عبدالفتاح البنوس
في أول جمعة من شهر رجب الأصب من العام التاسع للهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله دخل أهل اليمن الميمون في دين الله أفواجا، استجابة طوعية لرسالة الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي بعثها مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث شكل هذا الحدث نقطة تحول في مسار الدولة الإسلامية وما إن وصل مبعوث الإمام علي عليه السلام إلى رسول الله يخبره بدخول أهل اليمن الإسلام، قام صلوات ربي وسلامه عليه وآله بالسجود حمدا وشكرا لله على هذه النعمة وأثنى على اليمن واليمنيين ووصفهم بالأرق قلوبا والألين أفئدة ونسب إليهم الإيمان والحكمة، هذا الاحتفاء والاحتفال المحمدي بدخول أهل اليمن الإسلام، سبقه احتفاء المولى عز وجل من خلال نزول سورة النصر التي يؤكد الكثير من المفسرين بأنها نزلت بعد دخول أهل الإيمان الإسلام، وهذه مكرمة ربانية ونبوية اختص بها أهل اليمن، وجرت العادة على الاحتفاء والاحتفال بهذه المناسبة كل عام من قبل أجدادنا فكان العيد الديني الثالث بالنسبة لهم بعد عيدي الفطر والأضحى، حيث يرتدي الأطفال الملابس الجديدة ويتبادل الأهالي الزيارات للأرحام وتقام الموائد والموالد والمهرجانات الإنشادية والمدائح النبوية وتكتسي البلاد حللا من البهاء والسعادة والسرور وما تزال الكثير من مظاهر الفرح والسرور بهذه المناسبة اليمانية الإيمانية التي باتت تمثل عنوانا للهوية الإيمانية لشعب الأنصار والحكمة والإيمان.
وما من شك بأن للرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وللدين الإسلامي الفضل الكبير على اليمن واليمنيين، في إخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والإلحاد إلى الإيمان والتقوى، ومن عبادة الطاغوت إلى عبادة الله عز وجل، قال تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فأي فضل وأي رحمة أعظم من نعمة الهداية؟!! وأي حدث أعظم من دخول الإسلام يستحق الاحتفال به وإظهار مظاهر الفرح والسرور بحلول ذكراه؟!! بالتأكيد لا يوجد حدث بعد ذكرى المولد النبوي الشريف ينبغي على اليمنيين الاحتفاء به سوى عيد رجب، عيد دخول أجدادنا الأوائل في دين الله أفواجا الذي يمثل بداية للحقبة الإيمانية في تاريخ اليمن واليمنيين الذين ضربوا أروع الأمثلة في نصرة دين الله وكانوا خير من ساند وآزر الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحملوا راية الإسلام ونشروه في أرجاء المعمورة، وقدموا التضحيات الجسام من أجل إعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
بالمختصر المفيد عيد رجب هو عنوان للهوية اليمانية الإيمانية، وهو محطة إيمانية يجدد من خلالها أبناء اليمن الميمون الولاء لله ولرسوله، ويجسدون عمق ارتباطهم بدين الله، وعظمة تمسكهم بهويتهم الإيمانية، التي منحتهم العزة والكرامة والشموخ والإباء، والنصرة والتمكين في مواجهة تحالف قرن الشيطان الرجيم الذي أوشك على دخول عامه التاسع، دون أن يفت في عضد اليمنيين، فزادهم العدوان والحصار إيمانا وثقة بالله عز وجل وتوكلا واعتمادا عليه، وعزز من صمودهم وثباتهم وإصرارهم على مواجهة العدوان والحصار والتغلب على تداعياتهما، والذهاب نحو بناء الدولة المدنية الحديثة من خلال مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة الذي يمثل التحدي الأكبر لليمن واليمنيين في هذه المرحلة الحرجة وفي ظل الظروف الصعبة والأوضاع المريرة التي يعيشها الوطن والمواطن.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.