ثم يقول "جلَّ شأنه": {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}[الأعراف: من الآية157]، اتبعوا القرآن الكريم، القرآن هو نور الله، نور الله، ما فيه من تعليمات وحقائق، ما فيه من هدى، هو نور، يضيء لنا الدرب،.
يكشف لنا كل ضلالٍ وباطل، وإتباعه والاهتداء به هو أمرٌ أساسيٌ في العلاقة بالرسول "صلوات الله عليه وعلى آله"؛ لأن من مهامه الأساسية هو "صلوات الله عليه وعلى آله" مرتبطٌ بالقرآن، هادٍ بالقرآن، بالقرآن الكريم، ولأن القرآن هو النور، تأتي هذه التسمية متكررة في آياتٍ كثيرة، كما في هذه الآية المباركة: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}، وكما في قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} [التغابن: من الآية8]، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة: من الآية15]، وكما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}[النساء: الآية174]، فالقرآن هو النور، كل ما يخالفه هو باطل، هو ضلال، هو أفكارٌ ظلامية بكل ما تعنيه الكلمة، ولـــذلك يجب أن تكون صلتنا وعلاقتنا بالقرآن الكريم في الاهتداء والإتِّباع مبنيةً على هذه النظرة: أنه هو النور، هو الحق، هو الحكمة، هو الصواب، هو الرشد، ما يخالفه باطل، زائف، ضلال، تافه، لا قيمة له، ظلمات، يضيع البشرية ويتيه بها.
{أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: من الآية157]، الفلاح والنجاح، والفوز في مسيرة الحياة وللمستقبل الأبدي مرتبطٌ بهذا الإيمان، {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}[الأعراف: من الآية157]، بهذا كله تتحقق هذه النتيجة العظيمة: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، الفلاح بكل ما يعنيه: بالسلامة من الخسران، بالفوز بالحياة الطيبة، بالكرامة، بالعزة، بالحرية في مفهومها الحقيقي، بالخير كله، بالسلامة من الضلال، والضياع، والعذاب، والشقاء، والهوان، والخسران، بالفوز برضوان الله وجنته، والسعادة الأبدية، والسلامة من عذاب الله، الآمال العظيمة التي يطمح إليها كل إنسانٍ سليم الفطرة تتحقق على هذا الأساس، بهذا، إنقاذ البشرية، صلاح حياتها، استقامة حياتها، مرهونٌ بذلك، ليس هناك أي بديل يمكن أن يصل بالبشر، ولا بالأمة، ولا بأي مجتمع إلى هذه النتيجة أبداً، فللمسألة هذه الأهمية.
ولـــــذلك يجـب أن نحرص في أنشطتنا، في فعالياتنا على ترسيخ هذه المفاهيم العظيمة، وعلى ربطها بواقع حياتنا، بمسيرة حياتنا؛ حتى تترك أثرها الكبير في أنفسنا، في أعمالنا، في واقعنا، في اهتماماتنا.
خلال هذه الفترة، وإلى الفعالية الكبرى في الثاني عشر من الشهر، نأمل- إن شاء الله تعالى- أن يكون هناك نشاط واسع: على المستوى التثقيفي والتربوي، على المستوى الإرشادي، على مستوى الندوات والمحاضرات، للحديث عن رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، ورسالته، والإيمان به، وكماله العظيم، وما يربط الأمة به، ما يربط الأمة إلى مبدأ التأسي به، كما في قول الله "سبحانه وتعالى": {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: الآية21]، فجزءٌ من الأنشطة الأساسية هي: تثقيفية، توعوية، إرشادية، في المساجد، في المجالس، في الفعاليات والأنشطة المتنوعة.
وكذلك الاهتمام بالإحسان خلال كل هذه الفترة، الإحسان سلوك مطلوبٌ العناية به بشكلٍ دائم، لكن أن يبرز في مثل هذه المناسبة بشكلٍ أكبر، الإحسان إلى الفقراء، رعاية المحتاجين، إنقاذ المكروبين، إغاثة الملهوفين، مساعدة المحتاجين، هذا مما ينبغي أن يكون بشكلٍ منظم وواسع، وسواءً على المستوى الفردي، أو على المستوى التعاوني، وفي التعاون الخير والبركة، أن يكون هذا من الأنشطة الأساسية.
ثم العناية بالتحشيد للفعالية الكبرى، ليوم الثاني عشر، الإحياء الجماهيري الواسع جدًّا، بالطريقة التي يقيمها شعبنا، هو مظهر من مظاهر التعظيم لرسول الله، من مصاديق {وَعَزَّرُوهُ} التعظيم لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وهو يوجه رسالة إلى أعداء رسول الله، أعداء الإسلام، أعداء الله، أعداء البشرية، الذين دائماً يقودون الحملات المسيئة إلى رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، بالرسوم، بالهجمات الثقافية، الإعلامية، بأساليبهم الشيطانية المتنوعة، الإحياء الواسع هو رسالة ضدهم، رسالة تحذير، رسالة تبين أن هذه الأمة تتجه أكثر وأكثر لتعزيز وترسيخ ارتباطها الإيماني برسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله".
نأمل- إن شاء الله- كما في الأعوام الماضية وأكثر، ما أؤمله منكم، وما أؤمله من شعبنا العزيز، يمن الإيمان والحكمة، هو أكثر حتى من الأعوام الماضية.
أسأل الله "سبحانه وتعالى" أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
رعاكم الله، وفقكم الله، وأعانكم الله.
كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في تدشين فعاليات المولد النبوي الشريف 1444 هـ -2022 م