محمود المغربي
عندما أعودُ بالذاكرةِ إلى الوَراءِ قليلًا وإلى ما قبل انطلاق ثورة 21 سبتمبر وقبل أن يبدأَ عهدُ الأنصار، وأتذكر تلك الأيّام التي غابت فيها الدولةُ والأمنُ والاستقرارُ، ووصل الانفلاتُ الأمني والإرهاب إلى الذروة واستطاعت الجماعات الإرهابية الوصول إلى مستشفى العُرضي العسكري وقتل الرجال والنساء والمرضى والأطباء بتلك الطريقة البشعة والموثقة بالصوت والصورة تم عرضها في التلفزيون الرسمي لتكون شاهدة على فشل الدولة وفترة زمنية كانت الأسوأ في تاريخ اليمن.
أو مشاهد ذبح جنود الأمن المركزي في أقدس الساحات والميادين اليمنية ميدان السبعين الذي هو رمز للجمهورية والدولة اليمنية ومشاهدة جثث وأشلاء أُولئك الجنود الذين يفترض بهم أن يكونوا الجدار الحامي والمدافع عن أرواح الناس وقد اختلطت بثيابهم التي تحمل شعار وزارة الداخلية والأمن المركزي.
وكيف أن كبارَ ضباط الشرطة والأجهزة الأمنية في تلك الفترة لم يكونوا قادرين على ارتداء الزي العسكري وشعار المؤسّسة الأمنية والخروج إلى الشارع خوفاً من القتل والتصفية الجسدية من قبل الجماعات الإرهابية التي أزهقت أرواح العشرات منهم في العاصمة صنعاء وكلّ محافظات الجمهورية بالإضافة إلى عشرات الجرائم المتسلسلة في تعز وغيرها والتي لا تزال تحدث في كُـلّ يوم وساعة في المناطق المحتلّة، وأقارن تلك اللحظات المرعبة مع مشاهد مئات الآلاف من أبناء اليمن في صنعاء وباقي المحافظات نطاق الأنصار مجتمعين في ذكرى المولد النبوي الشريف أَو في كافة المناسبات دون خوف من تلك الجماعات الإرهابية ودون حوادث وكيف نعيش في أمن وسلام واستقرار أكاد لا أتمالك نفسي وأسجد لله حمداً وشكراً على نعمة الأنصار والرجال المجاهدين الذين جعلوا من الحلم حقيقة وخلقوا هذا الواقع بدمائهم وأرواحهم بعد أن سقطت اليمن في مستنقع الإرهاب والفوضى وفقدنا الأمل بوطن آمن يحفظ حياة وكرامة الإنسان اليمني.
وربما لا يشعُرُ بقيمةِ ذلك وما نحنُ فيه من أمن واستقرار إلا من عاش لحظات وأيام الرعب تلك أَو من يعيش في المناطق المحتلّة.