فالقرآن الكريم، وهو كتاب الله، بعلمه، وحكمته، ورحمته، وهدايته الواسعة الشاملة في كل مجالات الحياة، لا يوجد مبرر للإنسان بأن يعرض عنه، بأن يبتعد عنه في مسيرة حياته، لا كفرد، ولا كمجتمع، ولا كأمه، والإعراض عنه، والانطلاقة على أساس بدائل أخرى، لها نتائج خطيرة جدًّا على الإنسان، وزر كبير، وذنب عظيم.
قال الله “جلَّ شأنه”: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}[طه: من الآية99]، يخاطب نبيه محمداً “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”، {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} القرآن الكريم، {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}[طه: 100-101]، من أعرض عنه فهو سيتحمل التبعات الكبيرة لإعراضه، ما هو الإعراض عن القرآن الكريم؟ هو الإعراض عن الاهتداء به والاتباع له، هذا هو الإعراض، لا يكفي أن نتلوه، لا يكفي أن نقتنيه في المنازل، لا يكفينا الإقرار فقط بأنه من عند الله، ثم لا نتبع ولا نهتدي، يجب أن نعود إلى الاهتداء به، أن يكون عندنا اهتمام، حرص، سعي، للاهتداء به، وسعي للالتزام به، سعي للعمل به، للاتباع له، وإلا فالحالة هي حالة إعراض، وهي حالة خطيرة جدًّا.
{مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ}: أياً كان هذا المعرض، بأي صفة، بأي دور، بأي اسم، {فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا}، نعوذ بالله! ذنباً عظيماً وفظيعاً يخلِّده في جهنم! {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}، سيكون حملاً سيئاً، حملاً يكفي بأن يصل بالإنسان إلى قعر جهنم، حملاً ثقيلاً، يبعد الإنسان عن رحمة الله “سبحانه وتعالى”، فلا ينال ذرةً من رحمة الله “جلَّ شأنه”، هذا أمر خطير جدًّا جدًّا، كافٍ لنا جميعاً في أن نتجه بكل جدية إلى الاهتداء بالقرآن الكريم.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه: 124-126]، فالإعراض له أثر في الدنيا هو الشقاء، الشقاء، وليس فقط الشقاء مثلاً بقلة الإمكانات الاقتصادية، يمكن أن يشقى حتى من لديهم الثروة الهائلة، الإمكانات المادية الهائلة، فلا يرتاحون بها، ولا ينعمون بها، يمكن أن يكونوا في حالة شقاء هم أيضاً، الشقاء حالة واسعة، وأشكالها متنوعة، قد يأتي الشقاء إلى الفقراء المعرضين عن كتاب الله، ويأتي الشقاء إلى الأغنياء المعرضين عن كتاب الله، ويأتي الشقاء لمن لديهم قدرات، أو إمكانات وخبرات، في هذه الحياة، ولكنها اتجهت بهم بعيداً عن هدى الله، فيكونون في حالة شقاء.
أما في الآخرة فهو العمى والخسران المبين، وفوات رضوان الله والجنة، والدخول إلى النار- والعياذ بالله- الخسارة الرهيبة الأبدية الكبيرة، ولذلك نجد خطورة الإعراض عن القرآن الكريم، الإعراض عنه في مقام الاهتداء به، وفي مقام العمل، في مسألة المواقف، في مسألة الاتباع العملي، الآن الكثير من المسلمين لا يفكرون أن تكون ولاءاتهم، توجهاتهم، مسيرتهم في هذه الحياة، على أساس القرآن الكريم، وفي كل مجالات الحياة، الإنسان بحاجة إلى قرار حاسم، وتوجه صادق، يبني عليه هذه العلاقة مع القرآن الكريم؛ للاهتداء به، والاتباع له، والتمسك به.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثانية 1442هـ