هنادي محمد
الخطابُ المفصلي الذي ارتقبه العالَمُ أجمعُ، العدوُّ قبل الصديق، لسيد المقاومة الإسلامية في لبنان سماحة القائد/ حسن نصر الله، أتى بحسب التوقعات، واضعًا النقاط على الحروف، موصِّفاً لطبيعة الحدث، موضحًا للهدف، ومرشداً لما يجب أن يعمل به، باعثًا للأمل، راسماً ملامح النصر القريب، قاذفاً الرعب في قلوب الأعداء بتأكيداته الوشيكة ووعوده القاطعة التي لا يحنث عن الوفاء بها، معززًا للصمود الثبات لدى محور المقاومة مفتخراً ومتفاخراً بعظيم ما قدموه وأنجزوه حتى اللحظة، كُـلّ هذه العناوين يكتفي بالإشارة إليها، تاركًا الخوض في التفاصيل للميدان وقادم الأيّام.
فكما وضّح سماحة السيد القائد/ عبدالملك الحوثي البدايات التاريخية للكيان الصهيوني الغاصب، ذكّر الأمين أَيْـضاً بطبيعة المرحلة القاسية التي كان يعيشها الفلسطينيون قبيل عملية “طُوفان الأقصى” التي أتت كضرورة لردع المحتلّون وإيقاظ الأُمَّــة من غفلتها لتكون القضية الفلسطينية هي أولى القضايا لدى الجميع.
سيد الكلام يعطي توصيفاً دقيقاً لطبيعة المعركة القائمة بتسميتها “معركة الإنسانية مقابل الهمجية والتوحش”، وهذا ما يجب أن يستوعبَه الجميع، وألا يلتفتوا إلى الكثير من المزايدات والأكاذيب والإرجافات التي يصنعها ضعفاء الإيمان والمنافقون وعبيد المال الذين ينصاعون لإملاءات أسيادهم، من خلال صنع دعايات وأضاليل عديدة منها: أن الدفاع عن غزة مغامرة تعرض الجهة المناهضة للعدوان الإسرائيلي لضربات مشابهة، أَو أن معركة “طُوفان الأقصى” هي معركة الغزاويين أَو الفلسطينيين وحدَهم، بل الحقيقة الخالصة أن الدفاع عن غزة هو (مقتضى إنسانية الإنسان) وعلى الجميع مراجعة موقفهم على ضوء هذه الحقيقة التي لخصها سماحة الأمين.
عمل العدوّ على تقديم نصائحَ مسبقة لنصر الله قبيل خطابه بأن عليه عدمَ توسيع الصراع؛ لأَنَّهم يحفظون جيِّدًا ما سيقوله ويلقيه على مسامع العالم -وهذا ما يسمى بالأمل الخادع- فما وجدوه إلا كما عهدوه ممرِّغاً أنوفَهم في التراب من خلال كشف حقيقة نفسيتهم المهزومة واضطراب تحَرّكاتهم على الأرض، ومحاولة حصولِهم على القليل من الثبات عبر الدعم الأمريكي، وعدم واقعية أهدافهم العالية التي يضعونها مع علمهم أنهم لن يستطيعوا تحقيقها، وهذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على أنهم فاشلون جِـدًّا في الاستفادة من تجاربهم السابقة التي خاضوها مع المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين المحتلّة.
“معركة فاصلة حاسمة ما بعدها ليس كما قبلها”، هذا ما يتفق عليه جميع قادة محور المقاومة، حَيثُ أكّـد ذلك بالأمس السيد اليماني/ عبدالملك الحوثي، ويؤكّـد اليوم سماحة الأمين أن ما جرى في السابع من أُكتوبر تاريخي أحدث زلزالًا لا يمكن أن يتجاوزَه الكيان الصهيوني ونهاية هذه المعركة بتحقّق هدفَينِ:- الأول: وقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، الثاني: أن تنتصر غزة والمقاومة الإسلامية في غزة.
مع ما نشاهده من جرائم إبادة بحق الإنسانية في قطاع غزة ذكر سماحة السيد حسن نصر الله أن واجب كُـلّ حر في العالم تبيينُ الحقائق في معركة الرأي العام العالمي؛ حتى تتضح الطبيعة المتوحشة والهمجية لهذا الكيان الذي تصرّحُ له أمريكا شنَّ عدوانه؛ بجعله في موقع الدفاع ومتسلحاً بالقانون الدولي الكاذب، حَيثُ إن الإعلام لا يقل أهميّةً عن زناد البندقية التي يقبضها المجاهد، وأكبرُ دليل استهدافُهم الممنهج للصحفيين الذين استشهد العديد منهم؛ بهَدفِ دفن الحقائق وإسكات صوت الحق الذي سيزلزل أركانهم.
ما لا يملكُه العدو “سلاحُ الإيمان” ممثلاً بالصبر والقدرة على التحمل والصمود، قالها سماحته بكامل إيمانه ويقينه بصدق وعد الله لأوليائه المجاهدين في سبيله، متحدثاً بكامل الموضوعية والواقعية أن النصرَ لن يأتيَ بـ”ضربة قاضية” بل بخطوات ونقاط ومراحل تحتاج إلى تضحية، وفصّل لنا ثمرةَ الدماء الطاهرة التي بذلت على طريق القدس، وأهميّة الدور الذي قامت به لتخفيف الضغط الهجومي على قطاع غزة، ومما أكّـده هو أن علينا جميعاً تحمُّلُ المسؤولية وكُلٌّ يقوم بدوره المتاح، والعاقبةُ للمتّقين.