ذكرى الولاية والبلاغ الإلهي

ذكرى الولاية والبلاغ الإلهي

عبدالمجيد البهال

تطل علينا في هذه الأيّام ذكرى يوم الولاية لأمير المؤمنين علي عليه السلام الذي قال عنه النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وقال أَيْـضاً: علي مع الحق والحق مع علي. فحديث الولاية حديث صحيح ومتفق عليه في كُـلّ المذاهب الإسلامية المكان غدير خم عندما رجع النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- من حجّـة الوداع

في مثل هذه الأيّام من العام الهجري العاشر، أعلن النبي صلى الله عليه وآله للأُمَّـة ولاية أمرها، وقدم لها الإنسان الأكفأ لقيادتها والأجدر بولاية أمرها وإدارة شؤونها والمحافظة على معالم دينها، الذي يستطيع أن يعلمها الكتاب والحكمة ويربيها على العزة ويقودها إلى الأمان والنصر على أعدائها، ويحصّن ساحتها الداخلية من الاختراق، واختار لها الرجل الذي حمل الإيمان المحمدي الأصيل وبذلك سيعرف التحريف في الدين، والذي حمل الوعي والبصيرة الكاملة وبذلك سيعرف التزييف في الوعي، وحمل التقوى والخوف من الله وبذلك سيحرص على العدل ويقيمه ولا يخشى إلا الله.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} بينما كان النبي قد بلّغ الصلاة والصيام والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالتوحد والاعتصام وغيرها من شرائع وشعائر الإسلام؛ لكن لا بد من صمام أمان لهذه الفرائض حتى يبقى لها أثرها في النفوس ويظهر أثرها في واقع الحياة، وَإذَا ضاعت ولاية الأمر فستبقى الصلاة ولا يبقى أثرها وقيمتها، ويبقى الصيام والحج وغيرها كشعائر جوفاء لا تحقّق الغاية من تشريعها في تزكية النفوس وتوحيد الصفوف وتآلف القلوب ونشر الوعي والبصيرة، وتحقيق العزة والكرامة للأُمَّـة، ولذلك الله يقول: {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} وهذا ما نشاهده في الواقع العام للأُمَّـة حينما غُيبت ولاية الأمر الإلهية؛ فبقيت الصلاة وبقي الفحشاء والمنكر رغم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبقي الصوم وغابت التقوى التي هي الغاية من الصوم، وغاب الموقف من أعداء الله وأعداء الدين والأمة وغابت الوحدة التي هي من غايات الحج، وغابت عزة الأُمَّــة وكرامتها، وحضرت الذلة والإهانة، وغابت شرائع الإسلام عن الواقع العملي، وحوصر الدين في المساجد وغُيب عن ساحة الأُمَّــة، وغاب الجهاد لأعداء الأُمَّــة، وحضر التطبيع والتولي لليهود والنصارى، وغاب العلم النافع عن الأُمَّــة، وحضرت علوم لم تنفع بل أضرت وفرقت الأُمَّــة وقتلت بصيرتها وإبداعها وغابت حضارة الأُمَّــة ومجدها، كُـلّ ذلك؛ لأَنَّ ولاية الأمر الإلهية غُيبت ونحن أُمَّـة مسؤولة ربط الله عزتها وكرامتها وحضارتها ومجدها بدينها وولاية أمرها.

الأمة أَو الشعوب التي والت الإمَام عليًّا عليه السلام هَـا هي اليوم في حالة القوة والعزة والذين سلكوا طريقاً غير طريق ولايته هم اليوم في حالة الذل والاستعباد وتحت وصاية الطاغوت والشر أمريكا وإسرائيل؛ فالشعوب لن ترى العزة والكرامة والحرية ولن ترفع الأُمَّــة رأسها حتى ترفع يد الإمَام عليٍّ عليه السلام.