بقلم / علي ظافر
مؤخّراً، كشفت القوات المسلَّحة اليمنية عن مشاهد إطلاق عدد من الطائرات المسيرة من طراز «صماد 3»، التي استخدمتها الشهر الماضي في عمليات «إعصار اليمن» باتجاه العمقين السعودي والإماراتي.
واتَّضح من خلال هذه المشاهد أنَّ عمليات الإطلاق تتمّ من أراضٍ خالية من السكّان، ومِنْ منصات متنقّلة حرة ومباشرة، بما ينسف دعايات تحالف العدوان بأنَّ القوات المسلَّحة تستخدم الوزارات والأعيان المدنية لإطلاق الطائرات المسيرة.
من ناحية التوقيت، جاء الكشف عن عمليّة الإطلاق كخطوة استباقيَّة لجلسة مجلس الأمن، وفضح أيّ مساعٍ لشيطنة صنعاء عبر هذا المجلس الَّذي تحول إلى منصّة دولية لتبني الرؤية والرواية الأمريكية السعودية الإماراتية، وتذكير دول العدوان بأنّ اليمن لا يزال يحتفظ بعنصر المفاجأة، ولا يزال قادراً على إيصال هذا النوع من الطائرات إلى حيث يريد، في الزمان والمكان اللذين تحدّدهما القوات المسلّحة، وبتوقيت صنعاء المكرّمة.
ولا يُستبعد أن تحمل تلك المشهدية من التلميح ما يكفي للجهات الدولية التي برزت إلى الواجهة مجدداً من بوابة الاستعداد لتوفير الحماية للإمارات، ومن ذلك الأمريكي والإسرائيلي والفرنسي، وكأنَّ المشاهد تقول إنَّ كلّ تلك الجهات عجزت وستظلّ عاجزة عن اعتراض هذا النوع من السلاح، ولا تستطيع توفير استطلاع واستعلام عن اليمن بطبيعته الجغرافية الواسعة.
وهنا، من المهمّ الإشارة إلى اعتراف قائد القيادة المركزية الأمريكية كينيث ماكينزي بعجز قدرات بلاده الاستطلاعية في اليمن «بسبب مساحته الكبيرة»، ما يقودنا إلى حقيقة أنَّ الجغرافيا تخدم أهلها، ومن يدري أنّ كل اليمن بجباله وسهوله بات منصات إطلاق لهذا النوع من السلاح المحير فعلاً لكلِّ التقنيات، وبطبيعة الحال بعيداً عن المدنيين والأحياء المدنية، ما سيمكّن القوات المسلحة من أن تطلق الطائرات والصواريخ من أيِّ مكان تريد! وربما باتت الطائرات والصواريخ مشرعة في أكثر من مكان بانتظار زر الانطلاق، بناء على توجيه من القيادة في الزمان والمكان المناسبين، كل شيء وارد.
يمكن أن نجمل عدداً من الرسائل والدلالات التي حملتها مشاهد إطلاق الطائرات المسيرة باتجاه العمقين السعودي والإماراتي، إما مباشرة وأما بالإيحاء، على النحو التالي:
– هذا النوع من الطائرات لا يحتاج إلى مدارج، ولا يتطلَّب مساحةً مسطّحةً ومستويةً، وبالتالي، إنّ مزاعم تحالف العدوان باستخدام القوات المسلَّحة اليمنية مطار صنعاء وميناء الحديدة في عملية الإطلاق، هي دعايةٌ عاريةٌ من الصحّة، ولا صحّة ولا أصل لها.
– إنَّ إطلاقها يتمّ عبر منصاتِ إطلاقٍ متنقّلةٍ وخاصّةٍ وبسيطةٍ، ويمكن أن يتم من أيِّ سهلٍ أو جبلٍ.
– هذا النوع من الطائرات يعتمد على محركاتٍ عاديةٍ، ويتم توجيهه وفق تقنياتٍ خاصةٍ، بعيداً من شبكات الاتصالات والإنترنت، بدليل أنَّ عملية «إعصار اليمن» الثالثة، تمت بعد استهداف البوابة الدولية للإنترنت في الحديدة.
– تمّ الكشف عن وسائل تقليدية يتمّ تطويعها في خدمة سلاح الجو المسير وفق الممكن والمتاح، لفرض معادلاتٍ عجز تحالف العدوان بكلِّ أمواله وإمكانياته عن تحقيقها، وعجزت كلّ منظومات الدفاع الجوي المتعددة الجنسيات عن اعتراضها.
– من خلال هذه المشاهد، تبيَّن أنَّ عملية الإطلاق تمّت من أراضٍ مكشوفة خالية من السكان، وفي وضح النهار، ما يطرح سؤالاً جوهرياً عن مدى فشل أنظمة الرصد والاستطلاع المعادية، بمعنى أنَّنا أمام نجاح عسكري استخباراتي يمني يقابله فشل عسكري استخباراتي لدول تحالف العدوان.
تضعنا المشاهد أمام فرضية أنَّ سلاح الجو المسيّر وفرقه المنتشرة تمكّنا من نصب كمّ كبير من الطائرات المسيرة وتوجيهها، وحدَّدا أهدافها بدقة. وقد باتت هذه الطائرات مرهونة بالضغط على الزر في الزمان والمكان اللذين تطلبهما القيادة.
– سلاح الجوّ المسيّر قادر على تشتيت قدرات العدوّ الاستعلامية وإسقاط نظريّة التفوّق والاستطلاع لديه، والقوات اليمنية تحتفظ بعنصر المفاجأة والمباغتة.
– حرص سلاح الجوّ المسير على الابتعاد عن المدنيين والأعيان المدنية، سواء عند التصنيع أو الإطلاق، ما يعزز كذب تحالف العدوان وزيفه، وهو الَّذي يتعمَّد استهداف أماكن مدنيّة داخل أحياء سكنية، بزعم أنها ورش لتصنيع المسيرات.
– فريق سلاح الجو المسيّر قادر على التحرك والمناورة والتخفي، نظراً إلى بساطة الإمكانيات ومرونة الحركة، وبالتالي القدرة على تنفيذ العمليات من أيِّ مكان.
استناداً إلى كلّ ما سبق، فإنَّ حالة الهلع الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني تبدو مبررة أمام هذا السلاح المعجزة الذي حيّر كلّ التقنيات المتعددة الجنسيات، وخصوصاً بعد 3 عملياتٍ متتاليةٍ في شهرٍ واحدٍ باتجاه العمق الإماراتي، في ظلِّ وجود كلّ هذه القوى بكلِّ قوتها وتقنياتها. وبالتالي، إنَّ عمليات «إعصار اليمن» لم تهزّ الأمن الإماراتي وتهشّم صورة الواحة الآمنة فحسب، بل هشّمت ما تبقى من سمعة منظومات الاعتراض الأميركي الغربي.
هذا الحرج جعل قائد القيادة المركزية الأمريكية كينيث ماكينزي، الذي ظلَّ مرابطاً 3 أيام في أرض الإمارات مُطَمئِناً، ودفعه إلى تقديم المزيد من الوعود. وفي اعتقادنا – ولو كنّا غير متخصصين في الجانب العسكري – أن إرسال المدمرة «يو إس إس كول» وسرب إضافي من طائرات «إف 22» الأمريكية، لن يقدم قيمة إضافية في سبيل حماية الإمارات وغيرها من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، إذ إنَّ هذه القوة موجودة في المنطقة أصلاً، وقاعدة الظفرة التي تعرضت للقصف في عمليات «إعصار اليمن» الثلاث، كان تضمّ طائرات من هذا النوع، فما كان دورها؟ وما الذي فعلته؟
يعلم الأمريكيون علم اليقين فشلهم أمام هذا النوع من السلاح، ولكنَّهم يكابرون للحفاظ على تبقى من سمعةٍ لسلاحهم، ولكن في حال حصل إعصارٌ يمنيٌّ جديدٌ، سيكون الجميع أمام فضيحةٍ مشتركةٍ، لأنَّهم اليوم في حالة استنفارٍ، وكلٌّ وضع ثقله في الميدان، وباتوا أمام اختبارٍ صعبٍ، وصعبٍ للغاية!