منصور البكالي
قل ما تجد قوة سياسية ليس لها ارتباط بالخارج، في زمنٍ صار لغالبية القوى السياسية في عالم اليوم ارتباطاتها الخارجية التي تستند عليها بعد علاقاتها بشعوبها للوصول إلى السلطة والبقاء فيها.
في الحالة اليمنية وضعت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر عام 2014م معادلة جديدة ومفهوماً مغايراً عن كُـلّ القوى السياسية مفادها أن السلطة والشرعية لا يمكن أن تستمد من أبواب السفارات بل تستمد من عمق الشعوب ومن التوغل في همومها وتطلعاتها والسعي الجاد لحل كُـلّ مشاكلها، فقلبت بذلك الطاولة على مختلف القوى المرتهنة بعلاقتها للخارج المعادي ومشاريعه الاستعمارية لليمن وثرواته.
مثلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ثورة نقية لا فضل فيها لأي جهود أَو قوى خارجية بل كان الفضل كُـلّ الفضل لله وللشعب وللقيادة التي نشأت وترعرعت في كنف سلطة ظالمة مرتهنة بغالبية مكوناتها وأحزابها للخارج، وعلى وجه التحديد للهيمنة والسياسية “الصهيوأمريكية ” فكان معظم قادة الأحزاب يتسابقون على اللقاء بسفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبعض السفارات ذات الثقل الإقليمي والدولي غير آبهين بتطلعات الشعب وهمومه وتنامي وعيه السياسي من يوم لأخر حتى تفجرت براكين ثورته الفتية وانكشف الستار عن كُـلّ القوى السياسية التي سرعان ما غادر قاداتها البلاد متجهين نحو عواصم أسيادهم ومن كانوا مُجَـرّد جنود ينفذون مشاريعهم وأطماعهم ومخطّطاتهم التدميرية بحق شعبنا اليمن أرضاً وإنساناً.
العلاقات الخارجية لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر توجّـهت نحو القضية الفلسطينية كأولوية حتمية ومبدئية لا مناص عنها، ومناصرتها لكل الشعوب المظلومة، مقدمة يدها نحو بناء علاقات ندية مع مختلف الشعوب والحكومات المقاومة لقوى الاستكبار العالمي.
تطرقنا لهذا الموضوع الحساس في هذه الفترة الحرجة ليس للمزايدة أَو للاستهلاك ولا للترف الإعلامي واستعراض الكلام الإنشائي، بل هو شعور بالمسؤولية عن أهميّة تعزيز الذاكرة الوطنية لدى كُـلّ أبناء الشعب، وتنبيه الحس الوطني الرافض لقبول الوضع كما هو عليه من التقسيم والتشرذم المتحكم في تفاصيله وجذوره ارتباطات قديمة كانت تنظر للشعب اليمني بأنه مُجَـرّد حديقة خلفية للسعوديّة وبلد لا قرار فيه سوى للسفير الأمريكي، وبلد غني بالثروات وفقير بالقيادات، يمكن للمشاريع المعادية التوسع فيه واحتلاله المباشر والتحكم في كُـلّ قراراته السيادية.
ومن الشواهد على ذلك ما نراه اليوم من عراقيل وصعوبات في طريق إحلال السلام الشامل في اليمن ووقف العدوان ورفع الحصار عن أبنائه، يضعها ويوجهها الأمريكي والبريطاني المستفيدين من استمرار الوضع كما هو عليه من اللا حرب واللا سلم، سببها الرئيسي ارتباطات بعض القوى السياسية بالخارج المعادي.