ربيعُ النصر ورجالُ العصر

ربيعُ النصر ورجالُ العصر

بلقيس علي السلطان

أن تدخل في حرب كونية وأن تسلط عليك جميعُ وسائل الحرب الإعلامية والاقتصادية والعسكرية والأخلاقية… وغيرها كُـلّ ذلك قد يكون أمراً عادياً لمسامع البعض؛ كونها قد سمعت بذلك في الحروب العالمية التي سلطت على عدة دول عظمى تمتلك اقتصاداً قوياً وترسانة عسكرية ضخمة وليس على دولة تصنف بالنامية والضعيفة عسكريًّا واقتصاديًّا!

وهنا تحتم المعادلات العسكرية والتحليلات أن هكذا بلد لن سيتم تحقيق الأهداف فيه والتي شنت الخرب؛ مِن أجلِ تحقيقها في بضعة أَيَّـام معدودة إن لم يكن في بضع سويعات كما صرح بذلك من قاموا بشن الحرب على اليمن قبل سبع سنوات، وضعوا خطا تحت سبع سنوات.

نعم لقد مضت سبع سنوات خباث من الحرب والتدمير والتقتيل والتجويع والحصار، لكن قابلها سبع سنوات عظام من التحدي والصمود والانتصار والتقدم العسكري والتصنيع الحربي بفضل الله وبفضل رجال صادقين مخلصين جعلوا هدفهم الأسمى رضا الله والدفاع عن وطنهم وأمتهم فأثمرت تضحياتهم بربيع مزهر بالنصر العظيم.

لقد سول المعتدون في صدور أوليائهم بأن الوصول إلى مأرب أمر مستحيل وبأن الوصول إلى صنعاء هو الأسهل والأقرب، وجعلوا من مأرب معقل وقبلة للقتلة وقطاع الطرق وزرعوا فيها داعش والقاعدة ورووها بعناصر الإصلاح وحصنوّها برجال القبائل الذين أوهموهم بالنصر والتأييد وبأن عزتهم ومنعتهم في بقائهم مع تحالف العدوان وبأن أنصار الله سيسلبونهم هيبتهم وممتلكاتهم، فأقحموهم في الحرب وجعلوا منهم مطية لتحقيق أهدافهم ودرعاً بشرياً حامياً لهم حتى حصحص الحق بوصول المجاهدين الشرفاء إليهم وتبين لهم أن العزة والمنعة لن تتأتى إلا مع أبناء بلدهم وبطرد الوصاية والتدخل الخارجي وطرد من كان ينهب ثرواتهم ومقدراتهم.

لقد أشرقت شمس الحرية على معظم مديريات مأرب وعم نور التحرير عليها بفضل الله وبفضل الرجال المخلصين الذين سطروا ملاحم بطولية عجزت الكلمات عن وصفها فبات المعتدي يهابهم قبل وصولهم ويحرق معداته وآلياته بيده وبات يخشى سلاح الولاعة الذي يتولى ذلك!

أما عن اغتنام الأسلحة ومدى ضخامتها وتقنيتها الحديثة فحدث ولا حرج فقد كانت كفيلة بتحرير القدس، لكن خبث خططهم وأسباب حربهم كانت تفتقر إلى الحق والعدل فحق عليهم الخسران والإذلال وحق على رجال الله النصر والغلبة.

هؤلاء هم رجال العصر وقادات النصر، رجال العصر بمفهومه القرآني الراقي أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يقاتلون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، صرخوا بالموت لأمريكا وإسرائيل عن يقين واقتدار ومضوا واثقين بنصر الله مجسدين الأخلاق المحمدية في جبهاتهم فيضمدون جراح الأسرى من المرتزِقة ويقاسمونهم حصتهم من المأكل والمشرب، يعطون الأمان لمن استسلم منهم ورمى سلاحه دون أن يمسوهم بسوء وَيسجدون لله حمداً وشكراً عند تحقيق النصر وهم يعلمون أنه لولا تأييده ونصره لما استطاعوا تحقيق كُـلّ هذا التقدم وهذا النصر العظيم.

الانتصارات المتلاحقة هي تجليات لتضحيات الشهداء النبلاء الذين فرشوا طريق النصر بدمائهم الزكية رجال من خيرة الرجال وهبوا أرواحهم؛ مِن أجلِ أن تنال الأُمَّــة عزتها وكرامتها فاستحقوا الرفعة عند ربهم العظيم واستحقت أمتهم العزة والكرامة ودحر الظالمين والعاقبة للمتقين.