عندما نأتي للحديث عن هذه الخطوات والمقدمات التي توقع بالإنسان، يأتي في أولها: خطورة كسر الحواجز في العلاقات بين الرجال والنساء: عندما يدخل الإنسان في علاقة خاصة مع امرأة أجنبية عنه، ليست من محارمه، ليست من أقربائه، امرأة يمكن له أن يتزوجها، يحل له الزواج بها، فيدخل في علاقة خاصة معها، تواصل مباشر، خلوة، أو تراسل خاص، أي شكل من أشكال هذه العلاقات الخاصة، فهذه العلاقات محرمة، محرمة؛ لأنها تكسر الحواجز: حاجز العفة، حاجز الحياء، وتمهد أيضاً لأن تتأجج في مشاعر الطرفين الرغبة والمحبة والعلاقة الخاصة، التي توقعهم- في نهاية المطاف- إلى الجريمة، ولذلك حرم الله في الإسلام هذه العلاقات الخاصة، لا يجوز أبداً أن تدخل في علاقات خاصة مع امرأة أجنبية، وتدخل في مراسلات خاصة معها، وتواصل خاص معها، وعلاقات خاصة معها، وروابط مباشرة معها، فهذا يمهد السبيل للوقوع في تلك الجريمة والعياذ بالله، إذا أردت أن تتزوج بها تزوج، إن لم يكن معك أربع نسوان، أربع زوجات، من غير أن تدخل في علاقة محرمة، كسر هذه الحواجز مسألة خطيرة جداً.
أيضاً الاختلاط، الفوضى في الاختلاط، والتي تؤسس لمثل هذه الجسور من العلاقات المحرمة، وتكسر حاجز الحياء والعفة، وتؤجج المشاعر، وتهيئ الظروف، وتعزز من حالة التواصل، الذي قد يصل إلى التواصل الخاص، فهذه أيضاً محرمة، وهي من المفاتيح التي يعتمد عليها الأعداء في تدمير الحياء والعفة، وفي التهيئة للظروف المناسبة للإيقاع بالناس في مثل هذه الجرائم، هم يركزون على الاختلاط الذي يكسرون به هذه الحواجز، يكسرون به الحياء، العفة، هذه الحواجز المهمة جداً، التي تصون الرجل، وتصون المرأة، ولذلك يجب الحذر من ذلك، ومراعاة الضوابط الشرعية.
من الأسباب والعوامل الخطيرة: التبرج، تبرج النساء، ولبسهن الزينة وإبداؤهن للزينة في الشارع، يخرجن أمام الناس، تخرج وهي متبرجة، متزينة، على النحو المغري والجذاب، وتخرج أمام الرجال، وتخرج للاختلاط بالناس، وتخرج أمام مرأى ومشهد الآخرين من الرجال الأجانب عنها، هذا من المحرمات في الإسلام، والآيات في سورة النور، والآيات في سورة الأحزاب، تؤكد على حرمة مثل هذا السلوك، وللأسف البعض يتأثرن بالظواهر السلبية في المجتمعات الغربية، ويتصورن أنها تعبر عن الحضارة، ليست من الحضارة في شيء، ثم يحاولن أن يقلدن المجتمعات الغربية، فتخرج وهي سافرة ومتبرجة، وتظهر بالمظهر المغري، مظهر خاص، يفترض أن يكون أيضاً في إطار علاقتها مع زوجها، ولا يكون في إطار حركتها في خارج المنزل، وأمام الناس، فهذا السلوك سلوك خطير جداً، وسلوك مؤثر سلباً، وهو من أبرز العوامل لانتشار هذه الجرائم في المجتمعات الغربية، مع أنهم يعرفون أنها جرائم، وأنها محرمة، وأنها تخدش الشرف الإنساني، بل تمزق وتهتك الحرمة الإنسانية.
فالتبرج من أسوأ العوامل لانتشار مثل هذه الجرائم، وعلى مجتمعنا أن يحافظ على هويته الإيمانية، وأن يحذر من التبرج، المرأة لتصون نفسها، لتصون عرضها، لتصون كرامتها، لتصون شرفها الإنساني، هي عندما تتبرج، هي تقدم نفسها كسلعة رخيصة، دنيئة، فاسدة، إذا تبرجت في الشارع، أظهرت زينتها، وجمالها، ومفاتنها، للناس، هي تعرض نفسها بطريقة رخيصة وتافهة وخسيسة ودنيئة جداً للفجور والعياذ بالله.
أيضاً من العوامل المؤثرة على ذلك، والتي انتشرت في هذا الزمن: المراسلات الخاصة عبر الجوالات، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، هذه من أخطر الأشياء، ووباء في هذا الزمن، وباء خطير وفتاك يفتك بالبعض، يسقط بالبعض، البعض من خلال المراسلات بالجوالات، ورسائل الجوالات، أو الرسائل والمراسلات في مواقع التواصل الاجتماعي، يسخر هذه الوسيلة التي يجب استغلالها فيما هو حلال ومنفعة للناس في شؤون حياتهم، وأمورهم المهمة، وأمورهم الصالحة، يسخرها لمد جسور محرمة في التواصل مع الآخرين، ثم تبدأ من خلالها المغازلات، والكلام البذيء، والكلام الفاحش، والمراودة الفاحشة والإجرامية، حتى قد تصل بالبعض إلى السقوط في هذه الجريمة والعياذ بالله.
هذه من المحرمات، هذه من النوافذ الشيطانية التي يستغلها الشيطان للإيقاع بالإنسان، ولا يجوز للإنسان أن يتساهل في ذلك، أن يمنّي نفسه أن المسألة عادية، أو أنها ستبقى في حد معين بمجرد أن تمارس هذه المقدمات، وتدخل في مثل هذه المراسلات، أنت تدمر زكاء نفسك، أنت تجني على إيمانك، أنت تدمر هذا الطهر وهذه المشاعر الإيجابية في نفسك، وتنجسها وتقذرها، أنت تقرِّب نفسك من جهنم، أنت تتجه بنفسك إلى الانزلاق في هاوية المعصية البشعة والجريمة الشنيعة الكارثية على إيمانك، على شرفك الإنساني.
ولذلك يجب أن يصون الإنسان نفسه نهائياً، لا يتورط في ذلك نهائياً.
أيضاً من المقدمات الخطيرة جداً: مشاهدة المشاهد الإباحية، الشنيعة، الخليعة، سواءً في قنوات فضائية، أو عبر الإنترنت، أو عبر أي وسيلة من الوسائل، المشاهد التي يوزعها الفاجرون والمجرمون، ووراء توزيعها أيضاً ونشرها إعلامياً سياسة غربية، سياسة يهودية صهيونية؛ من أجل إفساد الناس، إفساد المجتمع البشري، إفساد المسلمين.
فالمشاهدة لتلك المشاهد الخليعة جداً، هي مدمرة بشكلٍ كلي، هي محرمة على كل حال، وهي مدمرة لزكاء النفس، لطهر المشاعر، لصلاح وزكاء المشاعر الإنسانية والإيمانية، وأمر محرم جداً، وأمر بشع للغاية، وحالة من الانحطاط، والدناءة، والخسة، والرذالة، والعياذ بالله، فهي مما ينبغي أن يصون الإنسان نفسه عنها، وهي من النظر الحرام، النظر الحرام سواءً وأنت تنظر إلى امرأة أجنبية نظرة الحرام، أو وأنت تنظر إلى تلك المشاهد، المشاهد الخليعة، المشاهد السيئة، فهي كله من نظرة الحرام، والله "سبحانه وتعالى" يقول في القرآن الكريم: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}[النور: من الآية30]، فهو يوجه هذا الأمر عبر نبيه ورسوله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" للمؤمنين.
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، غُض، غض بصرك، لا تستخدم هذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها عليك في النظر إلى الحرام، في نظرة الحرام، لا إلى النساء الأخريات، ولا إلى المشاهد الإباحية، والمشاهد المفسدة، المقذرة لوجدانك، المدنسة لمشاعرك، المحطمة لإيمانك.
{وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}؛ لأنك هنا تصون زكاء نفسك، وتحافظ على مشاعرك الإنسانية على أن تبقى رجلاً بما تعنيه الكلمة، رجلاً فيه طهر في مشاعره، فيه زكاء في نفسه، فيه غيره، فيه حمية، فيه إباء، فيه كرامة، فيه همه، فيه ما يسمو به لمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، والمواقف المهمة {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}، لا تصبح متطلعة بالنظر إلى الرجال الأجانب ومركزة عليهم، ومتطلعة إليهم، بما يجذبها نحو الميل إلى الفساد والعياذ بالله، وكذلك يحرم عليها النظر إلى المشاهد الإباحية المفسدة.
{يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور: من الآية31].... القائمة المذكورة في سورة النور، في الآية المباركة من سورة النور.
فعلى الإنسان أن يحذر فلا يقرب، {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ}، عندما تفعل المقدمات أنت تقرِّب نفسك، تقرِّب نفسك من الوقوع في هذه الهاوية، وقد لا تستطيع أن تسيطر على نفسك، قد تخذل، قد تخسر أسباب التوفيق والهداية الإلهية.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية، بتاريخ 26 رمضان 1442هـ