مالك الغنامي
عندما يحتفلُ العالَمُ باليوم العالمي للطفل يدخُلُ أطفالُ اليمن في ما هو أشبه بالحلم هل هذا واقع أم أكذوبة عالمية؟
ثم يستيقظون من حلمِهم قتلى تحت ركام منازلهم وتزف جنائزهم إلى مقبرة الأحلام العالمية المزعومة، يستيقظون على عالم متوحش في غابة المفترسين على الحقوق والإنسانية وعلى الطفولة ومستقبلها، يستيقظ الطفل وَإذَا بأُمه مطروحة الفراش تَلفُظُ أنفاسها الأخيرة في الحياة؛ بسَببِ الحصار، وَإذَا بزميله الطفل يكد ويشقى لجلبِ لقمة العيش والآخر مفقود أَو قتيل والآخر يعاني من مرض السرطان بالغازات المحرمة، يستيقظ وَإذَا بمدرسته مدمّـرة ورفاقه منقطعون عن التعليم، ويبحث ويتساءل ماذا يجري؟ ما سبب ما يحدث؟ لماذا يتم معاملة الطفل بهكذا طريقة؟!
ثم يحدق بنظره إلى محيطه العام وَإذَا بالوحوش البشرية تكشر أنيابها قادمة إليه لتفترسه، ثم يهرب مسرعاً إلى جهةٍ قد أعلنت أنها ستحميه وتحمي حقوقه ويصل إليها لاهثاً متعباً منهك الجسد بعد فراره من غابة الوحوش، يصل وَإذَا به يرى نفسه في وسط وحوش أقسى ضراوةً وأشدُّ افتراساً ويحيطون به من حوله ثم يسألهم الطفل: ألستم من أعلنتم عن حمايتي وحماية حقوقي؟! يردون عليه: نعم لا تقلق نحن منظمة حقوق الأطفال ويقتربون منه في هيئتهم المقززة وأنيابهم المكشّرة وهو يصيح في خوفٍ وبكاء ماذا تريدون مني؟ ماذا تفعلون بي ماذا جنيت ما هو ذنبي؟ ثم ينقطع صوته بعد أن ابتلعوه وابتلعوا حقوقه التي كان قد جمعها كذا كذا.
هذا مصيرُ الطفولة في أي بلد تتدخل فيه السياسة الأمريكية، يعلنون عن العناوين البراقة عن الحقوق الإنسانية ويوظفون تلك العناوين الإنسانية سياسيًّا وَإذَا بها في الأخير أكذوبة عالمية مغايرة للواقع، اتضحت هذه الأكذوبة في كُـلّ بلد تدخلت فيه أمريكا سياسيًّا أَو عسكريًّا، وقد تجلت هذه الاكذوبة جليًّا في اليمن خلال هذه الحرب التي تقودها أمريكا وتدعمها بالأسلحة المحرمة وبكل الوسائل.
يقتلون الطفل ويحضرون جنازته ثم يجب عليك أن تدفع مقابل حماية حقوقه والحقيقة أن الأنظمة الحاكمة تدفع الأموال لما يسمى منظمة حقوق الأطفال لقتلهم وليس لحمايتهم.
فالطفل اليمني أصبح مستيقظاً واعياً يعرف من يقتله ويدمّـر مستقبله، لقد أصبح الطفل اليمني يدرك من سيصنع مستقبله الحقيقي فلم يعد يأبه لتصريحاتهم ولا لعناوينهم.
فعندما نأتي لنطلّع على إحصائيات لجرائم أمريكا بحق الطفولة في حربها على اليمن نجد أكثر من 3800 قتيل وأكثر من 4000 جريح وهذه إحصائية قابلة للتزايد في ظل هذا العدوان، هذا فقط في اليمن ناهيك عن البلدان العربية والعالمية الأُخرى.
فيا من تدّعون حماية حقوق الطفولة، لماذا تقتلون الطفولة براً وبحراً وجواً؟ لماذا تحاصرون حقوق الطفل من دخولها إلى بلده والتي منها الأدوية لمعالجته على أقل تقدير من جروحه المثخنة جراء قصفكم له في منزله ومدرسته وحارته وطريقه وأسواقه وفي كُـلّ مكان.
لا ينفع النداء ولا التنديد ولا المطالبة ولا الاستكانة لهم فقد اتضح أمرهم وافتضحت سياستهم بل يجب أن نفهم ونعي جيِّدًا قول الله عنهم: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ، وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). صدق الله العظيم.