بقلم / د. شعفل علي عمير
قد لا يعرفُ الكثيرُ الدورَ الذي تقومُ به الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، ومدى مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وقد نعذر البعض ولكن أن يجهل هذا الدور قادة مؤسّسات فهذا بحد ذاته جزء من المشكلة التي انعكست نتائجها سلباً على البحوث الزراعية، ولعل السبب في عدم معرفة ما تقدمة البحوث الزراعية من دور كبير هو عدم فهم طبيعة عمل هذه المؤسّسة الزراعية العملاقة.
كثير ما نسمع ماذا قدمت البحوث الزراعية، بل أكثر من ذلك نسمع من يقول: أين البحوث الزراعية، لم تدعمنا بطاقات شمسية أَو حراثات أَو مبيدات أَو أسمدة أَو… إلخ.
وفي حقيقة الأمر أن البحوث ليست مؤسّسة تقديم هبات إنما هي مؤسّسة إنتاج تقنيات زراعية تتمثل في المقام الأول في إنتاج البذور المحسنة من ناحية وتحسين السلالات من الثروة الحيوانية.
وحتى نكون منصفين فَـإنَّ الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، يعود للبحوث الزراعية في زيادة الإنتاج من كثير من محاصيل الحبوب، حَيثُ زادت من (2.5) إلى (٥) أطنان كمتوسط للهكتار لعدد (٨) أصناف من الحبوب، وهذه الأصناف هي التي تزرع في معظم محافظات الجمهورية ويتم إكثارها في مؤسّسة إكثار البذور.
ولو تأملنا حجم الزيادة في الإنتاج لعرفنا أهميّة البحوث الزراعية، فطبيعة عمل البحوث الزراعية هو ما جعلها خلف الستار بحيث أن نتائجها البحثية لا تظهر للعيان بشكل مباشر إنما تنعكس نتائجها إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي، بحيث لو زرعنا الأصناف المحلية التي لم تنتجها البحوث الزراعية لتفهمنا معنى أن تغيب البحوث الزراعية عن دائرة الاهتمام، حتماً أن الناتج المحلي الإجمالي سوف ينخفض أكثر من النصف من معظم المحاصيل وخَاصَّة الحبوب، ولو حسبنا قيمة الإضافات في كميات الناتج المحلي من الحبوب التي تسببت بها تقنيات البحوث الزراعية لعرفنا أننا لم نقدم شيئاً يُذكر مقابل ما تقدمة البحوث الزراعية من أصناف، إضافة الضعف لإنتاجية وحدة المساحة في بعض الأصناف التي كان آخرها صنف أوسان الذي تجاوز إنتاجه (٦) أطنان كمتوسط للهكتار الواحد بينما الصنف المحلي لا يتجاوز (٣) أطنان للهكتار، إضافة إلى إدخَالها للعديد من أصناف البقوليات.. وأصناف الدخن والذرة الشامية ذات الإنتاجية العالية.
أليس هذا يعتبر إنجازاً كَبيراً يستوجب الوقوف أمامه وإعادة النظر في تقييمنا للبحوث الزراعية؟ ومن هذه المعادلة يجب أن نعي معنى أن نمتلك هيئة وطنية بحجم البحوث الزراعية التي يحسدنا عليها الكثير من الدول المجاورة بما تمتلكه من كادر متخصص وخبرات متراكمة.