الوكيل الأساسي هو الإسرائيلي، البقية أدوات

الوكيل الأساسي هو الإسرائيلي، البقية أدوات

هذه خسارة للدين والدنيا- أن يخسر شعبنا حريته، كرامته، استقلاله، هويته الإيمانية، أن يتحول إلى شعب بائس، تحت سيطرة أعدائه، ثم يفتح المجال فيه لمن؟ للإسرائيلي، ليأتي في عنوان أو تحت عنوان التطبيع، والظروف مهيَّأة تماماً؛ لأنه حيث تعمل أمريكا، هي تحسب حساب مصلحة إسرائيل؛ لأن إسرائيل بالنسبة لأمريكا، هي وكيلها الرئيسي في الشرق الأوسط، فيما يطلقون عليه بالشرق الأوسط، ليس السعودي هو الوكيل لأمريكا في المنطقة، وإن كان يرغب في ذلك، ويسعى لذلك، وليس هو الإماراتي، وإن كان سعى لذلك، وقدَّم الكثير من أجل ذلك في خدمة أمريكا، ولا أي بلد عربي أو إسلامي يمكن أن تعتمد عليه أمريكا ليكون وكيلاً فعلياً لها في منطقتنا وعالمنا العربي والإسلامي، الوكيل الأساسي هو الإسرائيلي، البقية أدوات، تنظر إليهم أمريكا بما توصِّفهم به من: عملاء، أو بقرة حلوب… أو أيٍّ من هذه التوصيفات الرديفة، ولكن الأمريكي يحسب دائماً حساب إسرائيل، وكان هذا ملحوظاً في واقعنا اليمني، كان هناك أيضاً في البرنامج الأمريكي مع المسؤولين، وفي الترتيبات والتهيئات، ما يمهِّد لذلك، وفي نهاية المطاف يكون اليمن أرضاً مجزَّأة مقسَّمة، يعيش شعبها البؤس، الانهيار، النزاعات والصرعات بلا أي داعٍ، بلا أي مبرر، ويعيش الشعب اليمني مسحوقاً ذليلاً مقهوراً، فقد حريته وعزته وكرامته، وخسر الدنيا والآخرة، هذا أمرٌ لا يمكن أن يقبل به إنسانٌ بقي له ضميره الإنساني، بقي له مشاعره الطبيعية، وإحساسه بإنسانيته كإنسان، بآدميته كآدمي، فما بالك مع ذلك شعوره بانتمائه الإيماني.

 

الإنسان الذي يؤمن بالمبادئ الإيمانية، بالقيم الإيمانية، الإنسان الذي يعي معنى (لا إله إلا الله)، ويؤمن بمدلول (لا إله إلا الله)، فهو لا يقبل بأن يكون عبداً لأعدائه، بأن يخسر حريته لمصلحة أعدائه، بأن يعيش بائساً، مستذلاً، محتقراً، مهاناً، مهدر الكرامة، لا قيمة له، لا كرامة له، لا شرف له، مضطهداً من جانب أعدائه، لا يمكن أن يقبل، وشعب اليمن الذي يقول عنه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله فيما روي عنه: (الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية)، لو قَبِل بذلك، واستمر على ذلك، ووصل إلى نتائج كارثية رهيبة جداً، يخسر فيها كل شيءٍ من أجل ذلك؛ لما كان بقي له إيمان، ولما كان بقي له حكمة، ولما كان جديراً أصلاً بأن يقول عنه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله هذا المقال، ويقلِّده هذا الوسام العظيم، ولكن الخير باقٍ في هذا الشعب، ما كان شعبنا بقبائله، والتي كانت هي الركيزة الأساسية لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وتعيش النخوة، والشهامة، والإباء، والشرف، والعزة، ولا تزال تحتفظ برصيدها الإيماني والأخلاقي والقيمي، وبالكثير من الصالحين في هذا البلد من مختلف أطيافه ومكوناته، الذين كانوا في غاية الاستياء من تلك الوضعية، وكانوا يدركون ما يعني أن تستمر تلك الوضعية، كيف تكون مآلاتها، نتائجها، عواقبها الكارثية والمرّة والخطيرة، التي لا يمكن أن تطاق.

 

فبدافع الشعور الحي، الضمير الحي، الإحساس الإنساني، الكرامة الإنسانية، الانتماء الإيماني، الهوية الإيمانية، العزة الإيمانية، الكرامة الإيمانية، التي كان لا يزال لها وجود، ووجود كبير في قلوب وشعور الكثير من أبناء هذا الشعب، من أحرار هذا الشعب، من رجال هذا الشعب، من نساء هذا الشعب أيضاً، كان هناك استياء كبير، وعدم رضا، ولا قبول باستمرارية تلك الوضعية الكارثية الشنيعة الفظيعة المخزية، لا يمكن آنذاك القبول بها، وأن تستمر في واقع هذا الشعب، إلَّا ويكون ذلك عاراً أبدياً على أبناء هذا البلد، وخزياً شنيعاً فظيعاً يتقلَّده أبناء هذا البلد لو استمر ذلك.

 

فآنذاك كان لنا مشاوراتنا لقاءاتنا مع الكثير من أبناء هذا الشعب، من العلماء، من النخب، من القبائل، وتوجهنا جميعاً كشعبٍ يمني من مختلف مكونات هذا البلد، من مختلف أطيافه، ليس فقط على مستوى مذهب واحد، أو منطقة واحدة، أو محافظة واحدة، أو مثلاً على المستوى النخبوي جهة واحدة، الأحرار من مختلف المكونات، من مختلف المذاهب، من مختلف المحافظات، تحرك الجميع وهم يستندون إلى مشاعرهم الإنسانية، وضميرهم الحي، وانتمائهم الإيماني، وكرامتهم الإنسانية، ومن واقع الشعور بالمسؤولية، ومن واقع المعاناة الحقيقية، التي كانت معاناة ناتجة عن ذلك العبث، عن ذلك الاستهتار، عن ذلك الاستهداف من السفير الأمريكي وأعوانه من خارج اليمن ومن داخل اليمن، تحرك الجميع تحركاً ثورياً متميزاً، في ثورة أقل ما نقوله عنها، أقل ما نقوله عنها: أنها من أعظم الثورات المتميزة والراقية، التي كان الأداء فيها، الأداء الثوري فيها له مميزات كثيرة:

 

أولاً: أنه عبَّر عن الشعب كل الشعب، لم يعبِّر عن فئة واحدة من أبناء هذا الشعب، لا على المستوى العرقي والسلالي والمناطقي والمذهبي، ولا على أي مستوى، عبَّر عن الشعب كل الشعب، تجاه معاناة ومخاطر تستهدف كل أبناء هذا الشعب، في كل المحافظات، وكل الأطياف.

 

على مستوى الأهداف والمطالب، هي مطالب تعود لمصلحة كل الشعب اليمني، وأهداف هي لمصلحة كل الشعب اليمني، على مستوى المكونات الذين تحركوا من النخب، من القبائل، كذلك يعبِّرون عن أبناء هذا الشعب، من مختلف المحافظات، من مختلف المذاهب، من مختلف الأحزاب، من مختلف المكونات بكل أشكالها.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة 21 سبتمبر 2021