أبو زيد الهلالي
وعلى قاعدة: “من لم يعرفِ الماضيَ لن يقدِّرَ الحاضرَ ويرسُمَ المستقبل”.
أطلَّ قائدُ الثورة في خطابه الأخير ليستحضرَ في الذهنية الشعبيّة التي كادت أن تكونَ مثقوبةً، ما قبل الثورة التي جاءت من واقع المعاناة، فكانت ضرورةً فرَضَها التدخُّلُ الأمريكي المتصاعِدُ بلا حدود، مصادِراً لسيادة وحرية واستقلال بلدنا وخلخلة الاستقرار الأمني والاقتصادي، ولم يكتفِ بكل ذلك وحسب، بل وعمد إلى تدمير سلاح الجيش اليمني، ودمّـر حينها أكثرَ من أربعين طائرة، وَفجَّر أسلحةَ الدفاع الجوي وغيرها، ومع كُـلّ هذا وذاك قام بتفكيك وهيكلة الجيش حتى يتسنى له النيلُ من فريسته.
فلم يكن لسانُ حالِ اليمن حينها: “للبيتِ رَبٌّ يحميه”، بل لليمن ثورة تغنيه، ميّزها حضورُ صوتِ الشعب كُـلّ الشعب فيها ومطالبها العادلة التي كانت جامعةً وصادقة وراقية حملت في طياتها كُـلَّ معاني العزة وعكست حكمةَ اليمن، قيادةً وشعبًا، جسدها الثوارُ الأحرارُ في تأمينهم للعاصمة تأميناً راقياً ولم يشهروا سيفاً في وجه خصومهم، بل كانوا خيرَ من دعا للسلم وخيرَ مَن نادى للشراكة في قيادة الدولة، نعم هي الثورة الحق التي لم تموَّنْ من الخارج حتى تتأقلمَ معه بل كان مددُها ودعمُها من الإسهام الشعبي ودور القبائل اليمنية.
وفي الذهنية أسئلة استبق القائدُ السائلَ مجيباً عَمَّا أنجزته الثورة، فكانت هُــوِيَّة اليمن الإيمَـانية هي على طليعة المنجزات وعلى فطرة حب الحرية، فقد كانت الثورة هي صانعة الحرية والاستقلال والأمن وتعزيز الاستقرار الاجتماعي بحل المشاكل القبلية.
وللجيش حضورٌ في منجزات الثورة فقد كان من أولويات الثورة هو إعادة بناء الجيش والأمن على أُسُسٍ صحيحة وإيمَـانية والوصول إلى مرحلة التصنيع العسكري الذي لم تصل إليه الكثير من الدول العربية، وفي اليمن بعد الثورة كانت هيئة الزكاة حاضرة وثمرتها ملموسة.
ومن شُعلةِ الثورة كانت قضية فلسطين حاضرة في الشعب اليمني ولن تغيبَ.
وعلى أَسَاس أن الحِفاظِ على الثورة أهم من الثورة نفسها، رسم قائد الثورة استحقاقات الحاضر والمستقبل في التحَرّك المُستمرّ لمعالجة الأخطر، فالأخطر كانت مواجهة العدوان والدفاع عن هذا الشعب في المقدمة ويعقبها العمل وباستمرار على تصحيح مؤسّسات الدولة والسعي المُستمرّ للوصول إلى نهضة حضارية وثورة زراعية؛ للوصول إلى اكتفاء ذاتي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
ولكل هدف عوائقُ ومعرقلاتٌ لن تثنيَنا عن تحقيق الأهداف، ولكنها ستؤخر الإنجاز، فحجمُ العدوان علينا كبيرٌ ومساحة الأرض المحتلّة واسعة والحصار وقلة الإمْكَانات وإرث وتعقيدات الماضي ومع كُـلّ ذلك بروزُ الطموح والرغبات الشخصية وتبايُنُ الكثير من المقترحات والأفكار.
ومن التحديات تُصنَعُ الفُرَصُ، وبعيدًا عن اليأس سنواصل وكلنا أملٌ مع عمل بوعيٍ وإخلاص وحكمة ورشد وتوكُّل على الله وصبر والله مع الصابرين.