يحيى المحطوري
لم تكن الضربةُ العسكرية للمقاومة العراقية على القاعدة الأمريكية في الأردن هي الأولى، لكنها كانت الأقوى، من حَيثُ نوعية الهدف واختيار المكان ودقة التوقيت والتأثير على الواقع الأمريكي داخليًّا.
كما أنها أجهزت على المحاولاتِ الأمريكية لتقييدِ المقاومة العراقية بإنشاء لجان أمنية وعسكرية مع العراق على أعلى المستويات.
وكما أنها كشفت المواقعَ الخلفية للجيش الأمريكي، والتي كان من المفترض أن تكون محاطةً بالسرية الكاملة، وانكشافُها يعتبرُ فشلًا أمنيًّا واستخباريًّا ذريعًا وغيرَ مسبوق.
الذهولُ الأمريكي والعجز عن الرد يؤكّـدُ من جديدٍ الضعفَ الذي وصلت اليه أمريكا في كُـلّ المستويات ويشير إلى قدرة محور المقاومة على تحويلِ العدد الكبير من القواعد الأمريكية في المنطقة العربية من تهديدٍ إلى فرصة.
وستستمر الضرباتُ في اليمن وفي العراق وسوريا وسيُرهَقُ منها الجيشُ الأمريكي حتمًا، سواء على المستوى الاقتصادي أَو على مستوى الدعم اللوجستي العسكري الميداني، حَيثُ يحتاجُ إلى كمياتٍ هائلةٍ من الصواريخ والتجهيزات؛ لكي يتمكّنَ من المواجهة والتصعيد فيها إن قرّر ذلك.
ولن يتمكّن من ذلك؛ لأَنَّ الوضعَ الداخلي لأمريكا حَـاليًّا متجَّهٌ نحو التفكك والانهيار.
ويمكن تشبيهُه بالثلاث السنوات الأخيرة من عمر الاتّحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية التي شهدت أحداثًا مماثلةً من التمردات التي صنعت حالةً من الفوضى العارمة، أَدَّت إلى تفتُّته وانهياره.
كما أن الضجيجَ الإعلامي الأمريكي لا يمكنُ أن يؤثِّرَ في قرارات دول الشرق والمعسكرِ الآخر الذي يتربَّصُ بالأمريكي منذ عقود، وينتظرُ حلولَ هذه الفرصة منذ سنوات؛ وهو يراقبُ ترنُّحَ الأمريكي واهتزازَ أقدامه في المنطقة العربية ويعد نفسَه لاغتنام الفرصة.
كما أن التزييفَ الإعلامي لن يقنعَ الدولَ الأُورُوبية في الاحتشاد مع أمريكا ودعم موقفها أَيْـضاً، وهو ما تطالب به أمريكا منذ أسابيع دون جدوى.
وأما الدول العربية فقد أصبحت ذليلة مذهولة محبطة، حَيثُ كانت تبحث عن الحماية الأمريكية والإسرائيلية طوال سنوات وإذا بها بين ليلة وضحاها تجد القوات الأمريكية تتلقى الصفعات المتكرّرة والمتتابعة وهي عاجزة عن الردع والحسم.
وهو شاهد ملموس على صدق وعد الله القائل:
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أولياء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا، وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.
والجميع يتذكر كيف كان التوجّـه الأمريكي في الأيّام الأولى للعدوان على غزه قويًّا وإرهابيًّا.
وكيف تلاشت نبرةُ الأمريكي وانخفضت تدريجيًّا، بعد تلقيه الضرباتِ اليمنية الكثيرة والمُستمرّة والمنكلة التي لم تكن له في حسبان.
كُـلّ هذا وإيرانُ تعلنُ بشكل يومي تأكيدَها على الحرص على عدم توسيع نطاق المعركة والأحداث وأنها لم تتدخلْ بشكل مباشر ولم تشارك بعدُ.
وكما أن ضرباتِ حزب الله في لبنانَ القويةَ والمُستمرّةَ والمتصاعدة تؤكّـدُ امتلاكَه من المفاجآت؛ ما يذهل الأمريكي والإسرائيلي معًا، في قادم الأيّام.
والحمد لله والفضل له أولًا وأخيرًا، الذي يقول:
وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا.
الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا.
ولا قوةَ ولا غلبةَ ولا نصرَ إلا بالله العلي العظيم.