منذ اليوم الأول كان من الواضح أن الأعداء سيبذلون جهداً كبيراً لاختراق كيان الأمة، والتأثير على ساحتها الداخلية، وأن نشاطاً واسعاً بالنسبة لهم يتجه إلى التأثير الفكري والسياسي، والتأثير فيما يتعلق بالولاء في داخل هذه الأمة، وعندما نعود إلى القرآن الكريم فهو سواءً في سورة البقرة، أو في سورة آل عمران، أو في سورة المائدة، أو في سورة النساء… في كثيرٍ من سوره المباركة، يركز عندما يتحدث عن هذا الخطر الذي يمثله أعداء الأمة عليها يركز في مساحةٍ واسعةٍ منه على واقع الأمة من الداخل، وعلى أن أكبر ما يشكل خطورةً على هذه الأمة من أولئك الأعداء هو التأثير على أبنائها في مسألة الولاء والتبعية والتطويع، وأنهم- أي أعداء هذه الأمة أولئك- يسعون إلى السيطرة على هذه الأمة بهذه الطريقة بشكلٍ كبير، عندما يسعون إلى فرض حالة التبعية لهم، والتطويع لأبناء هذه الأمة؛ كي يكونوا مطيعين لهم، والتأثير على أبناء هذه الأمة؛ حتى يتمكنوا من السيطرة على الإنسان، بعد أن يسيطروا على فكره، على ثقافته، على توجهاته، بعد أن يكونوا هم من يصنعون رأيه، من يتحكمون في ولاءاته وعداواته وتوجهاته ومواقفه، وهذا هو أخطر مستوى من التأثير والسيطرة، هو الأسلوب الشيطاني الذي سلكه إبليس، سلكه الشيطان- لعنه الله- منذ البداية في صراعه مع بني آدم وفي عدائه لبني آدم، وأولئك الأعداء هم يسلكون هذا السلوك، مع أنهم لا يألون جهداً في تدمير هذه الأمة حتى على المستوى العسكري، مع أن العداء من جانبهم لهذه الأمة واضحٌ ومعروف، مع أن أسلوبهم في التعامل حتى مع من يواليهم من أبناء هذه الأمة واضحٌ ومعروف بالاحتقار والسخرية والاستهتار والاستخفاف، والتعبير بما يكشف عن أنهم لا يرون فيهم إلا أدوات يستغلونها، أو بقرةً حلوبةً يحلبون درها، يستغلون إمكاناتها المادية وثرواتها، هم واضحون في ذلك، والأمور واضحه ومكشوفة، ومع ذلك يسارع الكثير من أبناء هذه الأمة والبعض من أبناء هذه الأمة في خطوات واضحة ومكشوفة لتوليهم، ومناصرتهم، والتطبيع معهم، والتحالف معهم، والعداء للأحرار من أبناء هذه الأمة، الذين يصرون على الاستقلال والحرية والكرامة، يتمسكون باستقلال أمتهم واستقلالهم، ويمتنعون عن التبعية لأعداء الأمة.
وهذا الذي يظهر اليوم وبشكلٍ كبير وبشكلٍ واضح أنه لابدَّ من عمل يبني الأمة لتكون بمستوى مواجهة هذه التحديات والأخطار على كل المستويات، ولابدَّ من عمل يحصن الأمة من الداخل من هذا الاختراق الذي يهدف إلى تطويع أبناء الأمة، واستغلالهم، والتحكم في ولاءاتهم، وتوجيههم للعداء لمن يعادي أمريكا وإسرائيل، لمن يناهض الهيمنة الأمريكية والسيطرة الأمريكية، والسياسة الأمريكية التدميرية والعدائية، وله موقف مبدأي وحاسم ضد الكيان والعدو الإسرائيلي، هذه مسألة أثبتت الأحداث والوقائع أنها ضرورية لابدَّ منها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة 1440هـ