الإيمان بالحياة الأخرى يساعد الإنسان على الاستقامة

الإيمان بالحياة الأخرى يساعد الإنسان على الاستقامة

فهذا التصور الذي يقدِّمه لنا القرآن الكريم، ونؤمن به بإيماننا بالحياة الآخرة، هو يساعد الإنسان على أن تستقيم حياته هنا في الدنيا؛ وبالتالي تستقيم في الآخرة، وإذا أصبح عنده اهتمام بمستقبله في الآخرة، يساعده ذلك على الاستقامة هنا في الدنيا، فنجد هذا الترابط ما بين الحياتين، استقامة حياتك في الآخرة مرتبطٌ باستقامتك في الدنيا، واستقامة حياتك في الدنيا مرتبطٌ بإيمانك بالآخرة، وسعيك إلى أن تكون حياتك في الآخرة حياةً مستقيمة، وأن تكون إلى النعيم.

 

عالم الآخرة ليس عالماً مجهولاً، حتى يخاف الإنسان بأنه سينتقل إلى عالمٍ مجهول، لا، هو عالمٌ تحدَّث الله عن تفاصيله في القرآن الكريم على نحوٍ واسعٍ جدًّا، وفي كثيرٍ من السور في القرآن الكريم، وفي كثيرٍ من الآيات، حديثٌ واسع عن هذا العالم الآتي، الذي سنعيش فيه الحياة الأبدية، وهو آتٍ وقريباً يعني، {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}[الأنبياء: من الآية1]، {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: الآية1]، يأتي الحديث عن أنه قريب، الفاصل الذي بينك وبينه هو الموت، والموت بالنسبة لك هي لحظة أو نقلة سريعة، نقلة سريعة، إلى درجة أنه عندما تأتي إلى عالم الآخرة، فإنك تتوقع أنَّ هذه كانت مرحلة قصيرة جدًّا، {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ}[يونس: من الآية45]، وجودك في هذه الحياة، أو مرحلة فنائك، التي هي نقلة ما بين هذا العالم، ثم بعده إلى عالم الآخرة، كذلك حالة ساعة، بمستوى ساعةٍ من الزمن، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}[الروم: من الآية55]، إلى هذا المستوى: كأنهم لم يلبثوا في تلك الفترة من موتهم إلى بعثهم إلَّا ساعة، وفي آيةٍ أخرى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات: الآية46]، فترة قصيرة جدًّا، فترة قصيرة جدًّا.

 

فالقرآن الكريم يؤكِّد لنا حتى نكون على استعدادٍ تام، وحتى نبني مسيرة حياتنا هذه على أساس هذا التصور: تصورٌ لحياتين مترابطتين، هناك في القرآن الكريم من سوره العظيمة والمباركة والمهمة، ما يقدِّم تصوراً لهاتين الحياتين، مع ربطٍ كبيرٍ بينهما، وتفاصيل مهمة وكثيرة عنهما، سورةٌ عظيمة هي سورة الرحمن، إن شاء الله في المحاضرة القادمة نتحدث على ضوء الآيات المباركة في سورة الرحمن، ونستفيد منها فيما يرسِّخ لدينا الإيمان بأن الله “سبحانه وتعالى” خلقنا لحياتين، وعلينا أن نستقيم في هذه الحياة؛ لكي تستقيم حياتنا في الآخرة.

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الرابعة 1442هـ