فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا

فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا

والله "جلَّ شأنه" حينما قال في القرآن الكريم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: الآية58]، {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}، فلنفرح، وليتجلى فرحنا في كل الوسائل المشروعة، التي تعبِّر عن الفرح، عن الابتهاج، عن السرور،.

 

عن الاستشعار لقدر هذه النعمة العظيمة، وهذا الفضل العظيم، والرحمة الكبيرة، وما يترتب عليها من النتائج المهمة، وهي تلك النعمة: (الرسول، والقرآن)، الرسول والقرآن هي تلك النعمة العظيمة، التي ترتبط بها نعمة الهداية، أعظم النعم، وأسنى النعم، والتي يترتب عليها الخير للإنسان في الدنيا والآخرة.

فمن التوفيق ومن النعمة أن يكون شعبنا العزيز، يمن الإيمان والحكمة، أحفاد الأنصار، في هذا العصر متميزاً ومتصدِّراً للشعوب الإسلامية في مختلف أرجاء الدنيا، في مدى اهتمامه بهذه المناسبة تعبيراً عن الشكر لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والابتهاج والفرح بهذه النعمة، وهو يحمل نوعاً من تلك المشاعر: مشاعر المحبة، والحفاوة، والاستقبال، التي استقبل بها أجداده وآباؤه الأوائل أنصار رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، الذين سمَّاهم الله في كتابه الكريم بالأنصار، الله هو الذي سمَّاهم بالأنصار، فهم عندما استقبلوا رسول الله استقبلوه بالحفاوة، بالمحبة، المحبة الكبيرة، بالتقدير، بالفرح الكبير، فرحوا به، واستبشروا به، ورحبوا به، ثم كانوا من آووا ونصروا، إيواء، ونصرة، وإيمان، وموقف، وجهاد، وعطاء، وتضحية، عطاء عظيم، وعطاء متميز، بلغ إلى درجة الإيثار على النفس، وهم في حالة الخصاصة، والظروف الصعبة، والمعاناة الكبيرة، لكن هكذا هم الكرام، من نفوسهم نفوسٌ كريمة، تقدِّر الأشياء الكريمة والعظيمة والمهمة، وذات القيمة العالية على المستوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي، والإيماني.

وهذا بكله هو من البشائر المبشِّرة بأنَّ شعبنا اليمني العزيز راسخاً في انتمائه الإيماني، بأنه راسخ في انتمائه الإيماني، وأنَّه- إن شاء الله تعالى- ماضٍ في مسيرته، ليقدم النموذج أمام بقية الشعوب في الالتزام الإيماني، وفي التمسك برسالة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والاقتداء برسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، والاتِّباع للقرآن الكريم، كما فعل أجداده وآباؤه الأوائل ذلك، يوم كانت القبائل من مختلف المناطق العربية، عندما يعرض عليها رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، يعرض عليها الشرف الكبير، الذي هو أعظم شرف، أن تكون هي من تحتضن الرسالة الإلهية، وتحمل راية الإسلام، فكانت تلك القبائل قبيلةً قبيلة تُعرِض عن هذا الشرف، وتتهرب عن هذا الشرف الكبير، وهذه قصةٌ عجيبة في السيرة النبوية، كان هذا الشرف وهذا الفضل، وربما هي من سنَّة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في إقامة الحجة، والوفود من مختلف المناطق العربية تحج إلى مكة، وأثناء الحج يعرض عليها رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه" أن تحظى بهذا الشرف، فكانت تلك القبيلة تعتذر، وتلك القبيلة ترفض، وتلك القبيلة تختلق لها التبريرات وتتهرب، إلى أن جاء الأوس والخزرج فبادروا، واستبشروا، وسبقوا، واستعدوا، ثم كان ذلك مقدِّمةً للهجرة النبوية، ثم كان ذلك مقدِّمةً لمرحلة جديدة، وبعد ذلك تحققت النتائج الكبيرة والمهمة عندما هاجر النبي "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه" إليهم، وبدأت مرحلة الجهاد في سبيل الله، وإحياء رسالة الله، وإقامة دين الله، تحققت النتائج العظيمة، فعمَّ نور الله أرجاء الجزيرة العربية قاطبةً، لكن بعد عمل وجهاد، وبعد أن حظي الأنصار بذلك الفضل الكبير.

أملنا في شعبنا العزيز بانتمائه الإيماني الراسخ، ونحن في مرحلة تاريخية مهمة، ونحن في ظروف على المستوى العالمي ذات أهمية بالغة، فيها الكثير من التحولات والمتغيرات، لكن نحن كأمةٍ إسلامية، ننتمي للإسلام، لابدَّ أن يكون مسارنا منطلقاً من أساسٍ صحيح، من انتمائنا نفسه، من انتمائنا للإسلام، من انتمائنا للقرآن، من انتمائنا للرسالة الإلهية.

كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي تدشينًا لفعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف 1445 هـ -2023 م