الوعي القرآني ومشروع الصرخة النهضوي

الوعي القرآني ومشروع الصرخة النهضوي

اتسعت دائرة الهتاف به في مناطق أخرى في يوم الجمعة والاجتماعات والمناسبات، وترافق مع ذلك الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، والعناية بهذا الموضوع بشكل كبير، وأيضاً وبشكلٍ رئيسي نشر الوعي القرآني؛ لتذكير الأمة بمسؤولياتها، وتبصيرها، وتوعيتها، ورسم مشروعٍ نهضويٍ قرآني متكامل للتحرك على أساسه.

 

هذا المشروع في مقدِّماته هذه لم يأت من فراغ، ولم يكن عبثياً، ولا إشكالياً، بل أتى من واقع الأمة المثخن بالجراح والآلام والمآسي، وأتى للتصدي لاستهدافٍ كبيرٍ ضد هذه الأمة في كل شعوبها وبلدانها، فالأمريكي ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحرك على نحوٍ غير مسبوق لاستهداف هذه الأمة، ولم يكتف بما كان له من هيمنة على الأنظمة والحكومات والجهات الرسمية، التي من خلالها كان يضمن مصالحه- وأكثر من مصالحه- في بلداننا، وفي شعوب أمتنا، وكان يتحكم في واقع هذه الشعوب وهذه البلدان في أشياء كثيرة، لم يكتف بالسيطرة غير المباشرة، فاتجه إلى السيطرة المباشرة، وجعل من أحداث الحادي عشر من سبتمبر ذريعةً يتوصل بها إلى تحقيق هذا الهدف، وبدأ غزوه العسكري المباشر لعددٍ من بلدان أمتنا، في مقدمتها: أفغانستان، وكان واضحاً أنه يتجه في نفس التوجه إلى غزو بقية البلدان إن تهيأت له الظروف لفعل ذلك، ومع ذلك أيضاً كان هناك أيضاً المزيد من التصعيد والطغيان الإسرائيلي في ظلم الشعب الفلسطيني، ومعروف آنذاك الهجوم الإسرائيلي على الضفة والقطاع، والاستهداف للشعب الفلسطيني بجرائم وحشية شاملة، في تصعيدٍ معروفٍ آنذاك، وجرائم وحشية يندى لها جبين الإنسانية، واستهداف مستمر للمقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف.

في تلك المرحلة، ومع ذلك التصعيد الكبير، وذلك الهجوم الشامل، الجانب العسكري جزءٌ منه، وإلَّا فهو اتجه إلى كل المجالات، ومن ضمنها: المجال الثقافي والفكري والمناهج الدراسية، وكان واضحاً السعي الدؤوب لطمس الهوية الثقافية لأمتنا الإسلامية في النشاط الأمريكي والإسرائيلي، والتحرك الأمريكي والإسرائيلي، فهم جعلوا من عنوان مكافحة الإرهاب ليس فقط ذريعةً للتدخل على المستوى العسكري والأمني، وإنما للتدخل بشكلٍ رئيسي على المستوى الثقافي، والفكري، والإعلامي، والسياسي، والاقتصادي... وفي كل المجالات، وعلى نحوٍ غير مسبوق.

ففي ظل تلك المرحلة، ومع تلك الهجمة الشرسة، التي قابلها في الواقع الداخلي لأمتنا في كثيرٍ من البلدان والشعوب توجهٌ خاطئ للأنظمة وللحكومات، وتماهٍ مع الهجمة الأمريكية، وحالة من الاستسلام والخنوع، والاستجابة التامة لكل المطالب الأمريكية، التي كانت تساعد على تمكين الأمريكي من تحقيق أهدافه، وتساعد الإسرائيلي على الوصول إلى غاياته وأهدافه.

في نفس الوقت لدى الكثير من أبناء شعوب أمتنا من نخب سياسية، وحتى في الوسط الديني، سادت حالة اليأس لدى الكثير منهم، حالة الشعور بالعجز، الانعدام للرؤية، حالة الهزيمة النفسية، مع الموقف السلبي للأنظمة وللحكومات، والذي امتدت سلبيته لتؤثر في الشارع، في الساحة العامة، في الوسط الشعبي، في كل أطيافه ومكوناته ونخبه، وكانت هذه حالة خطيرة بكل ما تعنيه الكلمة.

بقي الموقف الصامد والثابت لبعض قوى المقاومة في فلسطين، وكذلك في لبنان، وفي بعض بلدان الأمة، بقي الموقف الثابت للجمهورية الإسلامية في إيران، ولكن الحالة السائدة المؤثرة في واقع الأمة بشكلٍ عام كانت حالةً خطيرةً بكل ما تعنيه الكلمة.
كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ 03-06-2021