بعد اكتمال مرحلة الحساب: تقرير المصير!

بعد اكتمال مرحلة الحساب: تقرير المصير!

في ساحة الحساب، بعد توزيع الصحف، بعد اكتمال مرحلة الحساب، يأتي الجزاء، يأتي الجزاء، والانتقال، وأكثر البشر، الأغلبية الساحقة من بني آدم، الأغلبية الساحقة من البشر- وللأسف الشديد- سيخسرون، سيهلكون، سيكون مصيرهم إلى النار، ولهذا يقول الله “سبحانه وتعالى”: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}[يس: 60-62]، يقول عن أهل الجنة؛ عن أصحاب اليمين منهم: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39)وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[الواقعة: 39-40]، يقول عن السابقين: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[الواقعة: 13-14]، وهكذا، قلة قليلة، الأغلبية الساحقة اتبعوا أهواءهم، تصرفوا وفق أهوائهم، استهتروا بمسؤولياتهم. آنذاك تصبح هناك علامات واضحة للذين مصيرهم إلى جهنم، علامات واضحة حتى في أشكالهم، حتى في ألوانهم، ويصبحون بشكلٍ مميزٍ ومعروف، {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[يس: الآية59]، ثم تبدأ عملية الانتقال بهم، النقل الإجباري، عن غير اختيارٍ منهم ولا رغبة، النقل الإجباري إلى جهنم والعياذ بالله. {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}، بعلاماتهم الواضحة، التي قد ميزتهم، {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}[الرحمن: الآية41]، ينقلون إجباراً ودفعاً، من ساحة المحشر إلى جهنم، ويؤخذون بنواصيهم، بمقدمة رؤوسهم وشعر رؤوسهم، وبأقدامهم، بطريقةٍ مهينة. الذي يأخذهم هو زبانية العذاب: الشرطة المعنية بأمورهم ونقلهم إلى جهنم، الشرطة الإلهية من ملائكة الله، أقوياء وأشداء، وبدون رحمة، وبكل عنف، لا يستطيع أحدٌ أن يقاومهم، أن يمتنع منهم، أن يصارعهم، أن يفعل شيئاً، سيكون في حالةٍ من العجز التام والضعف. ويؤخذ رغماً عنه، بهذه الطريقة المهينة، والقاسية، والموجعة، وكله حسرات، وكله خوفٌ ورعبٌ قد ملئ قلبه ومشاعره؛ لأنه يعرف إلى أين سيؤخذ، إلى أين سيؤخذ!. {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، من رحمة الله أن يذكرك هنا في الدنيا، كيف سيكون واقعك في الآخرة إن لم تشكر نعم الله، إن أنت تنكرت لنعمه وفضله عليك. { هَذِهِ جَهَنَّمُ}، هذه جهنم، نعوذ بالله من جهنم، وما أدراك ما جهنم! أمر رهيب جدًّا، الإنسان عندما يعاينها، جهنم مخيفة حتى عندما نسمع عنها، من يتأمل آيات الله في القرآن الكريم وهي تصف جهنم، تصف أنواع العذاب فيها، يقشعر جلده، يخشع خوفاً من الله “سبحانه وتعالى”، خوفاً من عذاب الله “جلَّ شأنه”، فكيف إذا عاينها الإنسان، إذا شاهدها، أمر رهيب جدًّا، خوف رهيب جدًّا. هم عندما يعاينوها، حتى وهي لا تزال على مسافةٍ بعيدة، يكون مشهدها رهيباً جدًّا ومخيفاً للغاية، {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}[الفرقان : الآية12]، أصوات مرعبة جدًّا، أصوات مخيفة جدًّا، ومشهد- لتسعرها، والتهابها، ونيرانها، وتوهجها- مرعب جدًّا، ومخيف جدًّا، مخيفٌ للإنسان لو كان عذابه أن يدخل في فرن من أفران هذه الدنيا، ما بالك بعالم كله من سخط الله وغضب الله “سبحانه وتعالى”، مما يجلي غضب الله وقدرته وجبروته. {هَذِهِ جَهَنَّمُ}، عندما يعاينها الإنسان، يشاهدها، ويرى أنه متجهٌ إليها، وأنه ينقل إليها، وأنه سيلقى به فيها رغماً عنه، كيف هي حسراته؟! كيف هي آلامه؟! كيف هو خوفه؟! كيف هو قلقه؟! كيف هو انزعاجه؟! كيف هو عذابه النفسي؟! كيف هو ندمه الشديد، الذي يجعله يعض على أنامله؟! [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] دروس من هدي القرآن الكريم ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السابعة 1442هـ