في ظل عجز الآباء عن إسكات أصوات بكاء أطفالهم الذين يتضورون جوعاً.

آخر المسرحيات الإنسانية قيام بعض الدول العربية برمي مساعدات غذائية ودوائية لأهل غزة عبر الجو، لتسقط معظم هذه المساعدات الشحيحة في البحر إمعاناً في إذلال أهل غزة، ولتبييض صورة هذه الأنظمة في عيون مواطنيها، ومن الأرض سكان غزة يؤكّـدون أن حجم هذه المساعدات لم يتجاوز حمولة شاحنتين، بينما كان عدد الشاحنات التي تدخل غزة يوميًّا خمسمِئة شاحنة!.

هذه الأنظمة العميلة هي نفسها التي تمنع دخول الشاحنات على الحدود مع فلسطين، وعلى الحدود تتزاحم آلاف الشاحنات للدخول فلا يسمح لها! وكلّ الشعوب تعرف أن هذه الأنظمة ما كانت لتقوم بمسرحية رمي مساعدات من الجو دون ضوء أخضر إسرائيلي، والإسرائيلي لم يوافق على هذا إلا لمعرفته أنها مساعدات لا تغني ولا تسمن من جوع، ولأنه لا يريد أن تخرج الأمور عن سيطرة هذه الأنظمة المتواطئة على شعوبها الغاضبة؛ فهذه الأنظمة تمنع أن تقوم هذه الشعوب بمد يد العون للشعب الفلسطيني، كما أن هذه الأنظمة تمد الكيان الصهيوني بكل ما يحتاجه من سلع ومنتجات في ظل ارتفاع الأسعار نتيجة الحصار الذي ينفذه الجيش اليمني على سفن الكيان في البحر الأحمر والعربي.

ما يحدث في غزة جريمة إبادة من أبشع الجرائم التي شهدتها الإنسانية عبر التاريخ، وخيانة الأنظمة العربية من أبشع جرائم الخيانة والعمالة عبر التاريخ، وصمت الشعوب العربية والإسلامية ساهم في هذه الجريمة التي تعتبر وصمة عار في جبين هذه الشعوب ما لم تتحَرّك؛ فلو تحَرّكت هذه الشعوب لاستطاعت أن توقف نزيف الدم الفلسطيني وفك هذا الحصار الجائر، فلن تستطيع “إسرائيل” ولا عملاؤها أن يقفوا في وجه إرادَة هذه الشعوب عندما تتحَرّك، ولهم في تحَرّك الشعب اليمني خير دليل، فلم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها أن تثني اليمنيين عن تحَرّكهم لدعم إخوانهم في فلسطين.

أخيراً.. من ضمن التقاليد التي يمارسها اليمنيون قبل حلول رمضان المبارك هو الاحتفال بيوم يطلقون عليه يوم (يا نفس ما تشتي)، ولكنْ بسَببِ الظروف التي يمر بها أهلنا في فلسطين، أقترح أن نطلق على هذا اليوم في هذا العام (يا فلسطين ما تشتي)، وأن نتبرعَ بما كنا سننفقه في هذا اليوم لصالح أهلنا في غزة، وأن تسلم هذه المشاركة لممثلي الشعب الفلسطيني في بلادنا، ومن المناسب أن تشرف هيئة الزكاة أَو أية هيئة حكومية على هذه الفعالية، وبهذا ننال رضا الله عنا خَاصَّة ونحن في شهر رمضان المبارك.. وكلّ عام واليمن وفلسطين بكل خير.