شكلان لأنشطة الشيطان

شكلان لأنشطة الشيطان

وهكذا له نشاطه الواسع الذي يمكن أن نوجزه بأنه دائماً يتجه في اتجاهين، النشاط الشَّيْطَاني له شكلان:

الشكل الأول: الدفع بنا كبشر، والدفع أَيْضاً بالجن أَيْضاً في عالم الجن، الدفع لنا والسعي معنا لدفعنا للتعدي لحدود الله ومخالفة الله فيما نهانا عنه (النواهي): مثلما نهى الله أبانا آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” عن أكل الشجرة، فأتى لدفعه إلى أكلها، وزين له ذلك، وقدم له صورة مغلوطة عن الموضوع؛ لتحفيزه لذلك، وترغيبه فيه، فهذا نشاط واسع يشمل جوانب كثيرة، كُلّ المفاسد، وكل المظالم، وكل المنكرات هي في هذا الاتجاه، التي نهانا الله عنها، فيأتي هو ويدفعنا إلى فعلها والتورط فيها.

الشكل الآخر: المعصية لأوامر الله:- نحن في ميدان هذه الحياة وفي مقام المسؤولية فيها مخاطبون من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” بأمر ونهي: هناك ما أمرنا به، وهناك ما نهانا عنه، ما أمرنا أن نعمله من التزامات عملية، من مسؤوليات، من أعمال مهمة في هذه الحياة، ذات قيمة، ذات أهميّة، ذات صلة بصلاح حياتنا واستقرار حياتنا، ذات صلة باستجابتنا لله وتعبيد أنفسنا لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وهناك ما نهانا الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” عنه من المعاصي، من المفاسد، من المظالم، من المنكرات…

فالشَّيْطَان يعمل إما أن يورطك في المنكرات والمعاصي والمفاسد، في أي نوع منها، أي نوع يمكن أن تستجيب له، قد تكون مثلاً إنْسَاناً متنزهاً ومترفعاً عن الدنس وعن السقوط في الرذائل والمفاسد الأَخْلَاقية، ولكن لديك طمع مادي مثلاً، الشيطان ما عنده مشكلة، إذا ما عندك قابلية أن تتورط في الزنا، في الفساد الأَخْلَاقي، في تلك الرذائل، خلاص تركك من هذا الجانب، ودفع بك إلى حيث أنت تميل، مثلاً في المطامع المادية، عندك طمع مادي (طماع)، تريد الثروة بأي حال من الأحوال، بأي أسلوب، بأي طريقة، دفعك من هذا الاتجاه، أَوْ أنت مترفع في هذا الجانب، لكن أنت إنْسَان كبير النفس ولديك أَيْضاً الطموح ونزعة الاستعلاء وتريد أن يكون لك اعتبارك المعنوي وصاحب قرار وأمر ونهي وسلطة…الخ. دخل إليك من هذا المدخل؛ فيدفعك إلى أن تعتمد على وسائل: هي وسائل عصيان لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وسائل هي غير نظيفة، غير سليمة…الخ.

ما عندك تقبل في هذا، ولا عندك استجابة في هذا الجانب؛ إذاً سيمشى معك في أن تكون ملتزماً بترك المفاسد، بترك المعاصي، بترك المظالم هذه، وأن تكون مثلاً إنْسَاناً ملتزماً في العبادات الروحية، عندك التزام بالصلاة والصيام والزكاة والحج إن استطعت إليه سبيلاً، ولكن سيأتي لك من نافذة أخرى ويُطِلُّ عليك منها ويحاول أن يؤثر عليك: هي أن تقعدَ عن أوامر هي من أوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أنت لم تقبل بأن تزني، أَوْ تسرق، أَوْ تشرب الخمر، أَوْ تمارس أياً من تلك المفاسد والرذائل، وعندك عزم والتزام في صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك إن استطعت…الخ. لا بأس، يمشي معك في هذه الأمور، ويأتي لك من اتجاه آخر: كيف تتنصل عن مسؤوليات أخرى في الحياة، عن واجبات أخرى في الحياة، فلا أنت تريد أن تجاهد في سبيل الله، ولا أنت تريد أن تنفق في سبيل الله، لا أنت تريد أن يكون لك موقف ضد المنكر، ضد الباطل، تنهى عن المنكر وتأمر بالمعروف، تنطلق في شق المسؤولية في هذه الحياة، أمامك شق المسؤولية، جانب كامل من الدين، في هذه الحياة مظالم، في هذه الحياة مفاسد، في هذه الحياة قوى شر تمارس الجبروت ضد عباد الله، كم يحصل في كُلّ يوم على يدها من جرائم متنوعة وأشكال متنوعة من البغي والعدوان، عليك أوامر، عليك مسؤولية، وهناك أوامر من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” تأمرك أن يكون لك موقف منها، فتأتي المسؤولية علينا في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وأن نحمل الهم تجاه عباد الله: أن لا يظلموا، أن لا يقهروا، أن نقف موقفاً من المتسلطين عليهم… فيأتي ليقعدك عن هذه المسؤوليات، إذا أقعدك عن هذه المسؤوليات أنت هنا تعصي الله؛ لأن أمامك أوامر ملزمة من الله، مئات الآيات، مئات الأوامر والتوجيهات من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” التي تأمرك بأن يكون لك موقف في هذه الحياة من الظالمين، من المفسدين، من المستكبرين، الطغاة…

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد القائد لعام 1438 هـ