الوساطة العمانية والملفات الإنسانية

الوساطة العمانية والملفات الإنسانية

|عبدالفتاح البنوس

كان الموقف الرسمي للقيادة اليمنية الثورية والسياسية من المفاوضات والتفاهمات التي تم التوافق عليها خلال شهر رمضان والتي شملت معالجة كافة الملفات الإنسانية الشائكة وفي مقدمتها صرف المرتبات وفتح مطار صنعاء وإلغاء القيود المفروضة على حركة الملاحة البحرية عبر ميناء الحديدة واضحا وجليا خلال زيارة الوفد العماني الأخيرة للعاصمة صنعاء برفقة الأستاذ محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني ، فلا يمكن الدخول في أي مفاوضات أو مشاورات جديدة قبل أن يتم تنفيذ ما تم التوافق عليه بشأن الملفات الإنسانية سالفة الذكر والتي تعد من الحقوق المشروعة لأبناء شعبنا والتي لا تحتاج إلى مفاوضات ومشاورات كونها متعلقة بالجوانب الإنسانية التي لا يجب إخضاعها للمفاوضات والمشاورات المتعلقة بالملفات السياسية والعسكرية .

القيادة العمانية تبذل جهوداً مشكورة في جانب تقريب وجهات النظر في سياق سعيها للتوصل إلى حل شامل للملف اليمني بكل تفاصيله ، ومن أجل إنجاح مهمتها فقد منحتها القيادة الثورية والسياسية الفرصة والوقت الكافي من باب الحرص على تحقيق السلام ، والرغبة في إنهاء معاناة أبناء شعبنا ، رغم أن الطرف الآخر لم ينفذ أي بند من بنود الاتفاق بما في ذلك بنود الهدنة الأممية المزعومة التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من إبريل من العام الحالي والتي انتهت دون أن تنفذ بنودها على أرض الواقع نتيجة تنصل قوى العدوان ومرتزقتهم عن تعهداتهم ، حيث لا تزال حالة اللا حرب واللا سلم هي السائدة ، في الوقت الذي تواصل قوى العدوان خروقاتها وانتهاكاتها المستمرة في أكثر من جهة وعلى أكثر من جبهة ضاربة بالهدنة الأممية وبنودها عرض الحائط .

السعودي والإماراتي يعملان على تنفيذ المخطط الأمريكي البريطاني الفرنسي في المحافظات الجنوبية المحتلة ، مستفيدين من توقف العمليات العسكرية النوعية التي تستهدف عمقيهما الاستراتيجي ، وهو الأمر الذي تنشده أمريكا ومن معها ، ولكن صبر القيادة لن يطول ، والرسالة وصلت للوفد العماني لنقلها للطرف الآخر بضرورة الاتجاه نحو التنفيذ العملي لما تم التوافق عليه بشأن الملفات الإنسانية ، الوفد العماني طلب مهلة محددة لتنفيذ ذلك والقيادة تعاملت مع طلبه بحكمة ومسؤولية ، مؤكدة على أن لا مفاوضات قبل صرف المرتبات وفتح مطار صنعاء وإلغاء القيود على موانئ الحديدة ، وإذا كانت السعودية جادة في الذهاب نحو تحقيق السلام كما نقل الوفد العماني فعليها أن تثبت ذلك عملياً دون أن تلكؤ أو مراوغة .

نحن ندرك حجم الضغوطات التي تمارس على الجانب العماني ، ونقدر لهم كل الجهود المبذولة والمواقف الأخوية النبيلة تجاه العدوان والحصار ، ولكننا نأمل أن يمارس الأشقاء في السلطنة الضغط على السعودية والإمارات من أجل الوفاء بما تم التوافق عليه ، من أجل إظهار حسن النوايا ، من أجل الذهاب للمفاوضات حول بقية الملفات على طريق تحقيق السلام في اليمن ، وخصوصاً أن معاناة أبناء شعبنا في تزايد مستمر في ظل انقطاع المرتبات واستمرار الحظر على الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء واستمرار القيود على حركة الملاحة البحرية عبر ميناء الحديدة .

بالمختصر المفيد.. معالجة الملفات الإنسانية الملحة الناجمة عن العدوان والحصار ليست مهمة مستحيلة ولا معقدة كما يرى المحتل الأمريكي وأذنابه ، هي مهمة سهلة وبسيطة جدا في ظل توفر الموارد المالية الكفيلة بصرف المرتبات ، وجاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة لاستقبال الرحلات الجوية والسفن التجارية ، لا مفاوضات بدون صرف المرتبات وفتح الموانئ والمطارات ، ومن يراهن على إطالة أمد معاناة أبناء شعبنا من خلال استمرار حالة اللاحرب واللا سلم فهو واهم كل الوهم ، وعليه أن يتحمل تبعات ذلك .

قلت قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .