تجليات الشرك بالله: بين العقيدة والعمل

تجليات الشرك بالله: بين العقيدة والعمل

الشرك بالله له شكلان:

 

 الشكل الأول: عقائديٌ، ويتبعه العمل:

 

من يعتقدون أن مع الله إلهاً آخر كعقيدة، ويشركون به من منطلق هذه العقيدة، ذلك الذي يظنونه، أو يتوهمونه، أو يزعمونه، إلهاً مع الله "سبحانه وتعالى"، وهذه الحالة كانت سائدة، ولا زالت منتشرة في واقع البشر، لا تزال كثيرٌ من الأمم من البشر لها هذه العقيدة: تعتقد مع الله إلهاً آخر، وتشرك به في العبادة، ومن منطلق عقيدة باطلة تعتمد عليها، أو تنطلق على أساسها، ويتبع ذلك- كما قلنا- العمل.

 

الشكل الآخر من أشكال الشرك: هو الشرك العملي:

 

فقد تكون في عقيدتك موحداً، وتعتقد أنه لا إله إلا الله، وأنه وحده "سبحانه وتعالى" الإله الحق، ولكن على مستوى الواقع العملي، والالتزام العملي، والعبادة، والطاعة، تشرك به غيره، غيره من الآخرين من الأرض، من مخلوقاته، أو شيئاً آخر، كمثل الهوى، هوى النفس.

الحالة التي تعود إلى الشرك العملي يدخل فيها: الطاعة في معصية الله:

عندما تؤثر طاعة أحدٍ، فيما هو معصيةٌ لله، فآثرت طاعته على طاعة الله، يعني: جعلت طاعته بالنسبة لك أقدم، وأهم من طاعة الله، فأنت عصيت الله، في مقابل أن تطيع ذلك الغير، هذه الحالة هي حالة من الشرك العملي.

أيضاً من حالات الشرك العملي: الشرك في التشريع:

عندما يأتي من يشرع لك ما فيه مخالفةٌ لشرع الله، فيحرم عليك ما أحل الله، أو يحل لك ما حرم الله، ويقدمه لك كحلال، سواءً كان بعنوانٍ ديني، أم بغير عنوانٍ ديني، كالعنوان القانوني، والعنوان الدستوري، أو أي عنوان آخر، عنوان تنظيمي، أي عنوان آخر، ينتج عنه هذا المحذور: فيحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، فإذا قبلت منه ذلك، واعتبرت ما أحله لك من الحرام الذي حرمه الله، اعتبرته حلالاً؛ لأنه أحله لك، أو حرمت ما أحل الله؛ لأنه حرمه، فهذه حالةٌ من الشرك، أنت أعطيته ما ليس إلا لله، حق التشريع، والحق في التحليل والتحريم، هو لله "سبحانه وتعالى"؛ لأنه المالك لنا، والمالك لكل هذا العالم، والمالك للأرض، والمالك لكل ما استخلفنا فيه، المالك الحقيقي وهو "سبحانه وتعالى" العليم بكل شيء، والحكيم، والرحيم، والعدل، هو الذي يقرر ما هو حلال، وما هو حرام، هذا حقٌ خاصٌ به، فإذا تعاملت مع غيره على أن له هذا الحق، وقبلت منه ذلك؛ فهذه حالة من الشرك العملي. وهذه الحالة هي حالة خطيرة: الشرك العملي.

من حالات الشرك العملي: حالة الرياء، حالة الرياء: عندما تعمل عملاً من الأعمال التي هي عبادة، وطاعة، وقربة إلى الله "سبحانه وتعالى"، وشرعها الله لتكون طاعةً له، وقربةً إليه، كالصلاة، كالصيام، كالجهاد، كسائر الأعمال الصالحة التي أمر الله بها وشرعها، وهي قربةٌ إلى الله "سبحانه وتعالى" نتقرب بالطاعة فيها لله "جلَّ شأنه"، فإذا أردت من أي عملٍ منها أن تتودد به إلى الآخرين، وأن تحظى بالقرب منهم، أو بالسمعة لديهم، أو بالذكر الحسن منهم، والإشادة، والذكر الجميل، أو أن يكون لك في نظرهم منزلة ومرتبة عالية، فهذه حالة من حالات الشرك.

الشرك العقائدي: هو شركٌ يخرج من الملة، يعني: من أشرك بالله "سبحانه وتعالى" من منطلق عقيدة، يعتقد في غيره أنه إله، فهذا هو شركٌ يخرج من الملة، شرك يعتبر شركاً كاملاً؛ لأنه انحرف بالإنسان بشكلٍ كلي، حينها لا يمكن أن يكون الإنسان مؤمناً بالله "سبحانه وتعالى"، ومسلماً، هذا شرك يخرجه من الملة.

 

الشرك في الواقع العملي: أيضاً هو جرمٌ عظيم، وذنبٌ كبير، وهو في مقدمة الذنوب.

 

الشرك في كل أحواله: على المستوى العقائدي وما تبعه من عمل، وعلى المستوى العملي، هو أكبر الذنوب وأعظمها، ولهذا يأتي في أول القائمة، في أول قائمة المحرمات، التي حرمها الله "سبحانه وتعالى"، وما يترتب عليه هو أشياء سيئة جداً.

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الحادية عشرة 1442هـ