جبران سهيل
ندركُ جيِّدًا عظمةَ المشروع القرآني أكثرَ أي وقت مضى، ونعتذرُ للشهيد القائد أعظمَ اعتذار، بل إننا في ندم حين لم تصل إلينا مبكِّراً صرختُه المهمةُ وثقافةُ مشروعه العظيم في مواجهة المستكبرين والحاقدين على أمتنا وديننا ووطننا، ولم نكن من رجال هذا المشروع في بداياته المليئة بالأوجاع والآلام والقهر والمظلومية الكبيرة، بل نشعر بالحرج والحياء وكل معاني الخجل؛ لأَنَّنا التحقنا به بعد أن نال منه أعداءُ الدين والأمة ومن الذين معه.
الشهيدُ القائدُ -رضوان الله عليه- ليس مُجَـرّد قائد وطني أَو حزبي أَو قومي بل مختلف عن ذلك كَثيراً، فهو عَلَمٌ من أعلام الهدى الذين لا يأتون إلا نادراً وفي وقتٍ ظن فيه الجميع استحالةَ ذلك، نهض في أصعب مرحلة كانت تعيشها المنطقة عنوانُها الانبطاحُ والذل والخنوع لأمريكا، صرخ في زمن الصمت لا يخشى شيئاً ولا يطلب سوى رضا رب العالمين وتحَرّك رفقةَ ثلة من المؤمنين الصادقين في زمن الزيف والخداع.
الشهيد القائد امتلك نظرة ثاقبة ورؤيةً واضحة، فكان قائداً استثنائيًّا في مرحلة استثنائية، حين أعلن عن مشروعه القرآني المزعج لأمريكا وإسرائيل في وقتٍ ظنوا فيه أن لا شيء يقف في وجه طغيانهم وأهدافهم ضد الإسلام والمسلمين.
ورغم قلة العدد والعتاد وشحة الإمْكَانيات الضرورية لم يقف مستسلماً كحال الملايين، بل تحدث بكل شجاعة ووضوح عن خطورة أمريكا وصرخ بالموت لها بهيبة وعنفوان لا تجد مثله إلَّا في أمثالهِ من آل بيت رسول الله -صلاة الله عليه وعلى آله-، ومعه استنفرت قوى الطغيان في وجهه وتكالب الأعداء وأدواتهم عليه، وكانوا في عمل مُستمرّ ليلَ نهارَ عبر إعلامهم لتشويه الشهيد القائد ومشروعه العظيم وَتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب والشائعات وتحَرّكهم العدائي للنيل منه وَإجهاض مشروعه قبل وصوله للشعب.
ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره رغم طبيعة المعركة ونتيجتها التي تمثلت باستشهاده، فظنوا حينها أنهم انتصروا وهم الآن ومنذ ذلك الوقت يعيشون خسارة لا توصف تمثلت باستمرار المشروع القرآني ووصوله لخارج حدود اليمن بعد أن كان في مناطق محدودة بمحافظة صعدة، وها هي ثمارُه تُقطَفُ في الوقت هذا بعد أكثر من عقدين من الزمن.
وما حقّقه اليمن في جبهته الوطنية الصامدة في وجه العدوان على مدى ثماني سنوات من الصمود والانتصار هو جزء من هذا المشروع ونتاج طبيعي له ولحركة الشهيد القائد الذي كان بمثابة رجل البناء والحرية والإباء ومثّل مشروعُه وفاءً واستجابةً لله سبحانه في مقارعة الباطل وكل مخطّطات الأعداء ونصرة الحق والمستضعفين.
حسين العصر عنوان التضحية والاعتزاز الذي أرعب العدوّ حياً وميتاً وأقلق العملاء والخونة وكل أدوات أمريكا والصهاينة في وقته وفي الوقت الحالي، وستبقى دماؤه ودماء الشهداء الأحرار سُلَّماً للنصر حتى تستعيدَ الأُمَّــة مكانتها بإذن الله.